مطالبات باستقالة وزير الداخلية الفرنسي بعد كلام يتضمن إشارات عنصرية بحق العرب

اليمين يهب للدفاع عن الوزير هورتفو واليسار يندد به

TT

اسمه أمين بنعالي بروش. هو أصل الداء الذي أصاب وزير الداخلية الفرنسي بريس هورتفو. و هذا الأخير ليس وزيرا ككل الوزراء إذ أنه صديق الرئيس نيكولا ساركوزي “منذ ثلاثين عاما” و الرجل الذي يحظى بثقته العمياء. إنه “الرجل الصاعد” الذي فصل له ساركوزي وزارة الداخلية على مقاسه و لم يتردد ساركوزي قبل يام في كسر قواعد البروتوكول و أن يتجه من لالقصر الرئاسي الى مقر وزارة الداخلية التي تبعد خطوات عن الأليزيه ليحضر جانبا من لقاء نظمه هورتفو مع شبان الأحياء و الجمعيات الناشطة في الضواحي الساخنة بهدف “تبريد" العلاقة بين الجانبين و المسااهمة في تطبيع الوضع بينهما. و ليس سرا أنه مع اقتراب الإستحقاقات الإنتخابية اللاحقة: عاد موضوع الأمن و العنف الى واجهة الأحداث و هي المواضيع الى ركب ساركوزي موجهتها لفي حملته افنتخابية الماضية التي ساقته الى قصر الأليزيه.

و لكن ما هي خطيئة أمين بنعالي بروش؟ و من هو؟

هو طالب في الثانية و العشرين من عمره. دخل حياة هورتفو في الخامس من الشهر الجاري بمناسبة الجامعة الصيفية للشبيبة المنتمية الى حزب الإتحاد من أجل حركة شعبية الذي أوصل ساركوزي الى سدة الرئاسة. و الجامعات الصيفية مناسبة تستغلها الأحزاب للعودة الى الساحة السياسية عقب عطلة الصيف. كان ذلك في منتجع سينيوس «منطقة ال لاند الواقعة جنوب غرب فرنسا» أما سبب تواجد أمين فيها فيعود لكونه ينتمي الى هذا الحزب.

الحوار بين بنعالي و هورتفو بدأ عاديا، مرحا و ساهم في ذلك جان فرنسوا كوبيه، رئيس المجموعة البرلمانية للحزب المذكور. أمين، المتحدر من أصول مغاربية، أراد أن تلتقط له صورة مع وزير الداخلية الذي أنيطت بوزارته مهمة ملاحقة المتواجدين على الأراضي الفرنسية و منهم الكثير من المغاربيين, في غعالب الأحيانـ تفضل هذه الفئة من الناس الإلتحاق بالأحزاب اليسارية. لذا بدأت النكات اللاذعة تدور حول أصول أمين و وزير الداخلية الذي تعود أصوله الى منطقة أوفرني «وسط فرنسا» و هؤلاء مشهورون ببخلهم.و قالت إحدى المتواجدات في المكان متوجهة الى الوزير: "أمين إنه رمز الإندماج" في المجتمع الفرنسي. ,أضاف أخر: « هو يتكلم العربية". و ذهبت أخرى الى القةل: « إنه كاثوليكي، يأكل لحم الخنزير و يشرب الجعة". و بدا الأمور بالإنزلاق عندما صاحت امرأة: «  إنه العربي الصغير لدينا". و تحمل هذه الجملة إساءة كبرى إذ أن المضمر منها مزدوج إذ تعني أن أمين هو الواجهة التي نختبىء وراها إظهار أننا نقبل الجميع كما أنه تعني أن أمين، كالعربي يمكن أن توكل اليه الأعمال القذرة. وهنا تدخل هورتفو ليقول:   يجب أن يكون دائما واحد . في هذه الحال، ليست هناك مشكلة. المشاكل تبدأ عندما يكون هناك الكثيرون.

كلام هورتفو، الذي جاء في شريط فيديو قصير على موقع صحيفة لوموند على شبكة الأنترنت سمعه ما لا يقل عن نصف مليون متصفح . ومشكلته أنه يحمل صورا نمطية يمكن اعتبارها عنصرية بشأن العرب إذ أنه يشير الى أن العرب مشكلة في فرنسا لأنهم كثر وهذا ما يركز عليه اليمين المتطرف. كما يمكن فهمه على ان العرب يتكاثرون . و قبل سنوات صدر كتاب تحت عنوان : الغزو العربي واحيانا يسمى الزحف الإسلامي الذي يراد له التذكير بمعركة بواتييه في العام 732 وهي المعركة التي برز فيها اسم شارل مارتيل بصفته البطل الذي اوقف الزحف الإسلامي الى فرنسا .

كانت هذه الكلمات كافية إثارة جدل بدأ و لن يهدأ قريبا . أمين سعى من جهته الى التخفيف من الإحتقان و تبرئة ساحة الوزير هورتفو. والأخير بدوره، شدد على ابتعاده عن أي شعور عنصري مؤكدا أن الحديث لم يكن مقصودا به العرب بل كثرة الصور الى طلبت منه . وهب رئيس الحكومة فرنسوا فيون لنجدته وكذلك فعل زملاؤه الوزراء بمن فيهم فاضلة عمارة ونورا براح وهما وزيرتان من أصول مغاربية . وبالمقابل، ارتفعت أصوات المعارضة الشيوعية والإشتراكية والجمعيات المناهضة للتمييز العنصري للتنديد بالوزير «العنصري» وتدعو الى استقالته. منهم من طالبه على الأقل بالإعتذار العلني ومنهم من أصر على استقالته من الحكومة ومنهم من تساءل عن سبب تأخره في الإستقالة... في أي حال، الجدل ما زال في بدايته ومن المرشح له أن يطول طالما أن استخدامه السياسي يمكن أن يكون مفيدا لهذه الجهة أو تلك. وليست المرة الأولى التي يتفوه فيها مسؤول بكلام تشتم منه رائحة العنصرية أو الكره للأجانب.