بيروت وطرابلس وصيدا تعيش توترات أمنية في ظل استمرار الفراغ الحكومي في لبنان

الجبهة الشعبية تنفي الاتهامات الموجهة إلى أصابع فلسطينية

TT

في ظل انتظار ولادة الحكومة في لبنان، خلت الساحة للمصطادين في الماء العكر الذين توزعوا بين مدينة طرابلس (في الشمال) ومنطقة عين الرمانة ـ الشياح في بيروت الكبرى، مرورا بمخيم عين الحلوة في الجنوب.

فعلى صعيد أحداث عين الرمانة ـ الشياح التي أودت بحياة مواطن بريء وعدد من الجرحى، توصلت التحقيقات القضائية إلى توقيف جميع المطلوبين البالغ عددهم عشرة أشخاص من سكان برج البراجنة في ضاحية بيروت. وتردد كلام عن وجود فلسطينيين بينهم. وقد أسهم معظم القيادات في تبريد آثار هذه الأحداث خوفا من تكرار الشرارة الأولى للحرب اللبنانية التي انطلقت من هذه المنطقة. وكان لافتا تصريح رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع حول عدم وجود خلفية سياسية لهذه الأحداث. في حين استنكرت المرجعيات الشيعية، السياسية والدينية، هذه الحوادث و«أخواتها» في طرابلس، بحيث اعتبرها نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان «أعمالا شيطانية، لا تمت إلى الحق بصلة». ودعا العقلاء والمخلصين والمنصفين من أهل الوطن إلى «تطويق كل فلَتان أمني والتصدي لكل تسيب ينافي الأخلاق والدين ويسيء إلى مسيرة الأمن والاستقرار في لبنان». وأكد أن «لبنان سيبقى عصيا على المؤامرات والفتن بفعل تعاون اللبنانيين وتضامنهم وتكاتفهم، وضرب أمن لبنان هو تحدٍّ للمنطقة برمتها».

وأجرى قبلان سلسلة اتصالات بشخصيات دينية وسياسية في الشمال أكد خلالها ضرورة التعاون بين الفعاليات لحفظ الأمن وإزالة كل التشنجات والحساسيات بين المواطنين.

ولم تكن أحداث بعل محسن ـ باب التبانة في طرابلس أقل إثارة للمخاوف لما تنطوي عليه من خط ساخن أو قابل للتسخين بين الفترة والأخرى على غرار خط عين الرمانة ـ الشياح، فما كادت مجموعة من قذائف «الإنيرغا» تسقط على فترات قصيرة على أحد المقاهي في بعل محسن، الذي يسكنه أبناء الطائفة العلوية، حتى ارتدت «الإنيرغا» أمس صوب منطقة باب التبانة ذات الغالبية السنّية، كأن كل هذه القذائف رسائل أمنية وسياسية موجهة في أكثر من اتجاه. وفيما تبرأ أبناء المنطقتين من مسؤولية هذه القذائف، صوب بعض المعارضين على مصر، فيما صوّب بعض الموالين على إيران أو «الطابور الخامس» أو المتضررين من التفاهم السوري ـ السعودي.

وفي هذا المجال، رأى مفتي جبل لبنان الشيخ محمد علي الجوزو أنه «منذ مدة طويلة هناك حملة مشبوهة تستهدف الشقيقة الكبرى مصر، لأغراض معروفة ومكشوفة وأهداف ليست بريئة. هذه الحملة تقودها الصحف الموالية لإيران في لبنان إلى جانب عدد من العملاء الصغار للمخابرات السورية. ويبدو أن التعليمات لم تصل بعد إلى هؤلاء بعد القمة السعودية ـ السورية، أو أنهم يريدون التشويش على هذه القمة، لأن إيران ليست راضية عن نجاح هذه القمة وليست راضية عن أي تقارب عربي ـ عربي».

واعتبر أن القمة «خطوة في سبيل توحيد الأمة العربية. والسعودية ليست بعيدة من مصر في ميدان السياسة العربية، وبين البلدين تفاهم تام، خصوصا أن هناك أخطارا تهدد الأمة العربية. وأكثر الدول حرصا على إصلاح ذات البين بين جميع الدول العربية هما مصر والسعودية». وتمنى من رئيس الجمهورية أن «يقدم على اتخاذ خطوات إيجابية لإنقاذ البلاد بالنسبة إلى تأليف الحكومة الجديدة حتى لا نترك فرصة لهؤلاء الذين يصطادون في الماء العكر، وأن يثبت أن بين الرئاستين انسجاما كاملا، رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء، وهذا من أجل قطع الطريق على الذين يريدون شرا بلبنان ومستقبله. وفخامة الرئيس يستطيع أن يرد على هؤلاء بالإقدام على خطوات إيجابية توحد ولا تفرق». ورأى أن «النشاط الأمني الذي تموله إيران في لبنان من الجنوب إلى الشمال إلى الجبل وإلى البقاع هو الذي ينعكس سلبا على الشباب اللبناني الذي ينتشر في الدول العربية ويعمل على أرضها ويكسب لقمة عيشه بعرق جبينه».

أما مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار، فأبدى أسفه لصدور بعض «الاتهامات العشوائية في حق جمهورية مصر العربية والزعم أنها تؤجج الفتنة بين التبانة وجبل محسن». ووصف اليد التي تحاول إحداث الفتنة في الشمال بأنها «يد أثيمة وغريبة عن مناخنا الوطني والديني».

وأكد نواب طرابلس بعد اجتماعهم أمس، أن الحوادث في المدينة ليس لها بعد سياسي ويجب حصرها في الإطار الأمني ومعالجتها على هذا الأساس.

ومن جهتها، دعت «جبهة العمل الإسلامي» في لبنان أهالي منطقتَي بعل محسن وباب التبانة «إلى النزول إلى الشارع والتلاقي معا وتبادل الورود وعبارات وشعارات الأخوة والمحبة والألفة والتسامح، لإغلاق أبواق الشر والفتن ولقطع الطريق نهائيا على مثيري الشغب والأحداث الأمنية والمحرضين على الفتنة العمياء بين أبناء الشعب الواحد والمنطقة الواحدة». ولفتت إلى «ضرورة إيلاء المسؤولين هذه القضية الاهتمام اللازم وتبني هذه المبادرة الشعبية والدعوة والتحضير لها في شكل جيد حتى تطمئن النفوس وتعود المياه إلى مجاريها الطبيعية»، مطالبة «الأجهزة الأمنية المختصة بملاحقة واعتقال ومعاقبة مطلقي النار وقذائف الإنيرغا وضرورة فضحهم وكشف خلفياتهم ومَن وراءهم حتى يعرفهم الجميع ويكونوا عبرة لغيرهم من المجرمين».