خبير عقاري: 30% من السعوديين يتأخرون عن تسديد الإيجار

ملاك العقار يلجأون لزيادة شروطهم «غير المعلنة» والبحث عن الضمانات المالية

TT

كشفت مصادر عقارية عن ارتفاع حجم الخسائر الناجمة عن تعثر تحصيل الإيجارات السكنية لملايين الريالات سنويا، نتيجة تضخم مستوى المعيشة وانخفاض حجم العرض مقابل الطلب على الوحدات السكنية المستأجرة، إلى جانب ارتفاع المستوى العام للإيجارات، فيما قدر خبير عقاري نسبة المستأجرين السعوديين الذين يماطلون بالسداد ويتأخرون في دفع الإيجار عن موعد استحقاقه بنحو 30 بالمائة، الأمر الذي دفع ببعض ملاك العقار لزيادة شروطهم غير المعلنة حول جنسية المستأجر وقطاع عمله وكشوف حساباته البنكية. وأوضح المهندس خالد جمجوم، رئيس اللجنة العقارية بالغرفة التجارية الصناعية بجدة، لـ«الشرق الأوسط»، أنه في حين تصل نسبة تحصيل الإيجارات في الدول الأجنبية لنحو 100 بالمائة، فإن نسبة السعوديين الذين يسددون الإيجار في موعده لا تتجاوز 70 بالمائة، أما الـ30 بالمائة المتبقية فهم ممن يسددون الإيجار بعد مرور شهر أو شهرين من موعد الاستحقاق، وبسؤاله عن اجمالي التحصيل العام للإيجارات؛ كشف جمجوم أنه يصل لنحو 90 بالمائة، إلا أنه عاد ليؤكد أن معظمها تؤخذ بعد فترات من تاريخ استحقاقها.

وكمحاولة لمواجهة اشكالية المماطلة في سداد الإيجار، أصبح من الملاحظ تفضيل بعض ملاك العقارات للمستأجر الأجنبي عن المستأجر السعودي، وهو ما أكده المهندس جمجوم، مرجعاً ذلك لاعتقاد الملاك بأن المستأجر الأجنبي أكثر التزاما ببنود العقد وحرصا على السداد بالموعد المحدد، واستدرك بأن ذلك لا يعني تعميم ظاهرة المماطلة في السداد على السعوديين، لكون الفئة المقصودة يمثلون شريحة بسيطة من المجتمع.

وعن كيفية حماية حقوق المؤجر، أكد جمجوم على أهمية الصرامة في تطبيق القوانين والعمل على زيادة وعي المجتمع، وأفاد بأن العديد من الأفراد حينما يفكرون بالسفر في إجازاتهم السنوية أو شراء سيارة جديدة فلا تكون الأولوية لسداد الديون التي عليهم، وأضاف «ثقافتنا علمتنا ذلك، بينما في الخارج لو حدث تأخير ليوم واحد في السداد فإن المستأجر معرض للعقوبة»، مشددا على ضرورة التوعية بأهمية سداد الدين والتزامات الغير.

من جهته، أفاد يحيى الجريفاني، مالك مكتب للعقارات وإدارة الأملاك بالرياض، لـ«الشرق الأوسط»، أن اشكالية المماطلة بالسداد والتباطؤ بالدفع تواجه معظم ملاك العقارات، قائلا «كثير من الملاك يشترطون أن يكون المستأجر أجنبيا أو يتركون العقار بلا تأجير، لكن من الصعب القول إن المستأجر السعودي لا يدفع الإيجار، فالحاصل أن المؤسسات تتعهد بالتسديد عن المستأجر الأجنبي ويُطلب منه خطاب من العمل بعكس السعودي، لذا تكون له الأفضلية».

وطالب الجريفاني ملاك العقارات بالتعاون مع المستأجرين، قائلا «عندما يكون على المستأجر 30 ألف ريال مثلا ويدفع 15 ألفا بحيث يكمل بقية المبلغ بعد 10 أيام؛ هنا نعطيه ايصالا مؤقتا ونستلم المبلغ منه، بدلا من إلزامه بدفع المبلغ كاملا»، وأضاف «همسة بإذن المالك بالتعاون قدر المستطاع وتسهيل طريقة دفع الإيجارات»، مؤكدا أن بعض ملاك العقارات يتعاملون بتعنت مع المستأجرين مما يتسبب بضياع حقوقهم.

ويرى الجريفاني ضرورة حساب الإيجار شهريا بدلا من أن يكون سنويا، قائلاً «لا بد من إعادة النظام وإعادة قوانين تسديد الإيجار»، واستشهد بكون جميع الدول العربية يدفع الإيجار فيها بالشهر ولا تعاني من أزمة المماطلين في السداد، حسب قوله، واقترح أن يكون دفع الإيجار باقتطاع شهري دائم من رصيد المستأجر بموجب تفويض سنوي للبنك، لضمان حقوق المالك في حال تعثر السداد، مضيفاً «لا توجد جهة حكومية مطلعة على العقد أو مصادقة على العقد»، واقترح أن تكلف شرطة الحي بالمصادقة على عقود الإيجار لحماية الطرفين.

يأتي ذلك في حين قدرت دراسة حديثة دعمتها مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية نسبة ساكني الشقق من الأسر السعودية بنحو ضعف عدد ساكني الفلل، كما أن الشقق غالباً ما تكون مستأجرة. بينما قادت الايجارات ارتفاع تكلفة المعيشة للربع الثاني من العام الجاري بنحو 5.3 بالمائة، حيث أرجعت مصلحة الإحصاءات العامة هذه الزيادة إلى الارتفاعات التي شهدتها المجموعات الرئيسة المكونة للرقم القياسي لتكلفة المعيشة، جاء على رأسها مجموعة الترميم والإيجار بنسبة 15.3 بالمائة، ومجموعة التأثيث المنزلي بنسبة 10.6 في المائة.

من جانب آخر، توقع رئيس اللجنة العقارية بغرفة جدة أن يستمر ارتفاع أسعار الوحدات السكنية المستأجرة التي وصلت لأسعار قياسية في السنوات الثلاث الأخيرة، وأفاد بأن من المتوقع أن يزداد حجم العرض خلال السنتين المقبلتين، مؤكداً أن ارتفاع أسعار الوحدات المستأجرة له ميزة في المساهمة بتحسين مستوى السكن في البلاد، وهو ما يراه أمرا صحيا، مشيرا لكونه ضد الارتفاع المبالغ فيه لوجود شريحة لا تستطيع الدفع ولا توفير المسكن المناسب لها.

يذكر أن التقارير العقارية الحديثة تتوقع أن يصل حجم الطلب على الوحدات السكنية في السعودية لنحو 500 ألف وحدة سكنية سنويا، مع امكانية توفير وحتى العام 2012 مليون وحدة سكنية حسب المشاريع المعلن عنها والمستقبلية، بينما يبلغ حجم الأمتار المجهزة للاستخدام السكني حاليا بالبلاد حوالي 75 مليون متر مربع، في حين يستخدم الفرد الواحد مساحة 5.7 متر مربع، ومن المتوقع أن ينخفض الرقم إلى 2.5 متر مربع، نتيجة توجه الأسر السعودية لتقليل عدد أفرادها.