ترحيب دولي باتفاق تركيا وأرمينيا

أذربيجان تندد باتفاق التطبيع وتحذّر من زعزعة الاستقرار.. واللبنانيون الأرمن غير سعداء

وزير الخارجية التركي، أحمد داود أوغلو (يمين)، يوقع مع نظيره الأرميني، إدوارد نالبنديان، اتفاقات تاريخية لتطبيع العلاقات بين البلدين أول من أمس (أ.ب)
TT

أكدت الولايات المتحدة أن الاتفاق الموقع بين تركيا وأرمينيا سيقضي على عقود من العداء بين البلدين، في وقت توقع فيه الاتحاد الأوروبي أن تستفيد منطقة القوقاز من هذه الخطوة. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤول أميركي رفيع المستوى قوله، إن الرئيس الأميركي باراك أوباما اعتبر الاتفاق «خطوة كبيرة نحو الأمام». ووعدت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بأن تقوم بلادها بكل الجهود لتعزيز الاتفاق، الذي وصفته بـ«الإنجاز التاريخي». واعتبر مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية، أول من أمس، أن الاتفاقات الموقعة بين تركيا وأرمينيا من اجل تطبيع علاقاتهما هي اتفاقات «تاريخية» وتضع حدا «لعقود من العداء والانقسام».

وأعلن رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، أمس، غداة توقيع اتفاقات تاريخية لتطبيع العلاقات مع أرمينيا، أن فتح الحدود مع هذه الدولة مرتبط بإحراز تقدم حول مسألة «ناغورني قره باخ». وقال اردوغان خلال اجتماع في أنقرة لمسؤولي حزبه «نريد أن تفتح كل الحدود في الوقت نفسه، لكن طالما أن أرمينيا لم تنسحب من الأراضي الأذربيجانية، التي تحتلها فان تركيا لا يمكنها أن تتخذ موقفا ايجابيا حيال هذا الموضوع». وتنص الاتفاقات أيضا على إقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين. من جهته، قال فيل غوردون، مساعد وزيرة الخارجية الأميركية للشؤون الأوروبية «هذا المساء شاركنا في حدث تاريخي». وأضاف أن «وزيري خارجية تركيا وأرمينيا وقعا بروتوكولات حول العلاقات الدبلوماسية، وتطوير العلاقات الدبلوماسية وتخطي سنوات، وحتى عقود من العداء والانقسام». ويرافق غوردون وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، التي وصلت مساء أول من أمس إلى لندن، في إطار جولة لمدة خمسة أيام على ست مدن أوروبية.

 وأشادت المفوضية الأوروبية أول من أمس باتفاقات تطبيع العلاقات بين تركيا وأرمينيا، التي وقعت في زوريخ (سويسرا)، ورأت فيها خطوة نحو حل النزاعات في كل منطقة جنوب القوقاز. وجاء في بيان أن «المفوضية تعتبر أن الأمر يتعلق بخطوة شجاعة نحو السلام والاستقرار في منطقة جنوب القوقاز، وبقرار فعلا تاريخي يظهر أن الطرفين مستعدان للتسوية». من ناحيتها، قالت المفوضية الأوروبية للعلاقات الخارجية بينيتا فيريرو- والدنر، إن هذا التوقيع «يفتح أفاقا جديدة من أجل حل النزاعات، خصوصا في منطقة ناغورني كراباخ». وبعد حرب استمرت ست سنوات (من 1988 إلى 1994)، استولت يريفان على هذه المنطقة التي تقطنها أغلبية ارمنية في أذربيجان حليفة تركيا، التي أغلقت حدودها مع أرمينيا عام 1993 ردا على ذلك. وأضافت فيريرو- والدنر «أدعو أرمينيا وأذربيجان إلى تكثيف جهودهما من اجل التوصل إلى تسوية سلمية للمشاكل القائمة بينهما». أما مفوض شؤون توسيع الاتحاد الأوروبي، أولي ريهن، فقد أعرب عن الأمل في أن تظهر تركيا وأرمينيا «نفس الشجاعة من اجل تنفيذ الالتزامات التي تعهدتا بها، ومن شأن هذا الالتزام أن يشكل مثالا جيدا لكل المنطقة». ودعت بروكسل إلى التصديق على الاتفاقات «حسب الجدول الزمني المقرر ومن دون شروط إضافية». إلى ذلك رحبت الصحافة التركية أمس بتوقيع الاتفاقات الهادفة لتطبيع العلاقات بين تركيا وأرمينيا واعتبرتها خطوة تاريخية، لكنها حذرت من أن متابعة هذه الطريق ستكون مليئة بالعراقيل. وعنونت صحيفتا «راديكال» الليبرالية و«يني سافاك» الموالية للحكومة على صفحتهما الأولى «توقيع تاريخي»، فيما كتبت صحيفة «صباح» الواسعة الانتشار «السلام تجاوز الأزمة» في إشارة إلى مفاوضات الثلاث ساعات الأخيرة، التي سبقت توقيع الاتفاقات أول من أمس. وكتب فهمي كورو في صحيفة «يني سافاك» أن «بابا فُتح بشكل طفيف لحل مشكلة كنا نعتقد أنها». إلى ذلك نددت أذربيجان أمس باتفاق التطبيع بين أرمينيا وتركيا، وحذرت في الوقت نفسه من أن فتح الحدود الأرمينية التركية قد يتسبب في زعزعة الاستقرار في جنوب القوقاز. وقالت وزارة الخارجية الأذربيجانية في بيان «إن تطبيع العلاقات بين تركيا وأرمينيا قبل انسحاب القوات الأرمينية من المنطقة الأذربيجانية المحتلة يتناقض بشكل مباشر مع مصالح أذربيجان، ويلقي بظلاله على العلاقات الأخوية بين أذربيجان وتركيا المبنية على جذور تاريخية عميقة». وأضافت «أن أذربيجان ترى أن فتح الحدود التركية الأرمينية من جانب واحد قد يهدد السلام والاستقرار في المنطقة». وكان وزير الخارجية الارمني ادوارد نالبنديان ونظيره التركي احمد داود اوغلو وقعا أول من أمس اتفاقات تاريخية لتطبيع العلاقات بين البلدين، وفتح حدودهما المشتركة. والاتفاقات التي لا يزال يتوجب أن يصادق عليها برلمانا البلدين تشكل الخطوة الأولى نحو المصالحة بعد حوالي عقد من العداء، إثر المجازر بحق الأرمن إبان حكم السلطنة العثمانية. وأعلنت وزارة الخارجية الأذربيجانية أن باكو تتوقع من أنقرة أن تلتزم بالوعود التي قطعها مسؤولون أتراك بعدم فتح الحدود إلى حين تنسحب القوات الأرمينية من منطقة «ناغورني قره باخ» المتنازع عليها. وفي بيروت، أدان آلاف الأرمن في لبنان أمس الاتفاقية التي وقعت نهاية الأسبوع بين أرمينيا وتركيا، متهمين الرئيس الأرميني سيرجي ساركسيان بالتغاضي عن الماضي الأليم، الذي كانت تركيا سببا فيه. وقالت إلياسى بوجوسان، العضو في حزب لبناني أرميني في لبنان أمس «إن هناك 7ر5 مليون أرميني يعيشون في شتات فقد كانت هذه المذبحة محاولة لإبادة شعبنا. فكيف ننسى ذلك؟». وعارض السياسي اللبناني الأرميني هاجوب باكرادونان «الموقف الضعيف للرئيس الارمنى والتنازلات التي قدمها لتركيا». وتجدر الإشارة إلى أن هناك 150 ألف أرميني في لبنان يمثلون 4% من تعداد سكان البلاد. وجرى توقيع البرتوكولين بين تركيا وأرمينيا أول من أمس في سويسرا، من أجل إقامة علاقات دبلوماسية وفتح الحدود التركية والأرمينية المغلقة منذ عام 1993، وتشكيل لجان لمناقشة القضايا الاقتصادية والبيئية والثنائية الأخرى. كما ينص البروتوكولان على تشكيل لجنة تاريخية للتحقيق في الأحداث، التي وقعت خلال الحرب العالمية الأولى.