لبنان: ملف إفلاس عز الدين مرشح «لمفاجآت ثقيلة»

المبلغ يناهز المليار دولار ورجل الأعمال قدم مستندات بمصانع حديد يملكها في أوروبا وتجارة نفط بإيران

لبناني يتصفح كتبا في «دار الهادي للنشر»، إحدى مؤسسات رجل الأعمال صلاح عز الدين (أ.ب)
TT

ملف افلاس رجل الاعمال اللبناني صلاح عز الدين مرشح لمفاجآت، قد يكون بعضها من العيار الثقيل، لا سيما بعدما اتفقت معلومات من مصادر متعددة على أن اجمالي المبالغ يصل الى المليار دولار، وهي عبارة عن ودائع من أحجام مختلفة عائدة لاشخاص عاديين ورجال اعمال ونافذين حزبيين وسياسيين.

هذه الخلاصة، تقاطع تأكيدها عبر مصادر مصرفية وقضائية، فيما كانت "الصدمة" تتصاعد تباعاً في مناطق وأوساط محددة في لبنان، لا سيما الضاحية الجنوبية لبيروت والجنوب والبقاع حيث تشكلت "الشرائح المودعة" لدى عز الدين، كما ترددت معلومات عن "صدمة مماثلة في أوساط رجال اعمال دولة خليجية. وفي معلومات خاصة لـ "الشرق الاوسط"، ان البنك المركزي ولجنة الرقابة على المصارف شرفا مبكراً على تنفيذ خطة وقائية سريعة هدفت الى حصر أي ملف استثماري أو ائتماني له علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالحركة التجارية والاستثمارية لرجل الاعمال. وتبين ان الاثر محدود جداً في الجهاز المصرفي المحلي، وهي مغطاة ائتمانياً، فيما ستتم تغطية أي ملف بمخصصات موازية من باب الاستدارة في التحوط.

وأكدت مصادر مصرفية نافذة انه "في ظل الرقابة المشددة للجهاز المصرفي ذاتياً من خلال البنك المركزي ولجنة الرقابة، يصعب على أي بنك تكوين ملف ائتماني لأي كان دون وجود ضمانات أو موجودات كافية لتغطية التمويل أو الائتمان المطلوب، وهذا ما يقلص امكانية حدوث ارتدادات مصرفية داخلية لقضية عز الدين. أما الودائع، في حال وجودها، فإنها تخضع للتجميد الفوري ويتم ابلاغ البنك المركزي المخول بالتعامل المباشر مع القضاء في مثل هذه الملفات".

وكانت قضية إفلاس عز الدين حظيت باهتمام الاجهزة القضائية والأمنية في لبنان، في ظل الحجم الهائل لخسائره المالية، وما يلحقه من أضرار فادحة بمئات المودعين لديه الذين استفاقوا على هول صدمة فقدانهم جنى العمر الذي يقدر بمئات ملايين الدولارات، وكيف أن تلك الهالة المالية العملاقة التي يمثلها عز الدين انهارت بين ليلة وضحاها.

وكشفت مصادر قضائية معنية بالتحقيق في هذا الملف لـ "الشرق الاوسط" أن عز الدين هو من سلّم نفسه الى القضاء طوعاً وأعلن أنه أصيب بنكسة مالية كبرى أدت الى افلاسه، وأنه لم يعد قادراً على تسديد حقوق مئات المتمولين الذين أودعوه جنى أعمارهم بسبب الخسائر التي مني بها إما بسبب الازمة المالية العالمية وأما لخسارته التجارية في الحديد والنفط، بسبب الهبوط الحاد والمفاجئ لأسعار المادتين عالمياً. وهذا ما أدى الى اهتزاز وضعه المالي، وتوقف مصانع الحديد التي يملكها في أوروبا عن العمل. وأشارت المصادر الى ان هذا الواقع دفع بعز الدين "الى اغراء متمولين بإيداع أموالهم لديه على أن يعطيهم عائد أرباح ما بين ثلاثين وأربعين في المئة، الأمر الذي أغرى المتمولين بحجم الأرباح أولاً ولسمعة الحاج صلاح الطيبة ثانياً وهو المعروف بقربه من "حزب الله" وعلاقته الوطيدة مع قياداته ثانياً". ولفتت مصادر التحقيق الى ان عز الدين "أخذ الأموال من المودعين وراح يسدد بها بعضاً من خسائره والاعتمادات المترتبة في ذمته، لكن هذه الخسائر تفاقمت، وعندما بدأ أصحاب الأموال المودعة يطالبونه بأرباح أموالهم أدرك عجزه عن الوفاء بالتزاماته وتسديد الارباح الموعودة التي ذهبت رساميلها، فسارع الى تسليم نفسه للقضاء لاثبات أن إفلاسه قسري وليس إفلاساً احتيالياً، وقد قدم مستندات بما لديه من أشغال في الخارج من معامل الحديد في اوروبا وتجارة نفط في ايران وغيرها".

في هذا الوقت، بدأت تتكشف يوماً بعد يوم الكارثة التي لحقت بمئات المودعين لديه وتردد أنهم من أغنياء الطائفة الشيعية من أبناء الجنوب اللبناني والبقاع وضاحية بيروت الجنوبية الذين آثروا استثمار أموالهم في التجارة، ومع شخص متدين ومعروف بصدقه وأمانته مثل الحاج صلاح عز الدين كما يسمونه، وهو صاحب "دار الهادي للطباعة والنشر" وصاحب "حملة باب السلام للحاج والعمرة" اللتين تقعان في مبنى فخم في جادة السيد هادي نصر الله في الضاحية الجنوبية. وبحسب المعلومات الأولية، فإن خسائر المودعين بلغت مئات ملايين الدولارات، وبعض التقديرات ترجح أنها أكثر من مليار دولار، وتؤكد أن بين هؤلاء المودعين متمولين قطريين. وتردد أن أحد القطريين له في ذمة عز الدين 180 مليون دولار، وأن المودعين بدأوا بتكليف محامين تمهيداً لاقامة دعاوى على عز الدين لحفظ حقوقهم. في وقت أكد مصدر قضائي رفيع أنه من المبكر معرفة حجم الخسائر المالية لهذا الرجل لأن الأمر سيستغرق وقتاً ليس بقصير.