في الذكرى الـ8 لهجمات سبتمبر: عملاء لملاحقة بن لادن في الشريط القبلي

صور جديدة للعقل المدبر للهجمات خالد شيخ وابن شقيقته عمار البلوشي من داخل غوانتانامو

خالد شيخ محمد عند اعتقاله في باكستان في 2003 .. وصورة جديدة بعدسة «الصليب الأحمر الدولي»
TT

سواء ظهر زعيم «القاعدة» أسامة بن لادن أو نائبه أيمن الظواهري في الذكرى الثامنة للهجمات الإرهابية في صورة شريط صوتي تبثه مؤسسة «سحاب» الذراع الإعلامي لـ«القاعدة» كما تكهنت مواقع أصولية, فإن هناك زمنا طويلا لم يتم فيه الحديث عن زعيم «القاعدة» أسامة بن لادن وملاحقته، فالرئيس السابق جورج بوش رحل عن البيت الأبيض دون أن يصل إليه رأس بن لادن على طبق من ذهب إما حيا أو ميتا، وإدارة الرئيس الحالي باراك اوباما قالت إنها لن تلاحق بن لادن ولكنها ستتركه خائفا ملاحقا وقادة تنظيمه يختبئون في الجحور والمغاور مع أنها ستكون سعيدة لو علمت بمقتله أو اعتقاله. وفي ذكرى الهجمات الثامنة بثت صحيفة «نيويورك تايمز» نقلا عن جاريت بارشمان احد باحثي أكاديمية ويست بوينت العسكرية المتخصص في ملاحقة المواقع الأصولية, صورا جديدة لخالد شيخ محمد العقل المدبر للهجمات الإرهابية وابن شقيقته عمار البلوشي احد المتهمين الخمسة الكبار, وكانت الصور التقطتها عدسة «الصليب الأحمر» الدولي يوليو( تموز) الماضي ولكنها وجدت طريقها إلى المواقع الأصولية. ووفر ذلك فرصة نادرة للتعرف على الحياة داخل سجن غوانتانامو قبل أسبوع فحسب من ذكرى هجمات 11 سبتمبر (أيلول) الإرهابية. وتعد صورة خالد شيخ محمد، وهو جاث على ركبتيه كما لو كان يتهيأ للصلاة، لكن مع تحديقه مباشرة أمامه في الكاميرا، أول صورة تنشر للإرهابي المزعوم منذ نشر صورته لدى إلقاء القبض عليه، والتي انتشرت على نطاق واسع, وبدا فيها وهو يجري سحبه من مخدعه مرتديا قميصا ابيض اللون وبدا أشعث في مظهره. وكانت قوات الأمن الباكستانية قد التقطت هذه الصورة لدى إلقائها القبض عليه في مارس (آذار) 2003 بمدينة روالبيندي الباكستانية، قبل تسلميه إلى وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) للتحقيق معه. وقد تضمن التحقيق معه تعرضه للإيهام بالغرق 183 مرة لدفعه للإفصاح عن أسرار تنظيم القاعدة. وفي الصورة الأخيرة، يبدو محمد، 44 عاما، متناسق القوام وبلحية ضخمة رمادية اللون تغطي صدره. وكان جاثيا فوق سجادة صلاة من تلك الموجودة في معسكر غوانتانامو، ممسكا بسبحة في يده اليمنى. وكانت تغطي رأسه عمامة حمراء ويرتدي غطاء سرير أبيض كعباءة للصلاة. يذكر أن مسؤولي البنتاغون بقاعدة غوانتانامو التابعة للبحرية الأميركية رفضوا تماما اقتراب وسائل الإعلام من معسكر الاحتجاز الذي يضم أسرى سابقين لدى وكالة الاستخبارات المركزية، ولم يسمحوا سوى لرسام بوضع رسومات لمحمد وأربعة من أقرانه المتهمين بالتخطيط لهجمات 11 سبتمبر (أيلول) خلال إجراءات المحاكمات العسكرية الرامية لسبر أغوار تآمرهم الذي حال ثبوته قد تترتب عليه عقوبة الإعدام. من جانبه، أعلن المتحدث الرسمي باسم «اللجنة الدولية للصليب الأحمر»، برنارد باريت، أن الصور تم التقاطها في يوليو (تموز)، تبعا لاتفاق أبرم مع فريق العاملين بالسجن يقضي بالسماح لمندوبي المنظمة بتصوير المحتجزين وإرسال الصور إلى أقاربهم. بصورة مجملة، وافق المحتجزون الـ107 في غوانتانامو على التصوير داخل معسكرات السجن، التي تضم حاليا قرابة 225 رجلا أجنبيا باعتبارهم أسرى حرب الإرهاب. وبالمثل، يظهر ابن شقيقة محمد، عمار البلوشي، 32 عاما، باكستاني المولد، على سجادة صلاة وهو يجلس القرفصاء ويمسك سبحة ـ لكن مع ارتدائه القلنسوة الأفغانية القبلية التقليدية. ويبدو البلوشي أيضا في حالة جيدة، ويرتدي الزي الموحد الخاص بسجناء غوانتانامو ونعلا مطاطيا أزرق اللون. يذكر أن صور «الصليب الأحمر» للسجناء بدأت في الظهور العلني في مايو (أيار)، بعد شروع مندوبين من «اللجنة الدولية للصليب الأحمر» في إرسالها إلى عائلات الأسرى. وظهرت نسخ رقمية من صور أخرى على شبكة الانترنت، وغالبا ما كانت صور مشوشة لصور جرى التقاطها باستخدام هواتف نقالة. أما أول ظهور للصور الأخيرة فكان على موقع باللغة العربية على شبكة الانترنت يعد متعاطفا مع تنظيم القاعدة، وذلك الأسبوع الماضي، طبقا لخبير مكافحة الإرهاب، جاريتبراتشمان، الذي نشر صورا مساء الثلاثاء على مدونته http://jarretbrachman.net، في جزء بعنوان «شخصيات جهادية». ونسب اكتشاف وجودها إلى رفيق له في أستراليا يعمل بمجال مكافحة الإرهاب على شبكة الانترنت. وفي الذكرى الثامنة لهجمات سبتمبر يجري الحديث من جديد حول مكان بن لادن. ففي تحقيق جديد أعاد الأذهان لزعيم «القاعدة «الغائب عن الصورة منذ زمن كتبت صحيفة «التايمز» عن عملية ملاحقة بن لادن في مناطق القبائل في باكستان وتقول إن عملية ملاحقته معقدة، وكانت محل تعويق وعرقلة بسبب علاقة باكستان الغامضة مع كل من طالبان وتنظيم القاعدة. وقالت إن الاستخبارات الأميركية بدأت بالاعتماد على عملاء متقاعدين لملاحقة زعيم «القاعدة»، حيث تركز الصحيفة على جهود عميل استخبارات أمبركي سابق، آرت كيلر الذي قضى ثماني سنوات وهو يلاحق أسامة بن لادن، لكن الاستخبارات الباكستانية كانت تمنعه من الذهاب إلى جبال وزيرستان الوعرة للمساعدة بتعقب وقتل أخطر مطلوب للعدالة في العالم. ويعتمد كيلر على شبكة من العملاء الباكستانيين من أبناء القبائل التابعين للاستخبارات المركزية , وهو واحد من بين 50 ـ 100 عميل من ضباط القوات الخاصة التابعة لـ« سي اي ايه» الذين تتركز مهمتهم في الأعوام الثماني الماضية على إلقاء القبض على زعيم «القاعدة» وهو الذي يعتقد انه يتحرك في المناطق الوعرة والممنوعة عليهم على الحدود الباكستانية مع أفغانستان. وتقول الصحيفة إن كيلر 39 عاما تطوع لملاحقة بن لادن وأرسل عام 2006 لمناطق القبائل كي يكون القائم بأعمال محطة الاستخبارات في وزيرستان، وبعد 3 أعوام يتساءل كيلر إن كان هناك أمل في إلقاء القبض على بن لادن. وتقول إن اختيار كيلر لم يكن المناسب فهو لا يعرف لغات المنطقة وليست لديه خبرة بباكستان ولكن اختياره جاء بسبب نقص الموارد التي حولت نحو العراق. ولكن الوضع الآن مختلف، حيث تقوم الوكالة بجلب المتقاعدين عدد منهم معروفون بالكادر ممن كانت له صلة بدعم المجاهدين في أثناء الحرب ضد السوفييت. ومن هنا فمن حل مكان كيلر كان متقاعدا عمره 65 عاما ويقول إن عددا من المتقاعدين القادمين كانوا في فرق البحث عن بن لادن ولسنوات. وأضاف أن «سي اي ايه» الآن تقوم بجلب الجنود السابقين، «رجال على الرغم من تقدم أعمارهم إلا أنهم مستعدون لقضاء أشهر في ظروف تشبه السجن». ويقوم عملاء »سي اي ايه» بتحليل صور ومعلومات تجمع بطائرات التجسس والتنصت والجواسيس على الأرض ولا يغادرون مكانهم أبدا، خوفا على حياتهم ولان الباكستانيين يريدون أن تكون لهم اليد العليا في ملاحقة بن لادن، فدور العملاء الأميركيين لا يتعدى تحليل المعلومات ودراستها على الكمبيوتر. ويشير كيلر إلى أن الاستخبارات جندت عام 2005 عميلا للعمل وجمع معلومات عن تواجد عرب في مناطق كإشارة عن وجود بن لادن إلا انه بعد أيام وجدت جثة العميل على قارعة الطريق وعليها إشارة «هذا جزاء الجاسوس». ويقول كيلر انه في حالة تحديد قائد من «القاعدة» في منطقة فالأمر يحتاج لأسابيع أو شهور لبناء حالة لضربه. وحتى الآن لم يتم العثور على أدلة تقود لابن لادن ومنذ أعوام ويعرف بين العملاء باسم «الفس» ومع أن الاستخبارات الأمريكية كانت ناجحة بقتل عدد من القادة الوسط بـ«القاعدة» إلا أن بن لادن ونائبه أيمن الظواهري حالة خاصة. ويقول إن بن لادن يتحرك من قرية إلى قرية ولا يتواصل إلا بالمراسيل ولا يستخدم أجهزة الاتصالات الحديثة وعندما يتحرك يتحرك مع مجموعة صغيرة من حرسه. ويقول كيلر انه حتى لو وجد من يريد أن يحصل على جائزة 25 مليون دولار لمن يدل وان كان من الشرطة من يعرف عن تحركاته فان أحدا لا يجرؤ لان مصيره القتل. وترى الصحيفة أن علاقة الاستخبارات الباكستانية بـ«القاعدة» لها جذور بمحاولتها التصدي للتأثير الهندي، مما أدى بها لدعم حركة طالبان التي وفرت الملجأ الآمن لـ«القاعدة». لكن أحداث سبتمبر 2001 غيرت المعادلة حيث لم يكن أمام باكستان إلا التعاون مع أميركا في الحرب على الإرهاب وأجبرت الأولى على تطهير استخباراتها من العناصر المؤيدة لـ«القاعدة» وطالبان. وتشير إلى أن «اس اي اس» ظلت تلعب لعبة مزدوجة حيث قامت بنقل مئات من عناصر من «القاعدة «وطالبان من أفغانستان حسب التحليل بعد أحداث عام 2001 وانهيار نظام طالبان. ويقول المسؤولون الباكستانيون انه من الصعب ملاحقة بن لادن لتوقفه عن استخدام الهواتف النقالة. وفي عام 2006 نجا الظواهري من محاولة اغتيال في بلدة باجور بعد أن أطلق الأميركيون عليه صاروخا من طائرة تجسس. وجاءت أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، لتقوم الولايات المتحدة بعدها بإبلاغ باكستان بوضوح بأنه لا يوجد أمامها خيار سوى التعاون معها في «الحرب على الإرهاب»، وقامت واشنطن بالضغط على إسلام آباد وطلبت منها تطهير استخباراتها من المتعاطفين مع طالبان و«القاعدة». لكن باكستان، وفقا للصحيفة البريطانية، لجأت للعبة مزدوجة، فمن ناحية ساندت الولايات المتحدة بقوة في حربها، وقامت عام 2002 بإنشاء «خلية مكافحة الإرهاب» تتبع استخباراتها، وذلك للعمل مع الاستخبارات المركزية الأمريكية والاستخبارات الخارجية البريطانية لتصيد رموز «القاعدة» في باكستان.