المقترحات الإيرانية لم تنجح في «اختبار الثقة».. واستبعاد عقوبات فورية

سولانا: طهران لم ترد على الأسئلة المتعلقة ببرنامجها النووي

TT

استبعد مسؤول قريب من الاستعدادات لانعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجموعة العشرين في وقت لاحق هذا الشهر أن تمارس القوى العالمية أثناء الاجتماعات ضغوطا لفرض عقوبات أكثر صرامة على إيران. وتدرس الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا والصين وألمانيا حزمة مقترحات قدمتها إيران يوم الأربعاء بعد أن منحوا طهران مهلة حتى نهاية الشهر الجاري للرد على مطلبهم بإجراء محادثات بشأن برنامجها النووي.

وتشمل المقترحات الإيرانية الجديدة نظاما عالميا للتخلص من الأسلحة النووية، وكذلك التعاون بشأن أفغانستان ومكافحة الإرهاب. لكن إيران قالت بصورة حاسمة إنها لن تناقش برنامجها لتخصيب اليورانيوم الذي تخشى القوى الغربية من أنه قد يستخدم في إنتاج قنبلة نووية. وذكر مسؤول قريب من مشاورات القوى الست الكبرى أنه بدا للوهلة الأولى أن المقترحات الإيرانية لم تنجح في «اختبار الثقة»، لكن تجري دراستها حاليا لتحليلها وتحديد ما إذا كانت فاتحة لمفاوضات. وقال مسؤول أميركي في تصريحات لـ«رويترز»: «استنادا إلى ما ستؤول إليه في نهاية الأمر مقترحات إيران الأخيرة من أجل الحوار سيقيم الزعماء الموقف ويتخذون قرارا بشأن الإجراءات المناسبة كخطوة تالية».

ورأت روسيا، أحد الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة التي تملك حق النقض أو الفيتو، أن المقترحات نقطة بداية، واستبعدت فرض عقوبات نفطية على طهران، وهي خطوة يدرسها الكونغرس الأميركي. وقال المسؤول المطلع على محادثات القوى العالمية إنه لا يمكن التفكير في العقوبات «إلا بمشاركة الجميع. لا نبحث عن إجراءات نصفية».

وأضاف أن اجتماعات الجمعية العامة ومجموعة العشرين التي تضم الدول الغنية والنامية فرصة كي تبحث القوى الكبرى المسألة النووية الإيرانية. وأردف «أشك في اتخاذ قرار بالتحرك في الوقت الحالي سيكون على الأرجح قرارا بشأن الخطوة التالية». وقال المسؤول إنه بينما لم تتفق القوى الكبرى بعد على مسار التحرك، فمن بين السيناريوهات المحتملة إصدار بيان يحدد شروطا معينة يجب على إيران تلبيتها أو مواجهة التهديد باتخاذ موقف أكثر صرامة.

إلى ذلك، قالت المتحدثة باسم الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا، (أمس) إن إيران لم ترد في مقترحاتها الأخيرة على الأسئلة المتعلقة ببرنامجها النووي.

وقالت كريستينا غالاش «إنها ليست ردا على الأسئلة المتعلقة بالقطاع النووي». وأضافت أن «الوثيقة تتمحور حول القضايا الشاملة أكثر من المسألة النووية». إلا أنها أكدت أن «المشاورات مستمرة» بين القوى الكبرى المكلفة بمناقشة البرنامج النووي المثير للجدل لإيران للحصول على رد «منسق».

ولا يزال الأوروبيون يريدون دراسة رغبة إيران أو عدمها في الحوار قبل التفكير في اتخاذ إجراءات أكثر حزما بحقها، بحسب دبلوماسي أوروبي. وقال دبلوماسي غربي «نريد إبقاء إمكانية لقاء مع إيران مفتوحة على مستوى خبراء تقنيين على سبيل المثال، من الآن وحتى انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة» في نهاية الشهر في نيويورك حيث ستلتقي مجموعة الدول الست الكبرى (الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا والصين وألمانيا) التي تجري منذ سنوات مفاوضات بهدف تسوية الأزمة النووية مع إيران، على المستوى الوزاري.

وأعرب دبلوماسي آخر من دولة عضو في مجموعة الدول الست في بروكسل عن أسفه «لأن الإشارات إلى البرنامج النووي غائبة تقريبا» في الوثيقة الإيرانية الأخيرة. وأضاف «بعد ذلك ينبغي أن نرى ما إذا كنا لا نزال نحاول الحوار أو ما إذا كنا نعتبر أنه لاغ وغير موجود» مما سيفتح الباب أمام محادثات حول مجموعة جديدة من العقوبات ضد طهران.

وأعربت الدول الكبرى المكلفة بالبحث في البرنامج النووي الإيراني المثير للجدل، عن شكوكها بشأن مقترحات طهران الجديدة لاستئناف المفاوضات، في حين جددت إيران رفضها تعليق برنامجها لتخصيب اليورانيوم. ورأى المتحدث باسم البيت الأبيض روبرت غيبس أن «المقترحات الإيرانية لم تتجاوب في أغلب الأحيان مع التعهدات الدولية» لإيران مشيرا إلى القرارات المختلفة التي اتخذها مجلس الأمن الدولي حول أنشطة إيران النووية.

وأعربت باريس عن شكوكها أيضا، إذ قال دبلوماسي فرنسي طلب عدم كشف اسمه إن «الإيرانيين يريدون كسب الوقت لإنتاج قنابل نووية عدة». وأكدت واشنطن أن إيران لم تف في أغلب الأحيان بتعهداتها، مشيرا إلى أن المقترحات الإيرانية «لا تأخذ في الاعتبار قلقنا الأكبر المتمثل في البرنامج النووي الإيراني». وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن مجموعة الست ستجري اليوم اجتماعا جديدا عبر الدائرة الهاتفية. وتقول واشنطن إن الهدف منه هو اختبار «حقيقة نوايا إيران في التحاور». واعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أنه من المجدي تناول المقترحات الإيرانية بالبحث والدراسة. وفي هذه الوثيقة معلومات «جديرة بأن تدرس» كما قال لافروف من دون أي تفاصيل أخرى. وقال لافروف أيضا إن مجلس الأمن الدولي لن يؤيد فرض عقوبات نفطية على إيران خامس أكبر دولة منتجة للنفط في العالم. وقال إن القوى العالمية اتفقت على ألا تستخدم العقوبات إلا كوسيلة لدفع إيران نحو التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وتابع «بعض العقوبات التي تجري مناقشتها بما في ذلك النفط ومنتجاته ليست آلية لإرغام إيران على التعاون، بل هي خطوة نحو حصار كامل، وأنا لا اعتقد أن مجلس الأمن سيؤيدها». وتملك إيران أحد أكبر الاحتياطيات النفطية في العالم لكنها تستورد 40 في المائة من احتياجاتها من البنزين لمواجهة زيادة الطلب من سكانها.

وعلى الرغم من ستة أعوام من التحقيق المعمق، فإن الوكالة الدولية للطاقة الذرية عاجزة عن القول ما إذا كان برنامج إيران سلميا بالكامل، في حين تشتبه الولايات المتحدة في أن إيران باتت قريبة من امتلاك وسائل لتصنيع القنبلة الذرية.

وانتقد مجتبى هاشمي، أحد مستشاري الرئيس محمود أحمدي نجاد، أول من أمس الخميس هذه الشكوك. وقال في مقابلة مع صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية إن النظام الإيراني يريد «بالتعاون مع كل الدول إطار دولي يحظر الأبحاث حول الأسلحة النووية وإنتاجها وحيازتها وانتشارها، ويؤدي إلى تدمير الأسلحة النووية الموجودة».

وفي موسكو، اعتبر رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين أمس أن مشروع شن هجوم على إيران سيكون «غير مقبول»، لكنه حض طهران كذلك على التروي في تنفيذ برنامجها النووي الذي يثير مخاوف الغرب. يذكر أن تصريحات بوتين تأتي بعد أيام من اختفاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لمدة 10 ساعات، وهو الاختفاء الذي أدى إلى الكثير من الإشاعات في إسرائيل ومن بينها أنه زار روسيا لبحث تسليح موسكو لطهران والحديث حول السفينة الروسية التي اختفت ثم ظهرت لاحقا وتردد أن عناصر من الموساد الإسرائيلي كانوا وراء اختفائها لشكوكهم في أن السفينة كانت تحمل أسلحة إلى إيران.