العلاقات المغربية ـ الليبية تتعرض لانتكاسة جديدة بعد انسحاب وفد المغرب من احتفالات ثورة سبتمبر

الرباط اعتبرت «حادثة منصة الاحتفالات» مفاجئة وغير ودية وتتطلب إيضاحات من طرابلس

الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي يتابع العرض العسكري أول من أمس في طرابلس وقد وضع يده على كتف الرئيس السريلانكي ماهيندا رجابكس، وبدا بجانبهما الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة (ا ف ب)
TT

تعرضت العلاقات المغربية ـ الليبية إلى انتكاسة جديدة عقب انسحاب وفد رسمي مغربي من احتفالات ليبيا بالذكرى الأربعين لوصول الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي إلى الحكم. وانسحب المغاربة احتجاجا على حضور محمد عبد العزيز، الأمين العام لجبهة البوليساريو في الاحتفالات. وعاد الوفد الذي يترأسه عباس الفاسي رئيس الوزراء، أول من أمس، إلى بلاده. واعتبرت الرباط حضور رئيس ما يسمى بـ«الجمهورية الصحراوية» الاحتفالات أمرا «مفاجئا وغير ودي»، وطلبت من طرابلس تقديم توضيحات حول هذا الأمر، بيد أن الليبيين يقولون إن محمد عبد العزيز حضر إلى ليبيا على اعتبار أن «الجمهورية الصحراوية» عضو في الاتحاد الأفريقي، الذي عقد قمة استثنائية بمناسبة الاحتفالات في طرابلس، وهي القمة التي عقدت في العاصمة الليبية يوم الاثنين الماضي.

وتقول الرباط إنها لم تتلق بعد أي إيضاحات حول ما حدث، مشيرة إلى أن المغرب تلقى ضمانات بعدم مشاركة جبهة البوليساريو في الاحتفالات عندما زار أحمد قذاف الدم، مبعوث الزعيم الليبي الرباط، وحمل دعوة ليبية إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس. وكانت ليبيا تأمل في مشاركة الملك محمد السادس شخصيا في الاحتفالات على غرار قادة دول المغرب العربي الآخرين، بيد أن المغرب قرر أن يمثل في الاحتفالات بوفد يرأسه عباس الفاسي رئيس الوزراء، ويضم محند العنصر، وزير الدولة (منصب يعادل نائب رئيس الوزراء)، الذي يقوم بأول مهمة رسمية له منذ دخوله الحكومة في أواخر يوليو (تموز) الماضي، والطيب الفاسي الفهري، وزير الخارجية والتعاون. يذكر أن الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، والرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، والرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز شاركوا في الاحتفالات. وكان العاهل المغربي بعث ببرقية اشتملت على عبارات مفعمة بالمودة إلى العقيد القذافي قبل «حادثة منصة الاحتفالات».

وأشار العاهل المغربي فيها إلى أنه قرر إيفاد وفد «رفيع المستوى» لتمثيله في احتفالات طرابلس. وأعرب عن استعداده «مواصلة العمل من أجل تعزيز علاقاتنا الثنائية المتميزة، والرقي بها إلى مستوى شراكة نموذجية تشكل دعامة أساسية لبناء اتحاد مغربنا العربي على أسس متينة وسليمة قائمة على روابط الأخوة وحسن الجوار». كما نوه في البرقية بحرص العقيد القذافي «على احترام الثوابت والخصوصيات الوطنية للدول المغاربية الخمس».

وبالتزامن مع انسحاب الوفد الرسمي المغربي، انسحبت كذلك فرقة عسكرية مغربية رمزية من المشاركة في الاستعراض العسكري، رغم أنها شاركت في التدريبات.

وكانت فرقة من الخيالة المغاربة (فرسان) شاركت الليلة قبل الماضية مع فرق أخرى من ليبيا وتونس والمغرب ومصر وأوكرانيا في حفل ساهر أقيم بمناسبة احتفالات أول سبتمبر. إلى ذلك، علم أن الوفد المغربي انسحب من المنصة بعد بدء الاستعراضات، وذلك حين علم أن الأمين العام لجبهة البوليساريو يوجد في المنصة. وكانت وكالة الأنباء المغربية بثت خبرا عصر أول من أمس يشير إلى حضور الوفد المغربي الاحتفالات بيد أنها عادت وطلبت من مشتركيها اعتبار الخبر لاغيا. ونسبت قبل ذلك إلى مصادر ليبية نفيها لتصريح يقول فيه العقيد القذافي «إن الحل الوحيد الممكن لقضية الصحراء يمر عبر إجراء استفتاء لتقرير المصير». وقالت الوكالة المغربية إن ما أعلنته جبهة البوليساريو في هذا الصدد «لا أساس له من الصحة».

يشار إلى أن مسار العلاقات المغربية ـ الليبية ظل دائما في صعود وهبوط. وكانت طرابلس استدعت في يونيو (حزيران) الماضي سفيرها في الرباط، محمد أبو القاسم الزوي، احتجاجا على ما نشرته بعض الصحف المغربية من مقالات وتقارير اعتبرتها السلطات الليبية تمس بكرامة العقيد القذافي، ورفع مكتب الأخوة العربي في الرباط (السفارة الليبية) دعوى قضائية ضد ثلاث صحف هي «الأحداث المغربية» و«المساء» و«الجريدة الأولى» أمام المحاكم المغربية التي أصدرت حكما بفرض غرامة عليها بلغت في مجموعها ثلاثة ملايين درهم مغربي (حوالي 380 ألف دولار) بعد أن أدانتها بتهمة «المس بشخصية رئيس دولة»، وأثار ذلك الحكم غضب الصحافة المغربية التي اعتبرته يحد من حريتها.

وكان البلدان يأملان أن تؤدي مشاركة المغرب في احتفالات ثورة سبتمبر إلى طي صفحة الفتور في علاقات البلدين، مما يقود إلى عودة السفير الزوي إلى الرباط لاستئناف مهامه، بيد أن «حادث منصة الاحتفالات» دفع الأمور باتجاه التوتر من جديد.