وزير الطاقة والتعدين السوداني: ارتفاع الإنتاج إلى 600 ألف برميل في اليوم بنهاية العام

بعد مرور 10 سنوات على دخول النفط السوداني مرحلة التصدير

TT

احتفلت الخرطوم، بصورة رمزية، بالعيد العاشر للنفط (بعد مرور 10 سنوات على دخول النفط السوداني مرحلة التصدير)، وانحصر في بيان مقتضب وزعه وزير الطاقة والتعدين السوداني الزبير أحمد الحسن، أعلن فيه زيادة إنتاج البلاد من البترول ليصل إنتاج الآبار العاملة بها إلى 520 ألف برميل في اليوم خلال الشهور القليلة المقبلة، فيما تتوقع تقارير في وزارة الطاقة السودانية ارتفاع الإنتاج إلى 600 ألف برميل في اليوم، بنهاية العام، بعد دخول حقول نفط جديدة دائرة الإنتاج. فيما يستمر الجدل بين شريكي الحكم في السودان، حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان، حول أرقام النفط وعائداته، حيث يتشكك مسؤولون في الحركة الشعبية حول كميات الإنتاج المعلنة.

وكان تصدير النفط السوداني دشن في احتفال كبير في 31 أغسطس (آب) عام 1999، في ميناء «بشائر» النفطي، على البحر الأحمر في شرق البلاد، حضره الرئيس عمر البشير، ورئيس البرلمان آنذاك الدكتور حسن عبد الله الترابي، معا، قبل أشهر من وقوع المفاصلة بين الرجلين.. وبدأ التصدير بـ150 ألف برميل يوميا.

ويعتقد عدد من الاقتصاديين أن أي زيادة في إنتاج البترول السوداني مهما تعاظمت وتضاعفت لن يكون لها أثر على الاقتصاد إذا ما استمرت الحكومة في تعاملها مع عائدات النفط التي تخصص للصرف على الأمن والدفاع، غير أن المسؤولين في الحكومة يرون أن النفط هو الذي أتى بمشروعات التنمية الكبرى في البلاد، مثل سد مروي للمياه على نهر النيل.

ويقول المدافعون عن النفط السوداني إنه على الأقل مزق فاتورة استيراد النفط، وقضى على طوابير طويلة كانت تشهدها البلاد بصورة يومية في سبيل الحصول على حصص النفط للسيارات من محطات خدمة الوقود. ويشكل النفط مع بداية تصديره نسبة 90% من صادرات البلاد، ونحو 50% من إيرادات الميزانية.

وحسب تقارير وزارة المالية فإن سعر برميل النفط السوداني «مزيج النيل» بلغ في النصف الأول من ميزانية هذا العام 35 دولارا، فيما كان تصدير النفط بواقع 8 دولارات للبرميل في الذكرى الأولى لتصديره، وبلغ أعلى رقم لتصديره في عام 2008، حيث وصل إلى 147 دولارا للبرميل.

وقال وزير الطاقة السوداني في بيانه المقتضب بهذه المناسبة إن الاستكشاف يجري الآن في مربع 8 بولاية «سنار»، وسط البلاد، وسيبدأ بولاية البحر الأحمر مطلع العام المقبل.

وكان السودان قد دشن قبل شهرين إنتاج كميات من الغاز الطبيعي في حقل «توكل» في منطقة «الدندر» في ولاية «سنار». ويقول المسؤولون في وزارة الطاقة إن إنتاج «توكل» من الغاز سيتم استهلاكه محليا لتوليد الطاقة الكهربائية. ولم تقدم الوزارة أرقاما حول كميات الإنتاج من هذا الحقل الذي يعتبر الأول من نوعه لإنتاج الغاز الطبيعي. وتعهد الوزير بدعم كليات النفط بالسودان بتوفير 10 فرص لدراسة الماجستير وفرصتين للدكتوراه للمتفوقين بكليات النفط، وإنشاء مركز لغسيل الكلى بأحد أحياء العاصمة القومية.

ويتولى إنتاج النفط في السودان «كونسورتيوم» مكون من 4 شركات هي: «سودابت» (حكومية) بنسبة 5%، و«الشركة الوطنية الصينية للنفط» بنسبة 40%، وشركة «بتروناس» الماليزية بنسبة 25%، و«الشركة الوطنية الصينية» 30%، ودخلت الأخيرة الكونسورتيوم في عام 2005 بعد خروج شركة «تلسمان» الكندية، عن الكونسورتيوم بضغوط وتهديدات من الولايات المتحدة الأميركية، التي تفرض عقوبات على الشركات التي تتعامل مع السودان. وأغلب النفط، مع بداية الإنتاج، في جنوب السودان، فيما يتجمع الإنتاج في منطقة «هجليج» في جنوب كردفان، قبل أن ينتقل عبر خط أنابيب بطول 1610 كيلومترات إلى ميناء «بشائر» على البحر الأحمر، وتعتبر هجليج المركز الرئيسي لإنتاج النفط في البلاد، وهناك حقول في ولاية الوحدة في مربعات «1، 2، 4»، ومربعين في ولاية جنوقلي، والمربعين «3، 7» في مناطق عدارييل، وحقول جديدة في «دفرة» و«الفولة». وأنشأ السودان مصفاة للنفط في منطقة «الجيلي» شمال الخرطوم بطاقة «1000» برميل في اليوم، وتجري الآن الأعمال لتوسعتها لتسع «2000» برميل في اليوم.

في غضون ذلك، قال البروفسور عصام بوب الخبير الاقتصادي السوداني إن كل الدلائل والإرهاصات تقول إن السودان موعود بزيادة حجم إنتاجه من البترول، وإن استكشافات البترول ستطال الأقاليم الشمالية بما فيها إقليم دارفور الملتهب، واستدرك: «غير أن هذا لا يعني بالضرورة أن تصل الآثار والعوائد المادية والمالية إلى المواطن السوداني البسيط ما لم تغير الحكومة سياساتها تجاه صرف وتوزيع أموال البترول».

وقال إن السودان مجابه بكثير من المنهكات الاقتصادية تتمثل في النزاعات والحروب التي تكتنف كثيرا من أجزائه التي لازمتها ترضيات سياسية استوجبت بذلك أموالا طائلة كان بالإمكان توجيهها إلى القطاعات الإنتاجية والمشاريع الخدمية من تعليم وصحة. وأضاف أن التداخلات السياسية مع الحركة الاقتصادية دائما ما تظهر كلما حقق الاقتصاد السوداني نصرا وإنجازا، وليست المضايقات التي يتعرض لها السودان من قبل الغرب والولايات المتحدة الأميركية على وجه الخصوص إلا خير دليل.

وطالب الخبير الاقتصادي السوداني بتوجيه جل عائدات البترول للزراعة نسبة لما يمتلكه السودان من مقومات تمكنه أن يكون عملاقا اقتصاديا بالمنطقة لو أحسن استغلالها، وقال «إن الوعي زاد وسط قطاعات الشعب السوداني بفضل انتشار التعليم، الأمر الذي جعل كل فرد يدري أين تكمن مصلحته، والكل أصبح يدرك أهمية التنمية وحصوله على الخدمات الأساسية من تعليم وصحة وخلافه، وبالتالي زادت التوعية بضرورة التنمية التي يعد البترول أكبر معاولها، فالاتفاق على استكشاف البترول يتطلب تعاون الكثير من الدول معنا لفك الحصار المفروض».