السعودية: فقدان 4 ملايين نخلة جراء مرض «سوسة النخيل» في المزارع

16 مليار ريال قيمة الهدر المالي فيها تكلفة لإنتاج 879 طنا من التمور سنويا

سوسة النخيل مرض يهدد إنتاج التمور في السعودية («الشرق الأوسط»)
TT

حذر خبراء زراعيون من تفشي أمراض أشجار النخيل التي من أشهرها «سوسة النخيل» نتيجة لما تسببه من هدر مالي كبير ناجم عن تلفها، الأمر الذي يقف حائلا من دون تسويق إنتاج التمور السعودية في الأسواق العالمية.

وأوضح المهندس محمد حبيب البخاري المستشار الزراعي أن إجمالي الهدر المالي بلغ نحو 16 ملياراً و 979 مليوناً و 750 ألف ريال سعودي، إذ يعد ذلك الهدر بمثابة تكلفة سنوية لإنتاج ما يقارب 879 ألف طن من التمر.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن هذه الأطنان ترمى في الأرض ويدفن منها ما نسبته 80 في المائة على الأقل، لتصل تكلفة إنتاج الطن الواحد من التمر بعد حساب قيمة الماء المستهلك في سقيها إلى حوالي 19 ألف ريال، وهو ما يعادل نحو 5150 دولاراً لكل طن، عدا عن حساب تكاليف النقل والتغليف.

وأضاف البخاري «منذ دخول مرض سوسة النخيل إلى السعودية قبل نحو 20 عاما لم تجد تلك المسألة أي حرص أو اهتمام من الجهات المختصة، لا سيما أن التجارب التي أقيمت لحلها تعتبر فاشلة في ظل الحاجة إلى بحث، مطالبا بتشكيل لجنة علمية متخصصة تعنى بدراسة نوعية تلك الحشرة وطرق مكافحتها».

وذكر أن اتباع الأسلوب القديم في القضاء على مثل تلك الأمراض يعد خاطئا، والمتضمن رش المبيدات وإعطاء موظفي الزراعة انتدابات رغم افتقادهم للبحث العلمي، ما أخر في الوصول إلى العلاج المناسب وفقدان ما بين 3 إلى 4 ملايين نخلة، إضافة إلى زيادة انتشار المرض وفقد إنتاج التمور.

وبيّن المستشار الزراعي أن أول إصابة بسوسة النخيل تم اكتشافها منذ عام 1987 في محافظة القطيف بالمنطقة الشرقية، لتنتشر الإصابات بعد ذلك في مناطق السعودية الأخرى، واصفا المرض بأنه آفة تهدد أشجار النخيل كافة.

فيما أكد سليمان الصوينع مدير الإدارة العامة للشؤون الزراعية في حائل "أن سوسة النخيل تعد أخطر الأمراض التي تصيب أشجار النخيل، خاصة أن وضع الحشرة ووجودها يقف عائقا أمام التوصل إلى العلاج المباشر باعتبار أنها تختفي من الداخل، إضافة إلى أن استخدام بعض مواد الرش من شأنه أن يتلف إنتاج التمور. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن الوقاية من ذلك المرض تكمن في الالتزام بتعليمات الحجر الزراعي الداخلي والتوقف عن نقل فسائل النخيل من المناطق المصابة إلى أي مكان خال من الإصابة، وذلك للمساهمة في إيقاف انتشاره، إضافة إلى الحصول على شهادة المنشأ من مديريات وفروع الزراعة والمياه، والتأكد من وجود ختم وزارة الزراعة على تلك الفسائل للتأكد من عدم إصابتها بسوسة النخيل. ولفت إلى أن الحرص على النظافة وإزالة الحشائش والجذوع المقطوعة وحرقها، واستخدام المصائد الضوئية لاصطياد الحفارات التي تمهد للإصابة بالسوسة وسد الفتحات الموجودة على جذوع النخيل من شأنه أن يسهم بشكل كبير في الحد من انتشار المرض.

وأفاد سعود العيد، نائب مدير عام المركز الوطني للزراعة ومساعد الشؤون الفنية، بعدم وجود استجابة لشكاوى مزارعي النخيل حيال مرض سوسة النخيل، لاسيما أن المشكلة تكمن في سلوك الحشرة نفسها.

وقال لـ«الشرق الأوسط» تم استخدام طرق عدة للقضاء عليها من ضمنها الحرق باستخدام مواد مشتعلة ومن ثم دفنها وفق عملية تسمى «المقابر»، إلى جانب تقنية جديدة تعرف بـ«الفرامات» والمكونة من أجهزة كبيرة مركبة على سيارة لفرم النخل وتحويل المنتجات إلى مواد محسنة للتربة.

من جهته أبان ناصر الخليفة أستاذ البحث في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية الحيوية والزراعية، أن الأبحاث التي أجريت على سوسة النخيل تعتبر متواضعة حتى الآن من ناحية نوعيتها والجهود المبذولة بها التي لم تعط حقها.

وقال لـ«الشرق الأوسط» حتى الوقت الحالي لم يتم التوصل إلى حل جذري وعمل يغطي الجوانب المطلوبة، الأمر الذي جعل تلك الحشرة من أخطر الآفات التي تهدد المحاصيل، مرجعا سبب انتشار المرض إلى نقل انعدام الرقابة على نقل وتداول فسائل النخيل نتيجة سوء الإدارة من أصحاب القرار في مواجهة هذه المشكلة، إضافة إلى عدم تفعيل دور الحجر الزراعي الداخلي والخارجي.