السودان: الجـنوب يوحد الشمال.. ويدعو لمؤتمر «القضايا السـاخنة» في جوبا

تشارك فيه أكثر من 40 كتلة سياسية إضافة إلى الحركات المسلحة في دارفور وحزب البشير

رئيس وزراء السودان الأسبق زعيم حزب الأمة المعارض الصادق المهدي لدى وصوله إلى جوبا عاصمة جنوب السودان، في زيارة هي الأولى له منذ 20 عاما (أ.ف.ب)
TT

حددت الحركة الشعبية لتحرير السودان، ثاني أكبر شريك في الحكم في السودان، والحاكمة في الجنوب، يوم الجمعة المقبل، الحادي عشر من الشهر الحالي، كموعد لانعقاد مؤتمر القوى السودانية، المعارضة والحاكمة، لمناقشة قضايا الوطن الساخنة، ومن بينها قضية دارفور، والتحول الديمقراطي، والاستفتاء على تقرير مصير جنوب السودان، ومسار تنفيذ اتفاقات السلام في البلاد. ومن المقرر أن تشارك جميع القوى السياسية السودانية، وعددها أكثر من 40 حزبا، بالإضافة إلى المؤتمر الوطني الحاكم بزعامة الرئيس عمر البشير، وكذا فصائل دارفور المسلحة. ويعد المؤتمر أول بادرة جنوبية، تجاه توحيد، القوى السياسية الشمالية والجنوبية.

وقال الناطق باسم الحركة الشعبية ين ماثيو لـ«الشرق الأوسط»، إن دعوات مكتوبة وجهت لكل القوى السياسية السودانية داخل الحكومة وخارجها في المعارضة، والقوى السودانية خارج البلاد، بما فيها حركات دارفور المسلحة. وكشف أن الدعوة إلى حزب المؤتمر الوطني سلمها نائب رئيس الحركة الشعبية الدكتور رياك مشار، إلى الرئيس عمر البشير، باعتباره رئيس حزب المؤتمر الوطني. وردا على سؤال حول مدى استجابة القوى السياسية للدعوة، قال ماثيو إن الحركة لم تتلق حتى الآن أي اعتراض من أي جهة في الداخل أو الخارج. وحول مشاركة حزب المؤتمر الوطني، قال الناطق باسم الحركة، «لم نتلق أي اعتراض من الرئيس عمر البشير، أو من حزبه، إلا بعض التصريحات المتضاربة من بعض عناصر الحزب، «ولكن لا نأخذ بها باعتبارها غير رسمية». ونوه إلى أن القوى السياسية في الأصل مشاركة في التحضيرات للمؤتمر عبر ممثلين لها، وقال إن الصادق المهدي، رئيس حزب الأمة الذي وصل أمس إلى جوبا وهو مشارك أصيل في التحضير للمؤتمر. وقال ماثيو، إن الغرض من المؤتمر مناقشة قضايا البلاد الساخنة والملحة، وهي كثيرة من بينها «التحول الديمقراطي وتقرير المصير، والانتخابات وقضية دارفور»، وحسب الناطق فإن الحركة الشعبية ستكون رهن شارة القوى السياسية، التي ستصل إلى جوبا للمشاركة في المؤتمر. من جهته قال باقان أموم، الأمين العام للحركة في مؤتمر صحافي، إن اجتماع مدينة «جوبا» عاصمة الجنوب، للقوى السياسية السودانية سيكون في الفترة من 11 إلى 15 من سبتمبر (أيلول) الحالي. وجدد أموم رفض حركته القاطع لأي شروط مسبقة لمشاركة أي حزب في المؤتمر، وقال إن الحركة كجهة داعية للمؤتمر لن تقبل أن تفرض عليها شروط من أي حزب للمشاركة في الملتقى، وقال، «أجندة المؤتمر واضحة ومفتوحة للمناقشة وتحتوى قضايا الوطن»، وأكد أن الحركة قررت رفع درجة التواصل والحوار مع القوى السياسية لبلورة رؤى وطنية لإدارة ما تبقى في الفترة الانتقالية. وقال إن رئيس حزب الأمة المعارض الصادق المهدي، سيزور جوبا لمدة ثلاثة أيام لمناقشة قضايا التحول الديمقراطي وبناء نظام ديمقراطي على أساس الحريات، كما كشف أن دعوات مماثلة وجهت لزعيم الاتحاديين محمد عثمان الميرغني، والشيوعي محمد إبراهيم نقد، إضافة لأحزاب أخرى جنوبية. وكشف أموم عن مقترحات طرحتها حركته لمفوضية الانتخابات ورئاسة الجمهورية والمؤتمر الوطني لتجاوز الخلافات حول التعداد السكاني، باعتماد النسب الواردة في اتفاق نيفاشا، الذي وقع عام 2005، وأنهى عقدين من الحرب الأهلية، في تقسيم الدوائر الانتخابية. وأضاف، «وحتى الآن الحركة لم تجد ردا من الجهات المختصة لا مفوضية الانتخابات ولا رئاسة الجمهورية كجهة اتخاذ القرار، ولا حتى المؤتمر الوطني».

من جهة ثانية، اتهم أموم المؤتمر الوطني، مسؤولية الانفلات الأمني التي تشهدها مناطق في الجنوب، التي أدت إلى سقوط نحو 1200 شخص، حسب الأمم المتحدة، نتيجة معارك بين ميليشيات قبلية. وقال إن حزب الرئيس البشير يقوم بتدريب وتسليح مجموعات من القبائل الجنوبية لزعزعة الاستقرار والتنصل من اتفاقية السلام الشامل. وقال إن حركته لديها معلومات بوجود خطة أخرى لنقل الصراع إلى منطقة أعالي النيل بجنوب السودان، وأن هناك مجموعات يتم تدريبها وتسليحها في منطقتي كوستي والجبلين ـ وسط السودان ـ والمناطق الشرقية لجنوب كردفان لخلق انفلاتات أمنية في الجنوب. وتابع «المقصود من ذلك تفويت الفرصة على الجنوبيين من حقهم في الاستفتاء لتقرير مصيرهم في عام 2011»، معتبرا أن الشراكة بين الحركة والمؤتمر الوطني تمر بظروف صعبة. وقال إن المؤتمر الوطني يحاول التنصل من التزاماته في تنفيذ اتفاقية السلام، والعودة بالسودان إلى النظام الشمولي، في ظل مقاومته الانتقال بالبلاد إلى رحاب الديمقراطية، مستشهدا بالرقابة القبلية على الصحف ومضايقة القوى السياسية في نشاطها، إلى جانب تصريحات قادته بتصعيب قانون الاستفتاء على حق تقرير المصير، راهنا تقوية الشراكة بالتنفيذ الصادق لاتفاقية السلام الشامل.

ووجه أموم انتقادات مبطنة إلى العقيد الليبي معمر القذافي، ردا على التصريحات التي أطلقها في وقت سابق حول انفصال الجنوب، وأن الدولة التي يمكن أن تنشأ ستصبح قزمية، ووصف أموم تصريحات القذافي بالمتناقضة، وقال «الأهم من ذلك هو ضرورة التأكيد على حق تقرير المصير ودعم قانون الاستفتاء وإجراءها في مواعيدها واحترام خيار الجنوبيين في التصويت للوحدة أو الانفصال، والابتعاد عن تكهنات قدرات الجنوب». كما انتقد تصريحات الممثل الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي خافيير سولانا، برفضه استقلال جنوب السودان وأنه مع بقاء السودان موحدا. وقال «على سولانا والاتحاد الأوروبي العمل بجعل خيار الوحدة جاذبا بدعم البرامج الوطنية لإحداث تغيير جذري في بنية الدولة وإنهاء التهميش»، وتابع «التصريحات لا تكفي في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها السودان بل إنها مرحلة تحتاج إلى عمل فعلي في السودان ولا بد من دعم الاستفتاء على حق تقرير المصير».