الحريري ينتظر رد عون على دعوته للقائه.. والأكثرية تؤكد غدا على وحدتها

سامي الجميل يعلن لبنان «وطنا فاشلا» ويدعو الأمم المتحدة لوضع اليد عليه

رئيس الجمهورية ميشال سليمان مستقبلا الوزيرة بهية الحريري في قصر بعبدا أمس (تصوير: دالاتي ونهرا)
TT

مع دخول الأزمة الحكومية في لبنان شهرها الثالث، ظهرت أمس بوادر أمل ضئيلة بعد المبادرة التي وجهها رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري للنائب ميشال عون لعقد لقاء في القصر الجمهوري في بعبدا أو في المجلس النيابي. ولم يعد مستوى السجال مرتبطا بالحقائب المطلوبة أو بعودة صهر عون وزير الاتصالات جبران باسيل إلى الوزارة، ليدور حول إمكان اجتماع الرجلين ومكان الاجتماع. وكان متوقعا أن يتم اللقاء خلال الإفطار الذي دعا إليه رئيس الجمهورية الثلاثاء المقبل، إلا أن إعلان عون عدم مشاركته في الإفطار قطع الطريق على هذا التوقع. وقال آلان عون، النائب في «تكتل التغيير والإصلاح»، إن «عون اطلع على المبادرة التي أعلن عنها الحريري، وسيرد عليه». كما كشف أن «رئيس الجمهورية ميشال سليمان اتصل بعون وجرى نقاش حول المبادرة».

وفي حين تشير أجواء رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى أنه قد يعلن موقفا أو مبادرة لكسر الجمود وتفعيل تشكيل الحكومة، خلال الاحتفال السنوي بذكرى غياب الإمام موسى الصدر، مساء غد الاثنين، تكتفي مصادر مواكبة للرئيس المكلف بعبارة «الأفق مسدود» لدى سؤالها عن مسيرة التشكيل، وذلك بسبب «الشروط التعجيزية الداخلية التي تغطي رغبات إقليمية لا يقتصر أفقها على لبنان». وتؤكد المصادر أن «هذه الشروط لن تضعف الرئيس المكلف الذي يسعى إلى حكومة وحدة وطنية من دون أي تنازل عن الأولويات المتعلقة بالأكثرية النيابية التي أولاها اللبنانيون ثقتهم». ولعل «الأفق المسدود» هو ما دفع بالأكثرية النيابية إلى الدعوة لعقد اجتماع غد برئاسة الحريري. ويفترض أن يضم الاجتماع 68 نائبا، من بينهم نواب اللقاء الديمقراطي الذي يرأسه وليد جنبلاط، في حين لم يتأكد حضور رئيس الحكومة السابق النائب نجيب ميقاتي والنائبين أحمد كرامي وميشال المر. ويقول النائب في تكتل «لبنان أولا» عقاب صقر لـ«الشرق الأوسط»: «يشارك في الاجتماع النواب المنتمون إلى قوى 14 آذار، وفي الشكل، سيكون حضورهم رسالة واضحة بأن الأكثرية يد واحدة متضامنة لدعم الرئيس المكلف والتأكيد على الطائف والاتفاق على كيفية التعامل مع المرحلة المقبلة وما يمكن أن تحمل من تهديدات وأخطار». ويضيف «أما في المضمون فاللقاء سيؤكد أن الأكثرية النيابية المجتمعة تقف صفا واحدا خلف الرئيس المكلف، وتوافق على كل ما يحمله من طروحات لتأليف الحكومة، سواء لجهة التوزيع أو الحقائب أو الأسماء. كذلك لتؤكد أن تأليف الحكومة يجب أن لا يمس بالطائف وأن يحصل من دون تعنت أو إملاءات خارجية أو ابتزاز داخلي».

ولا ينفي صقر وجود عرقلة تؤخر تشكيل الحكومة وترتبط بالمحكمة الدولية الخاصة بكشف جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري. ويقول «كل المؤشرات تدل على المحكمة التي عادت إلى الواجهة. كما أن استهدافها المتزامن مع الإصرار على تسلم قوى 8 آذار وزارة الاتصالات التي ترتبط بها التحقيقات يشير إلى أن المحكمة باتت أم العقد».

وكانت تصريحات حلفاء سورية قد ربطت السلم الأهلي بالمحكمة، وطالبوا الحريري ورئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط بـ «إخراج لبنان من دوامتها». أما تصريحات مسؤولين في حزب الله فترى أن «المحكمة مسيسة». ويفترض أن يصدر المدير العام السابق للأمن العام وأحد الضباط الذين أوقفوا على ذمة التحقيق في جريمة اغتيال الحريري اللواء جميل السيد مواقف مشابهة خلال مؤتمر صحافي يعقده صباح اليوم.

وقد دعا النائب آلان عون إلى «ترك المحكمة الدولية تأخذ مجراها في إطارها، والكفّ عن توظيفها في التجاذبات السياسية المحلية». إلا أن نائب كتلة «القوات اللبنانية» أنطوان زهرا اعتبر أن عون يطالب بوزارة الاتصالات لصهره جبران باسيل انطلاقا من علاقة هذه الوزارة بالمحكمة الدولية و«أن كل الباقي تضليل». وقال إن المتضرر من كشف الحقيقة لا يريد للمحكمة أن تكون على الملأ. ولفت إلى «أن سبب التمسك بوزارة الاتصالات سياسي وأمني، والإصرار على إعطاء الاتصالات لمن هو على علاقة بحزب الله واضح للقاصي والداني أنه مرتبط بالكثير من الاستعمال للوزارة من أجل التخابر غير الشرعي»، مؤكدا أن هناك «تخابرا غير شرعي».

أما النائب سامي الجميل، وهو شقيق النائب بيار الجميل، الذي كان من بين النواب المعارضين لسورية الذين اغتيلوا، فاستغرب أن تثار قضية المحكمة الدولية بهذا الأسلوب، وقال في حديث اذاعي «المحكمة تمثل الأمم المتحدة وقد وقّع عليها لبنان، ووجدت بسبب الجرائم التي حصلت، لذلك من المعيب التهجم عليها». وأضاف «لم نعرف يوما من أمر باغتيال قادتنا في لبنان ومن حقنا الوصول إلى الحقيقة مرة واحدة. ومهما كان قرار المحكمة الدولية لا أحد يخاف منها إلا إذا كان مذنبا». أما على صعيد الحكومة فاعتبر الجميل أن «سلاح حزب الله هو ما يمنع الحريري من تأليف حكومة من الأكثرية وهو أهم ثلث معطل»، وشدد على أن «البلد اليوم هو رهينة لأننا لا نستطيع أخذ قرار وإن كان منطقيا وقانونيا وميثاقيا ودستوريا وشرعيا إن لم يكن يرضي الفريق الآخر». وسأل «في أي ديمقراطية تطالب المعارضة بوزارة الداخلية؟». وأشار إلى أن «التركيبة الحكومية لن تكون سوى تسوية جديدة تضاف إلى وطن التسويات». وفي حين أكد أن الحريري «يمثل خطا معتدلا ونحن ندعمه وسنقف إلى جانبه في مسيرة قيام دولة مؤسساتية»، اعتبر أن «تطبيق الدستور ممكن من خلال حصول الأكثرية على 24 وزيرا والشيعة على وزرائهم الستة من حركتي أمل وحزب الله لتصبح الحكومة ميثاقية وشرعية. إلا أن أمل وحزب الله لا يشاركان في الحكومة من دون النائب ميشال عون. وبالتالي فإن حزب الله بطريقة غير مباشرة يطبق المثالثة بتمثيل المعارضة كمعارضة وبالتالي بالتمسك بعون في الحكومة». ودعا الجميل إلى «إعلان لبنان دولة فاشلة وتدويله، وطالب بوضع لبنان بيد الأمم المتحدة، لأن البلد لا يمكن الاستمرار به على هذه الحال».