أصيلة المغربية تحتفي بجائزة الشيخ زايد للكتاب.. وتناقش أثر الجوائز على التنمية الحضارية

مشاركون في ندوة عنها يجمعون على أن الثقافة العربية تمر بمحنة حقيقية

الشيخ حامد بن زايد بن سلطان آل نهيان، مدير ديوان ولي عهد أبوظبي، يتوسط محمد بن عيسى أمين عام مؤسسة منتدى أصيلة، وبن سالم حميش وزير الثقافة المغربي، خلال الجلسة الافتتاحية لندوة «جائزة الشيخ زايد للكتاب والتواصل الثقافي الكوني»، مساء أول من أمس بأصيلة (تصوير: أسامة محمد)
TT

أجمع المشاركون في ندوة «جائزة الشيخ زايد للكتاب والتواصل الثقافي الكوني»، المبرمجة في إطار فعاليات موسم أصيلة الثقافي الدولي، في دورته الحادية والثلاثين، على أهمية الدور التحفيزي الذي تلعبه مؤسسات الجوائز، في الدفع بالفعل الثقافي في الوطن العربي، في سبيل إعلاء راية الأدب العربي على المستوى العالمي وإحياء التراث العربي العريق، من خلال تشجيع المبدعين والمفكرين في مجالات المعرفة والفنون والثقافة العربية والإنسانية، وتكريم الشخصيات الأكثر عطاء وإبداعا وتأثيرا في حركة الثقافة العربية، وحث الموهوبين على العطاء الفكري.

وأكد الشيخ حامد بن زايد آل نهيان، رئيس ديوان ولي عهد أبوظبي، خلال الجلسة الافتتاحية للندوة، أن دولة الإمارات العربية المتحدة تؤمن إيمانا قويا بأن الحوار الثقافي هو أساس رفعة الحضارات وتقدمها، متمنيا أن يكون إسهام أبوظبي في موسم أصيلة الثقافي الدولي فاعلا ومكملا للجهود الدؤوبة لمؤسسة منتدى أصيلة في خدمة مسيرة التنمية الحضارية، مشيرا إلى أن جائزة الشيخ زايد استقت جوهرها من رؤية الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.

من جهته، أكد محمد بن عيسى، أمين عام مؤسسة منتدى أصيلة، على قيمة وأهمية «الاحتفاء والتعريف بإحدى أهم الجوائز الثقافية ذات الصيت العلمي والعالمي، قيمة معنوية ومادية»، مشددا على أن الاحتفالية «لن تقتصر على إبراز القيمة الثقافية المشهود بها للجائزة، بل لملامسة مدى التقدير والعرفان الدائم الذي يتمتع به الأب المؤسس، الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ليس بين المشتغلين بالثقافة وأهلها وحدهم، وإنما بين بسطاء الناس في أنحاء العالم العربي».

ورأى بن سالم حميش، وزير الثقافة المغربي، أن جائزة الشيخ زايد تبقى حديثة العهد، ما دام تم إنشاؤها في عام 2006، غير أن «شهرتها ذائعة وحقولها متنوعة». ورأى حميش أن البعد التحفيزي هو المطلوب من مؤسسات الجوائز، مشددا على أن مثل هذا التقليد المحمود من شأنه أن يرقى بهم صعودا وبالثقافة بكل تجلياتها.

وتحدث حميش عن العمل الذي يتم على مستوى المغرب، فيما يتعلق بالجوائز، فقال إنه يوجد ضمن خلية للتفكير تشرف عليها زليخة نصري، مستشارة العاهل المغربي، الملك محمد السادس، تروم خلق دينامية التنافس بين الباحثين والمفكرين في شتى الحقول والميادين.

وبعد أن عدد الجوائز المغربية، أكد حميش أنه آن الأوان لإخضاع تلك الجوائز للعقلنة والترشيد لكي يعطي المتبارون أحسن ما لديهم.

وقال راشد صالح العريمي، الأمين العام لجائزة الشيخ زايد للكتاب، إن الشيخ زايد كرس اهتمامه لنهضة الدولة والسمو بالإنسان، وأنه كان يؤمن إيمانا عميقا بالدور الكبير الذي يجب أن تؤديه الثقافة في رفعة المجتمع وتقدمه، فكانت هاجسه الذي أخلص له وأعطاه من جهده ووقته بسخاء لتحقيقه، إيمانا منه بأن العلم والثقافة والمعرفة هي الأساس المتين لتقدم الأمم وحجر الزاوية في الحضارة ومرتكز بناء الإنسان.

وأشار العريمي إلى أن الجائزة بدأت بخطى صغيرة لكنها كانت فعالة ومؤثرة، حيث اجتمع أعضاء الهيئة الاستشارية، وصاغوا سياسات الجائزة وأهدافها إيمانا بثراء الثقافة العربية وغناها بأعمال لا بد من إبرازها لإعلاء راية الأدب العربي على المستوى العالمي، وإحياء التراث العربي العريق من خلال تشجيع المبدعين والمفكرين في مجالات المعرفة والفنون والثقافة العربية والإنسانية، وتكريم الشخصيات الأكثر عطاء وإبداعا وتأثيرا في حركة الثقافة العربية، وحث الموهوبين على العطاء الفكري، والمساهمة في تشجيع النشر العربي، وحث الناشرين على تقديم كل ما يسهم في الارتقاء بالعقل العربي ويرفد الثقافة العربية بما هو جديد ومميز ومواكب لقضايا العصر، والمساهمة في الارتقاء بالإنتاج الإبداعي في مجالات التقنية والاستفادة منها في تطوير الثقافة والتعليم في الوطن العربي، وتنشيط حركة الترجمة الجادة، والاهتمام بأدب الطفل العربي وحض الكتاب المختصين على طرق المجالات الإبداعية التي تسهم في تنمية عقل الطفل العربي وإنارة وعيه من أجل خلق جيل واع لقضايا العصر، بالإضافة إلى دفع المبدعين والمفكرين إلى التنافس في خلق المشاريع الإبداعية والأطروحات الفكرية المتحققة في مؤلف مميز.

ومنذ انطلاق دورتها الأولى، يقول العريمي، لاقت الجائزة استقبالا منقطع النظير، وسجلت نفسها كإحدى أكبر الجوائز العالمية قيمة – معنويا وماديا. وأكد العريمي أن الجائزة نجحت، على مر السنوات الأربع الماضية، في بناء جسور التواصل مع المجتمعات العالمية من خلال المشاركة في معارض الكتب العالمية وإبراز الجائزة وأهدافها ورعاية الكثير من الندوات والحوارات في كثير من المواضيع الثقافية المهمة التي تناقش قضايا المجتمع الثقافي والأدبي العربي وتسهم في توسيع رقعة انتشار الجائزة إقليميا وعالميا.

وشدد العريمي على أهمية هذه الأهداف في ظل واقع ثقافي عربي يمر بمحنة حقيقية بدت واضحة بشكل أوسع بعد صدور تقارير دولية صادرة عن مؤسسات عربية وأجنبية تلقي الضوء على وضع الكتاب وحالة القراءة عموما. فبعدما كانت الأمة العربية، يقول العريمي، منارة تشع أدبا وثقافة ومنبرا علميا وأدبيا، نسيت أو تناست الإرث الثقافي الثمين وهجرت الكتاب والقلم. وأكد العريمي أن هذا الواقع جر صناعة الكتاب في العالم العربي إلى أدنى مستوياتها، حيث تشير الإحصاءات إلى أن كتابا واحدا فقط يصدر لكل 12 ألف مواطن عربي سنويا، بينما هناك كتاب يصدر لكل 500 إنجليزي، ولكل 900 ألماني في الفترة نفسها.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن التقارير تشير إلى واقع يدعو إلى التحرك قدما نحو التطوير المستمر، حيث إن معدل القراءة في العالم العربي كله لا يتجاوز 4% من معدل القراءة في المملكة المتحدة وحدها، وهذا يدل على ما تواجهه المؤسسات العربية التي تعنى بالثقافة العربية من تحديات في عملية نشر المعرفة في الوطن العربي، وإن إرساء قواعد المجتمع المعرفي العربي يكمن في رعاية واعية وهادفة لعناصر نشر المعرفة في المنطقة العربية، وهذا يلخص ما نسعى إليه في جائزة الشيخ زايد للكتاب.

وعبر العريمي عن أمله في أن تتبلور الجهود بتغيير، ولو صغير، في الوضع الراهن للكتاب العربي وصناعته، لما في ذلك من ترجمة لرؤية الشيخ زايد، في دعم الثقافة والأدب.