المراسل الأفغاني منادي صاحب قدرات متعددة

كان على وشك البدء في محطته الإذاعية الخاصة

TT

كان سلطان منادي أفغانيا مكافحا يتميز بالنحافة والكرم البالغ والضحكة الهادئة. كان يعمل مع صحيفة «نيويورك تايمز» لمدة أربعة أعوام قبل أن يتركها ليبدأ في محطته الإذاعية الخاصة به. وقد حصل على تقدير متميز في دورة إعداد استمرت لمدة عام من أجل الحصول على درجة الماجستير في السياسة العامة في ألمانيا. وفي أثناء وقت فراغه، انضم إلى موقع تعارف اجتماعي لمحبي الكتب وكان يدردش على الإنترنت مع قراء من باراغواي.وبعد أن هرب هذا المراسل من أسر قوات طالبان في شهر يونيو (حزيران)، أرسل منادي رسالة حماسية عبر البريد الإليكتروني.

كتب فيها: «يا إلهي، أنا سعيد بالفعل لتلك الأخبار العظيمة. أحمد الله كثيرا على تلك الحرية». وفي وقت باكر من صباح يوم الأربعاء، قتل منادي في غارة شنتها قبل الفجر قوات الكوماندوز البريطانية التي كانت تحاول إنقاذه هو وستيفن فاريل، مراسل «التايمز»، من أسر طالبان. وكان الرجلان قد اختطفا في شمال أفغانستان يوم السبت أثناء تغطيتهما لأخبار عملية القصف التي قامت بها قوات الناتو وأسفرت عن مصرع العشرات، ومن الممكن أن يكون من بينهم الكثير من المدنيين.

وقتل منادي وهو يحاول تأمين فاريل. كلن يسير أمام فاريل وهما يحاولان الوصول إلى القوات البريطانية، وظهر منادي من خلف أحد الجدران ورفع يديه وعرف نفسه على أنه صحافي. ولكن أسقطه على الفور وابل من الرصاص. يقول فاريل: «كان يحاول إنقاذي حتى آخر دقيقة».

ويظهر مقتل منادي حقيقتين قاسيتين عن الحرب في أفغانستان: لقد قتل أعداد من الأفغان أكبر بكثير من الأجانب الذين قتلوا في المعارك ضد طالبان، وأن الصحافيين الأجانب جيدون بحسب الصحافيين الأفغان الذين يعملون معهم. وكان منادي، الذي يبلغ من العمر 34 عاما وهو أب لطفلين، يعمل مدير مكتب ومراسلا في مكتب كابل. ويزيد عدد الصحافيين الأفغان الذين يعملون مع المراسلين الأجانب كثيرا عن أعداد المترجمين. يقول باري بيراك، مراسل «التايمز» الذي عمل مع منادي في عامي 2001 و2002، مشيرا إلى موضوع كتب عن مقتل منادي: «يشير إليه الخبر بـ(المترجم)، وذلك يضلل القارئ عما يفعله هؤلاء الأشخاص العظام من أجلنا». وأضاف: «إنهم يمثلون لنا كتب تاريخ متحركة ومحللين سياسيين، ومديري شؤون لوجيستية، ويخوضون في مخاطر مماثلة من دون تفاخر أو أجر». ويقول هؤلاء الذين عملوا معه إن الاضطراب الذي حدث في بلاده لم يهبط من روحه المعنوية أو يحد من تصميمه. وفي أثناء فترة حكم طالبان، كان يعمل مع الصليب الأحمر الدولي في مسقط رأسه في وادي بنجشير، وهي منطقة مرتفعات تقع شمال كابل، ولم تخضع مطلقا لحكم طالبان، حتى عندما كانوا يسيطرون على البلاد من عام 1996 وحتى عام 2001. وفي ذلك العام، بدأ في العمل مع الصحافيين الأجانب الذين جاءوا في أعداد كبيرة إلى شمال أفغانستان في الوقت الذي استعدت فيه القوات الأميركية للغزو. وكان غير منحاز وأظهر اهتماما ملحوظا بالتفاصيل. تقول آمي والدمان، مراسلة «التايمز» السابقة التي عملت مع منادي من عام 2002 إلى عام 2005: «كان يصمت لمدة ثانية قبل أن يبدأ في الترجمة، وكأنه يفكر في الأمر، ليتأكد من أنه استوعب الأمر جيدا، ثم يقول (حسنا)، ويبدأ في الترجمة. وإذا أدرك أنه أغفل شيئا من التفاصيل، كان يتصل أو يرسل رسالة عبر البريد الإليكتروني للتأكد من توصيلها، وذلك نوع من الدقة لا يأتي وليد الإجبار ولكنه ينبع من الحاجة إلى إنصاف أي شخص أو أي شيء نكتب عنه». وتذكر جين سكون لونغ، التي جددت مكتب كابل مع منادي في عام 2002، الصفات ذاتها. وكان يرشد الأجانب في براعة في أنحاء المدينة التي تمتلئ بالباعة الذين يريدون الحصول على أعلى سعر من الأجانب. وقالت سكوت لونغ: «لقد كان عيني وأذني وصوتي في أراض غير مألوفة بعد سقوط طالبان. وكنت أثق في حكمه، وأأتمنه على حياتي. من دون شك». ويعكس قرار منادي بترك «التايمز» عام 2005 التزامه تجاه بلاده. وكان البقاء في مكتب الصحيفة في كابل، حيث الوظيفة الثابتة ذات الراتب الكبير نسبيا لأفغاني، هو الطريق السهل. ولكنه بدلا من ذلك قرر أن يبدأ محطة إذاعية خاصة به، وهو مشروع به مجازفة مالية، لأنه كان يعتقد بأن الإعلام الأفغاني المستقل مهم من أجل تحقيق الاستقرار لبلاده.

* خدمة «نيويورك تايمز»