زيباري لـ«الشرق الأوسط» : لا ننفذ أجندة أميركية ضد سورية.. والمالكي لا يفتعل أزمات

وزير الخارجية العراقي: رسالتنا إلى الأمم المتحدة لم تذكر دمشق.. واللجان الأمنية مع دول الجوار لم تحقق المطلوب

وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري (أ.ف.ب)
TT

كشف وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» عن تفاصيل الاجتماع الرباعي الذي ضم العراق وسورية والوزير التركي أحمد داوود أوغلو والأمين العام للجامعة العربية، كما تحدث عن تفاصيل الأزمة العراقية السورية وسبل حلها وطالب بتعاون كل دول الجوار لإنهاء التفجيرات التي تعاني منها الساحة العراقية، ونفى بشدة أي استهداف أو تسييس للقضية مع دول الجوار وقال إن «واشنطن لم تحرضنا ضد سورية»، وأكد أن الحل يسير في اتجاه القنوات الدبلوماسية ومجلس الأمن معا. وفيما يلي نص الحوار:

* إلى أين وصلت مساعي تطويق الأزمة بين العراق وسورية وفقا للموقف الرئاسي العراقي؟

ـ عقدنا اجتماعا رباعيا للمصارحة والمكاشفة بحضور عمرو موسى ووزراء خارجية العراق وسورية وتركيا في مقر جامعة الدول العربية وكان اللقاء صريحا وبناء. وعرض الطرفان (العراقي والسوري) موقفيهما من هذا التوتر الذي أصاب العلاقات بيننا.. وهذا الاجتماع كان الأول من نوعه منذ حدوث التفجيرات الدموية والإرهابية في بغداد. والهدف من الاجتماع الأخير كان تطويق هذا التوتر ومنع تفاقم الأزمة بين بلدين جارين شقيقين، وقد حدث أثناء الاجتماع تفاهم على سلسلة من إجراءات بناء الثقة أو ما يسمى باستعادة الثقة تشمل ما يلي: عقد اجتماعات فنية أمنية وأيضا لقاءات سياسية خلال المرحلة القادمة للتحقق من جذور هذه الأزمة.. وإذا وجدنا أن هناك تقدما وتجاوبا آنذاك يمكن أن نفكر في قضايا أخرى للتطبيع في مرحلة لاحقة، مثل إعادة السفراء وتفعيل التعاون الثنائي، لكن هذه الأمور تعتمد على ما تنجزه الاجتماعات القادمة، وهذا كان أساس التفاهم ومجمل محضر الاجتماع الرباعي، مع التأكيد على تخفيف الحملات الإعلامية والتصريحات الإعلامية وأن تكون الرسالة الإعلامية في اتجاه تلطيف الأجواء بين البلدين وليس في اتجاه تسميم الأجواء.

* ماذا لو لم تسلم سورية المطلوبين العراقيين لديها والمتهمين في أحداث تفجيرات 19 أغسطس (آب) في بغداد؟ ـ طلب تسليم هؤلاء المطلوبين للقضاء العراقي أو المطلوبين للشرطة الدولية (الإنتربول) وليس للحكومة العراقية، ونرى أن هذا مطلب عراقي نحن نتمسك به، ونعتقد أن هذا هو أحد مفاتيح تفكيك هذه الأزمة، والحكومة العراقية مستعدة لتقديم كل الأدلة المطلوبة والمتوفرة.. ونحن مرة أخرى، كما أكدنا في الاجتماع وفى تصريحاتنا، لا نتهم سورية حول ما حدث من تفجيرات إرهابية، ونحن نتهم قيادات بعثية عراقية مطلوبة موجودة أو تعمل في سورية، وهناك فرق بين المسألتين، ونعتقد أن العلاقات العراقية السورية وأهميتها تبرر أن نتعاون في المجال الأمني وفى منع هذه العناصر من إلحاق الأذى بأمن العراق وأمن المواطنين.

* هل اتهمت المذكرة التي قدمها العراق لمجلس الأمن سورية تحديدا؟

ـ هذه الرسالة التي وجهت إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون كانت رسالة صريحة وواضحة ولم تذكر سورية إطلاقا لا من قريب أو من بعيد، وقلنا إن هذه التفجيرات تهدد الأمن والسلم الدوليين، خاصة أنها استهدفت قلب الحكومة العراقية ومؤسسات الدولة، وهذا تطور خطير.. لذلك نرى أن هناك حاجة لقيام مجلس الأمن بإرسال لجنة لتقصى الحقائق وأيضا لتشكيل محكمة دولية حتى تكون بمثابة الردع ضد التدخلات الخارجية كافة في الشؤون الداخلية العراقية والتلاعب بأمن الشعب العراقي.

* الإجراء العراقي أعطى المراقبين للأمر تصورا بأن العراق يسير على خطى لبنان نفسها في مسألة المحكمة الدولية، ألا يعد هذا إضرارا بالعمل العربي المشترك؟

ـ هذا قرار حكومي سيادي عراقي بالذهاب إلى مجلس الأمن.. كما جئنا إلى الجامعة العربية؛ من حقنا أيضا أن نذهب إلى الأمم المتحدة، باعتبارنا أعضاء بها، وهناك التزامات على الأسرة الدولية بخصوص أمن واستقرار العراق، وقرارات مجلس الأمن والجامعة العربية، وقرارات دول الجوار العراقي.. لذلك ذهبنا إلى المنظمة الدولية.. والهدف حقيقة ليس لتسييس هذه المحكمة ضد أي دولة، ولكن الجهود والممارسات التي بذلت سابقا مع دول الجوار أثبتت أنها لم تؤد إلى توفير القدر المطلوب من الأمن والاستقرار في العراق.

* إلى أين ذهبت اللجان الأمنية التي شكلتها دول جوار العراق؟

ـ كانت هناك لجان أمنية لم تحقق المطلوب ثم توقفت، وكانت هناك لقاءات سياسية، وذهب رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، قبل أحداث التفجيرات بأيام، في زيارة رسمية إلى سورية مع وفد وزاري كبير، وتوصلوا إلى اتفاق للتعاون الاستراتيجي، لكن التحقيقات أثبتت أن هناك عناصر مجرمة مطلوبة، تقيم داخل سورية، وهي التي لا تؤمن بالعمل السياسي، ولا بالمعارضة السياسية، وإنما بالقتل والتفخيخ والتدمير وتعمل في أراضي دولة أخرى، وهو غير مقبول في العرف الدولي والعربي والإسلامي إطلاقا.

* هل تعتقدون أن التفجير الذي حدث في بغداد مؤخرا، يوم 19 من الشهر الماضي، قامت به عدة دول أو عناصر مختلفة؟

ـ طبيعة وحجم واستهداف مؤسسات الدولة العراقية تشير إلى أن هذه العمليات قد حازت على الدعم والتمويل والمساعدة الاستخباراتية والتحضير والتجهيز، وهو الشيء الذي يؤكد أن ما حدث في 19 أغسطس (آب) ليس عمل هواة، بل عمل محترفين ويتلقون دعما أكبر من حجم تنظيماتهم.

* هل لو ثبت من خلال لجنة تقصى الحقائق ضلوع سورية أو إيران.. هل تعتقد أنه ستتخذ ضدهما إجراءات في المحكمة الدولية؟

ـ هذا يتوقف على نتائج التحقيقات. ولا أريد أن أستبق الأحداث. وهذه المحكمة لن تتأسس بين ليلة وضحاها، وإنما هناك العديد من الإجراءات القانونية والفنية والتضامن الدولي والمساندة الدولية والترابط الدولي، والمحاكم الأخرى التي أنشئت في كثير من بقاع العالم أخذت سنوات لإنجاز عملها.

* إذا نجحت وساطة الجامعة العربية وتركيا في التوصل لحل الأزمة العراقية السورية، هل يسحب العراق مذكرته من مجلس الأمن؟

ـ المطلوب بالنسبة لنا هو قيام كل الأطراف بدعم أمن العراق واستقراره وعدم التدخل في شؤونه، والالتزام بما اتفقنا عليه، دعونا نرَ مدى التزام الجوار بهذا المبدأ.. ومجلس الأمن أخذ طريقه بعد توزيع الرسالة العراقية على كل الدول الأعضاء في المجلس، وسوف يصحب ذلك في المستقبل القريب مباحثات ولقاءات حول كيفية تنظيم هذه الأفكار، ولذلك هذه العملية سوف تأخذ بعض الوقت، ولكن خط البداية بدأ بتوجيه الرسالة.

* يتردد في هذا الشأن أن العراق ينفذ أجندة أميركية من خلال التصعيد وتدويل الأزمة مع سورية؟

ـ هذا غير دقيق حقيقة.. وإذا تفحصنا الموقف الأميركي نجده يميل إلى معالجة هذه القضية وإلى عدم التصعيد بين البلدين، وكل الرسائل التي ينقلها الجانب الأميركي هي في هذا الاتجاه.. وأميركا، حقيقة، لا تؤيد العراق ضد سورية، وحتى الآن هذه العملية يجب أن تأخذ مجراها في السياق القانوني والدبلوماسي.

* هل افتعل رئيس الوزراء، نوري المالكي، هذه الأزمة مع سورية للتغطية على صراعات داخلية قبل الانتخابات، كما يتردد؟

ـ هذا تصور خاطئ وتحليل غير منصف. ونحن نسأل ما مصلحة المالكي في افتعال أزمة ولديه انتخابات أو مشاكل.. هو كان قبل هذه الأحداث موجودا في سورية على رأس وفد كبير جدا، لذلك ليس لديه مصلحة في افتعال أية أزمات مع سورية في الوقت الذي يحتاج فيه العراق إلى دعم دول الجوار وانفتاح على الدول العربية وتأسيس السفارات وغيره.. إذن ما مصلحة المالكي في افتعال أزمة.. نحن أول من ذكرنا بأن هناك اختراقات أمنية وهناك إخفاقات أمنية.. لماذا نسقط التهمة على الغير ونحن أسقطناها على أنفسنا أولا. ولكن هذه التحليلات غير دقيقة إطلاقا.

* ما تفسيرك لاتهامك للأمن العراقي بالتقصير.. ماذا تعني؟

ـ هناك تقصير أمني بالفعل، لأن هذه الشاحنات التي انفجرت في محيط الوزارات والتي ألقي القبض عليها، كان هناك تعليمات صريحة وواضحة من قيادة قوات بغداد، بعدم مرور الشاحنات في مركز العاصمة إلى ما بعد الساعة الرابعة عصرا، وإذا كان لا بد من السير فيجب تفتيش هذه الشاحنات، وهذا لم يتم على الرغم من وجود دوريات للشرطة وضبط شاحنتين قبل التفجير في اليوم نفسه وفى المكان نفسه.

* ماذا عن التضارب في المواقف العراقية الرسمية بشأن الأزمة.. وأقصد موقف الرئاسة وموقف رئيس الوزراء؟

ـ حسب النظام السياسي العراقي والدستوري، فإن مجلس الوزراء، وليس رئيس الوزراء، هو الجهة التنفيذية في البلاد، وهو الذي يتخذ القرارات، وبالتأكيد لا بد من استشارة القيادات الأخرى في الرئاسة وغيرها، لكن هذا الموقف الذي صدر هو موقف جماعي، ومجلس الوزراء يشمل ممثلي كل القوى والتيارات والكتل المشاركة في الحكم، لذلك لم يعترض أي أحد على قرار الحكومة.

* هل اللقاءات الثنائية ستكون مباشرة بين العراق وسورية؟

ـ حاليا التقينا في القاهرة، وبعد ذلك ربما في إسطنبول، ثم نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.. إلخ. ولكن في نهاية المطاف، طالما نطمع في تطبيع العلاقات، وإعادتها إلى وضعها الطبيعي، فلا بد أن تحدث اللقاءات بعد ذلك في مرحلة لاحقة في بغداد ودمشق.