روسيا تتهم بولندا بالتخطيط لتقسيم الاتحاد السوفياتي قبل انهياره بنصف قرن

تبادل الاتهامات بين البلدين في ذكرى الحرب العالمية الثانية

TT

نشرت روسيا وثائق من أرشيفها تظهر، كما تقول، حصة بولندا من المسؤولية عن اندلاع الحرب العالمية الثانية، وتتهمها بالتخطيط لتقسيم الاتحاد السوفياتي قبل انهياره بنصف قرن. وجاء هذا تزامناً مع إحياء القادة الأوروبيين الذكرى السبعين لبداية هذه الحرب.

وقال الجنرال في المخابرات الخارجية الروسية ليف سوتسكوف أول من أمس «من المؤكد أن جزءا من المسؤولية عن اندلاع الحرب العالمية الثانية يقع على عاتق بولندا، وهذا ما يجعلهم يسعون إلى تشويه الوقائع التاريخية. بقراءة هذه الوثائق، نشعر انه كان على بولندا أن تفعل أكثر بكثير لإقامة نظام امن جماعي».

وأصدر الجنرال سوتسكوف مؤخراً كتابا بعنوان «أسرار هيئة الأركان العامة البولندية 935-1945» تحدث فيه عن وثائق بولندية وقعت بحوزة الاتحاد السوفياتي بعد تحقيق النصر على ألمانيا النازية ومصادرته للكثير من وثائق أرشيفها ومنها الوثائق البولندية التي كانت القوات الألمانية استولت عليها خلال سنوات الحرب العالمية الثانية.

وقال الجنرال إن المخابرات البولندية أسست في العاصمة الفرنسية باريس في عام 1926 منظمة أطلقت عليها اسم «بروميثيوس» الذي يعود تاريخه إلى عام 1904 حين حاول احد زعماء بولندا يوسف بيلسودسكي تجنيد الأجانب خلال الحرب الروسية ـ اليابانية للنيل من القدرات العسكرية للإمبراطورية الروسية وهو ما عرف لاحقا تحت اسم «مذهب بروميثيوس».

وتشير الوثائق إلى أن رئاسة الأركان البولندية كانت تشرف على نشاط المنظمة من وارسو بما في ذلك توجيه المجندين والعملاء الذين استقطبتهم من أوكرانيا وما وراء الفولجا ومن تركستان تحت اسم «المناضلون ضد البلشفية» وهو ما حصل الاتحاد السوفياتي على قرائن إثباته من خلال رجاله في وزارة الخارجية ورئاسة الأركان البولندية.

وجاء نشر الكتاب في سياق الجدل المحتدم بين روسيا وبولندا حول مسؤولية الأولى تجاه ما تسميه الثانية باجتياح قوات هتلر للأراضي البولندية منذ سبعين عاما في أولى سنوات الحرب العالمية الثانية.

وقال المؤلف إن هزيمة واحتلال بولندا ليس سوى نتيجة للسياسات القصيرة النظر للقيادة البولندية التي سبق ورفضت المشاركة في التحالف المضاد لألمانيا هتلر في عام 1939 بل وتحالفت معها وشاركت بعض قواتها في احتلال أجزاء من تشيكوسلوفاكيا المجاورة. وكشف الجنرال الروسي عن عقم سياسات القيادة البولندية الراهنة التي تواصل اتهاماتها لروسيا وتحاول تحميل الاتحاد السوفياتي السابق مسؤولية إشعال فتيل الحرب العالمية الثانية.

وكان الرئيس البولندي ليخ كاتشينسكي قد استغل مناسبة احتفالات زعماء أوروبا أول من أمس في غدانسك البولندية لمعاودة توجيه مثل هذه الاتهامات إلى روسيا في نفس الوقت الذي كانت تقف فيه إلى جواره المستشارة انجيلا ميركيل ممثلة ألمانيا المسؤولة الأولى والوحيدة عن إشعال نيران الحرب العالمية الثانية. وأشار كاتشينسكي في خطابه الذي افتتح به هذه الاحتفالات إلى «وجوب التخلي عن الغطرسة الإمبراطورية ولو عن طريق التخلي الجزئي عما يسمى بمناطق النفوذ» في تلميح هو اقرب إلى التصريح حول روسيا. وأشار كاتشينسكي أيضا إلى ما وصفه بغزو روسيا للأراضي الجورجية في إشارة إلى تصدى القوات الروسية لغزو القوات الجورجية لاوسيتيا الجنوبية في أغسطس (آب) من العام الماضي. وإذا كان فلاديمير بوتين رئيس الحكومة الروسية الواقف على مقربة ضمن ضيوف الاحتفال غض النظر عن هذه الإشارة، فانه لم يكن ليغفل الرد على الاتهام الأول حيث سارع بدحضه في كلمته بقوله إن 53 ألف جندي سوفياتي استشهدوا دفاعا عن غدانسك فيما لقي حتفه دفاعا عن الأراضي البولندية 600 ألف جندي سوفياتي جرى دفن رفاتهم في الأراضي البولندية.

وقال بوتين إن الاتحاد السوفياتي فقد ما يزيد عن نصف إجمالي عدد ضحايا الحرب العالمية الثانية الذي بلغ 55 مليونا !. وطالب رئيس الحكومة الروسية الجميع بضرورة الاعتراف بالخطأ مثلما فعلت بلاده التي اصدر برلمانها مرسوم إدانة وثيقة مولوتوف ـ روبينتروب (وزيرا خارجية الاتحاد السوفياتي وألمانيا النازية) التي نصت على تقسيم أوروبا مشيرا في الوقت نفسه إلى ضرورة عدم إنكار دور موسكو في سقوط جدار برلين معيدا إلى الأذهان ما قامت به بولندا حين دفعت بقواتها إلى أراضي تشيكوسلافاكيا المجاورة لتحتل بعضا منها إبان أولى سنوات الحرب العالمية الثانية وهو ما اضطر الرئيس البولندي إلى الاعتراف بخطأ ارتكابه من جانب بلاده.