وزير الداخلية: تأخير تشكيل الحكومة قد يطيح بالانتخابات البلدية

الساحة اللبنانية تترقب ترجمة نتائج قمة دمشق انفراجا في الملف الحكومي

أحد أفراد القوة النيبالية العاملة في إطار القوات الدولية «يونيفيل» في جنوب لبنان يسهم أمس في قطاف موسم الزيتون في بلدة حولا الجنوبية (رويترز)
TT

ما زالت الساحة اللبنانية تترقب حصاد القمة السعودية ـ السورية التي انعقدت في دمشق الأسبوع الماضي بين خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس بشار الأسد. ورغم الإشارات الإيجابية التي تلقاها المسؤولون اللبنانيون لنتائجها، فإن نسيمها لم يلفح بعد الملف الحكومي العالق في عنق زجاجة الصراع على الحقائب والأسماء بين فريقي الأكثرية والمعارضة بعد أكثر من أربعة أشهر على انتهاء الانتخابات البرلمانية التي أفرزت أكثرية وأقلية.

وبدأت مساوئ تأخر ولادة الحكومة تهدد استحقاقات أساسية مرتقبة ومنها الانتخابات البلدية المقررة في الربيع المقبل، وهذا ما عبر عنه أمس وزير الداخلية والبلديات زياد بارود الذي رأى أن «تأخير تشكيل الحكومة قد يؤدي إلى تأخير الانتخابات البلدية، وهذا أمر لا نريده»، مؤكدا أنه «لإجراء الانتخابات في موعدها، علينا إدخال التعديلات الأساسية». وأوضح في الوقت نفسه، أن «تعديل قانون البلديات لا يمكن أن يتم بمجمله، خصوصا أنه يتضمن موضوع اللامركزية الإدارية، وهو مؤجل لم يسلك دربه إلى التطبيق بعد»، وقال «إن تعديل قانون الانتخابات البلدية يجب أن يكون في حده الأدنى من خلال إدخال النسبية».

واعتبر أن «اللامركزية الإدارية وقانون البلديات متكاملان، ويجب البحث فيهما في اليوم التالي للانتخابات البلدية مع قانون الانتخابات النيابية، فهذه القوانين الثلاثة هي قوانين تأسيسية لمستقبل البلد ولا يمكن الفصل في ما بينها».

من جهته، شدد وزير المال محمد شطح على أن «الحكومة ستؤلف إذا استوفيت المبادئ الأساسية التي يتمسك بها الرئيس المكلف سعد الحريري، أما إذا لم تستوف هذه المبادئ فستتأخر الحكومة بغض النظر عن نتائج لقاء القمة الأخير بين العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس السوري بشار الأسد».

وردا على سؤال عن مطالبة «التيار الوطني الحرّ» بأن تشمل المداورة وزارة المال، قال: «إن مبدأ احتكار أي وزارة مرفوض، ويجب ألا تحتكر أي وزارة لأي فريق وتحديدا لأي طائفة، ولكن لا يعني ذلك أن وزارة المال يمكن أن تكون لفريق يدخل إلى الحكومة بإعلان واضح لمعارضة وتعطيل، ويمنع الحكومة من أن تتحرك كفريق عمل، وهذا أحد المبادئ التي يتبعها الرئيس المكلف». ورأى شطح أن «قمة عبد الله ـ الأسد مهمة عربيا طبعا ولكن يمكن أن تكون مهمة لبنانيا أيضا، ليس من باب تركيبة الحكومة والحقائب وتغيير المواقف، بل إذا كانت بداية كلام جدي عن تحييد لبنان عن أن يكون مسرحا للنزاعات الإقليمية».

وأكد عضو كتلة «لبنان أولا» النائب نضال طعمة «أن الرئيس المكلف سعد الحريري ما زال يواصل سعيه الدؤوب والمرونة في الحوار مع الجميع من أجل الوصول إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية ترضي كل الأطراف وتنهض بالبلاد». وأشار إلى «أن العراقيل لا تزال موجودة وخصوصا عندما يبدأ الحديث بالأسماء والحقائب. إن الأجواء الإيجابية التي توحيها قوى 8 آذار هي محاولة خبيثة ويراد منها باطل لوضع الكرة في ملعب قوى 14 آذار».

ونقل نائب رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» النائب جورج عدوان عن البطريرك الماروني نصر الله صفير قلقه «على لبنان بسبب الخروج المستمر عن مرجعيتنا والتي هي الدستور». ورأى عدوان أن هذا الأسبوع «سيكون أسبوع التفاصيل وسنكون أمام امتحان لإمكان تشكيل حكومة وحدة وطنية، وفي حال الرسوب فيها يكون الحل بتشكيل حكومة أقطاب مطعمة بتكنوقراط».

وطالب عضو كتلة «القوات اللبنانية» انطوان زهرا بـ «تشكيل حكومة دستورية قانونية وشرعية تتمثل فيها كل الطوائف حتى لو لم تتمثل فيها كل التيارات والأحزاب إذا لم يتيسر تأليف حكومة ائتلاف وطني». وناشد رئيس الجمهورية والرئيس المكلف «المبادرة لاستعمال صلاحياتهما الدستورية وتأليف تشكيلة حكومية شرعية، وعندئذ وعلى أساس بيانها الوزاري يقول الشعب كلمته بواسطة نوابه المنتخبين، فإما أن يعطيها الثقة أو لا ثقة. أما الاستسلام والتعطيل والابتزاز فهي مرفوضة تماما».

من جهته، رأى عضو «حزب الله» النائب نواف الموسوي في لقاء سياسي في الجنوب «أنه بعد هذه القمة السعودية السورية وتبادل الأوسمة على أرفع المستويات، أصبح بوسع من هو معني بتشكيل الحكومة أن يكون قادرا على أن يخطو إلى الأمام دون أن يكون متوجسا من فيتو أميركي أو محاولة عربية ما للمشاغبة على توجه اللبنانيين لتحقيق التوافق في ما بينهم».

وقال: «نأمل بعد القمة التي عقدت في دمشق في أن نكون قد افتتحنا مرحلة جديدة من العلاقات العربية ـ العربية، وأن تؤدي هذه المناخات الجديدة إلى إزالة العوائق أمام من كان يحذر من أن يخطو خطوة جريئة إلى الأمام في مجال تشكيل حكومة الوحدة الوطنية».

كذلك، رأى عضو كتلة «حزب الله» النائب علي عمار «أن الحل الطبيعي الحقيقي المنسجم مع روحية الصيغة اللبنانية القائمة على التعددية هو قيام حكومة وحدة وطنية»، معتبرا «أن هذا المطلب ليس مطلبا للمعارضة ولا للثامن من آذار، إنما هو مطلب دستوري نصت عليه وثيقة الميثاق الوطني». ودعا الجميع «للإسهام من خلال حكومة الوحدة الوطنية في تحرير الإدارة وتطهيرها من أوجه الفساد، لتكون الكفاءة هي المعيار الأوحد في بلوغ المواقع والمناصب التي يستحقها الناس كي نشكل مصداقا حقيقيا لمن يريد أن يخرج البلد من المرهونية ولقطع الطريق على كل أشكال التفرد والاستئثار والتهميش».

وأوضح عضو كتلة «التحرير والتنمية» النائب أنور الخليل، أن «نتائج القمة السعودية السورية كانت إيجابية جدا وستكون لها انعكاسات طيبة على المستويين العربي واللبناني». وشدد على «أهمية الاستفادة من المناخ الإقليمي لإنجاز قيام حكومة وحدة وطنية على أساس 15+10+5». واعتبر أن «الرئيس المكلف الشيخ سعد الدين الحريري قادر وأهل لإنجاز هذه المهمة وتأليف الحكومة التي نعتبرها أهم ركائز الحكم في لبنان، ولا سيما أن لبنان لا يمكنه تحمل هذه المدة الطويلة من الفراغ الحكومي. وغالبية الكتل النيابية مقتنعة وماضية في تسهيل عملية التأليف، وتبقى بعض العقبات البسيطة التي علينا جميعا واجب تذليلها بالسرعة الممكنة».

وأمل عضو كتلة «التحرير والتنمية» النائب ياسين جابر «أن تكون القمة السورية ـ السعودية فاتحة خير وأن تكون لها انعكاساتها الإيجابية على الساحة اللبنانية». ودعا إلى تعاون اللبنانيين من أجل الاستفادة من هذا الغطاء العربي لتنطلق عملية تشكيل الحكومة ويبدأ العمل بالمؤسسات الرسمية المعطل بعضها والتي لا يجوز أن تستمر هكذا، لذا المطلوب بإلحاح الإسراع في عملية تشكيلها».

ودعا عضو الكتلة نفسها النائب علي بزي، إلى «الاستثمار في المناخات الإيجابية التي عكستها القمة السورية السعودية على المستويين المحلي والإقليمي، وذلك بالشكل الذي يؤدي إلى تعزيز مناخات الاستقرار السياسي من خلال الإسراع في تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، وفقا للقواعد التي تم التوافق عليها سابقا، باعتبار أنها الأساس لتحقيق الشراكة، والأساس الذي يؤمن مشاركة القوى كافة في صياغة الحلول لكل الأزمات التي تحدق بلبنان على مختلف المستويات، لاسيما السياسية منها والاقتصادية والاجتماعية».

وحض عضو الكتلة نفسها النائب علي خريس، الرئيس المكلف على «اتخاذ خطوات جريئة تعزز الوفاق الوطني وتدفع بالأزمة إلى دوائر الحل السريع للمساهمة في إنتاج حكومة قادرة على مواجهة التحديات». وقال: «نحن نرى أن القمة السورية ـ السعودية عقدت بعيدا عن كل الضغوط الدولية وساهمت في إعادة التضامن العربي ـ العربي ونشر أجواء الاستقرار والوفاق في لبنان. وعلى المعارضة والموالاة في لبنان. أن تستفيدا من هذه الفرصة التاريخية وترجمة مقررات القمة السعودية ـ السورية وتفاهماتها إلى خطوات عملية تخدم لبنان ومصالحه بما يتوافق مع مصالح الأشقاء العرب».