بعثيون في سورية يعيشون حالة إنذار.. ويستعدون للمغادرة

ضابط في الجيش العراقي السابق لـ«الشرق الأوسط»: نخشى الملاحقة

TT

يتنقل أبو الوليد يوميا في مناطق وجود العراقيين في العاصمة السورية دمشق، مثل السيدة زينب، ليلتقي بالكثير ممن عرفهم وعرفوه عندما كان ضابطا في الجيش العراقي السابق، لاستذكار أيامهم السابقة في العراق وتبادل أخبار بلادهم. ومؤخرا تزايدت تلك اللقاءات بين هؤلاء الأصدقاء القدامى الذين يشعرون بالقلق جراء الأزمة الدبلوماسية الناشبة بين بغداد ودمشق وإصرار الحكومة العراقية على استلام جميع المطلوبين لديها الذين تؤويهم دمشق.

ويؤكد أبو الوليد، الذي يقطن حي جرمانة في دمشق منذ خمس سنوات تقريبا، أنه غير مطلوب من قبل القضاء العراقي، وأن اسمه غير مدرج ضمن قائمة البعثيين المطلوبين، لكنه يخشى العودة إلى العراق خوفا من استهدافه «كما استهدف الكثير من الضباط العراقيين من منتسبي الجيش السابق»، خصوصا أنه كان ينتمي إلى صفوف حزب البعث، وهو «من المؤمنين بأفكار الحزب التي تأسس من أجلها»، حسب قوله.

ويقول أبو الوليد، كما أحب أن نطلق عليه خوفا من متابعته من قبل السلطات العراقية، لـ«الشرق الأوسط» إن معظم العراقيين المقيمين في العاصمة السورية يتابعون عن كثب أخبار الأزمة الأخيرة التي اشتعلت بعد تفجيرات بغداد، والتي اتهمت فيها دمشق بإيواء إرهابيين خططوا لتلك التفجيرات.

ويؤكد أبو الوليد، الذي كان قد غادر العراق تاركا وراءه حزمة من الذكريات في الجيش العراقي وصفوف حزب البعث الذي انتمى إليه عن «قناعة بأهدافه»، مؤمنا بأن «ما حصل من خروقات للحزب لا تحسب على الخيرين فيه»، وأن «الجرائم التي ارتكبت في العراق ارتكبها أفراد ولم يرتكبها حزب أو منظمة». إنه وأصحابه غير المطلوبين يتابعون الأخبار ويعدون العدة للمغادرة إلى بلد آخر لو تمت متابعتهم من قبل الحكومة العراقية، أو «لو أن الحكومة السورية اضطرت إلى تسليم جميع البعثيين لديها دون ذكر المطلوب من غير المطلوب».

ويشير أبو الوليد إلى أن عائلته المكونة من سبعة أفراد «جميعهم يعيشون حالة إنذار ويخشون مغادرة البلاد بسبب الأزمة بين العراق وسورية»، مضيفا أن «أحد أفراد أسرتي قرر البقاء حتى في حال مغادرتنا دمشق لأي سبب كان؛ لأنه اعتاد على الحياة هنا والعمل بين مجموعة من العراقيين والسوريين في أحد المصانع الخاصة».

أبو الوليد، الذي يعمل حاليا في إحدى شركات السفر التي تنقل المسافرين بين العراق وسورية، يوضح أن «حركة السفر انخفضت بشكل كبير في الآونة الأخيرة بين البلدين، وأن الكثير من العراقيين توقفوا عن زيارة ذويهم في العراق وكذلك العراقيين القادمين لزيارة أقاربهم في سورية خوفا من اشتداد الأزمة وربما غلق الحدود». وفي أحد المقاهي في منطقة السيدة زينب جلس أبو الوليد مع مجموعة من العراقيين ويقول إن العراقيين في سورية متخوفون من القرارات المفاجئة لهم، مؤكدا أنه يستعد للسفر في حال حصلت تطورات جديدة لأنه يخشى أن تطاله «الملاحقة» على الرغم من أنه انقطع عن صفوف حزب البعث أو ما يسمى بـ«العودة» بعد سقوط النظام العراقي السابق، ويشير إلى أن الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين «أوقع البلاد وأهلها في جملة أخطاء كان آخرها الاحتلال الأميركي، فهو السبب الرئيسي الذي قاد البلاد إلى هذه الهاوية السحيقة».

وينهي أبو الوليد حديثه معبرا عن أمله في أن «يعود العراقيون إلى حياتهم الطبيعية إذا نسو الخلافات والتفتوا إلى إقامة حياة بعيدة عن النزاعات الضيقة»، لكنه يستدرك قائلا إنه يتابع الأخبار عن كثب، وفي حال تأزمها أكثر فإنه سيشد الرحال إلى وطن غريب آخر قد يرتاح فيه من عناء الملاحقة.