أهالي 4 قرى يعترضون على سد «إبل السقي» لأنه يلتهم بساتينهم ويهدّدهم بـ«الإعدام»

بري يوفر تمويلا من قطر لـ11 مشروعا مائيا في لبنان

TT

أثارت الخطط الإنمائية التي حملها رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري في زيارته الأخيرة لقطر حفيظة أهالي بعض قرى البقاع الغربي، ذلك أن بري حصل على وعد من أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بتمويل تشييد 11 مشروعا لإقامة سدود وبحيرات صناعية حفاظا على الثروة المائية التي تهدر سنويا في البحر فيما يلوَّث قسم كبير منها.

فالأهالي الذين بدأوا قبل فترة تحرّكات احتجاجية، رأوا في أحد هذه المشروعات وتحديدا المتعلق بإقامة «سد إبل السقي»، «إعداما» لقراهم، معتبرين أن خططا كهذه «مشبوهة». «الشرق الأوسط» تحدّثت إلى رئيس بلدية حاصبيا كامل أبو غيدا الذي قال إن السد المزمع إنشاؤه «سيقضي على خمسة آلاف دونم من الأراضي الزراعية وبساتين التفاح والليمون والكرمة والزيتون». وسأل: «ما الفائدة من إقامة سدّ في منطقة سهولها مروية؟ أما إذا كانت الغاية توفير مياه شفّة فما من حاجة إلى إقامة سد على هذا الارتفاع وبمساحة تبلغ 80 مليون متر مكعب». وشكا من أن هذا المشروع «يقضي على أربع قرى هي حاصبيا، وكوكبا، وفرديس، وأبو قمحة. وتشكّل بساتينها التي تبلغ مساحتها 5 آلاف دونم، بحسب الخبراء البيئيين، أجمل بساط في الشرق الأوسط يرويه نهر الحاصباني. لذلك ولدى تسلّمنا الخرائط وجّهنا قبل شهرين، كتابا إلى المدير العام لوزارة الموارد المائية والكهربائية فادي قمير، ولا نزال ننتظر ردّه قبل أن نباشر أي تحرّك».

وحذّر من أن «إقامة السدّ وقضاءه على البساتين سيؤثران على المناخ في حاصبيا ويهددان البيئة، لأن السد سيتحول تجمعا للمياه الآسنة وزيبار الزيتون التي تصب كلها في مجرى النهر انطلاقا من عشرات القرى ومعاصر الزيتون».

بدوره، رفع رئيس بلدية فرديس أنيس سليقة حدة الشكاوى، فقال إن «إقامة هذا السد تحكم على قريتنا بالإعدام، ذلك أنه يقضي على سبعين في المائة من الأراضي الزراعية فيها. كما يقضي على 30 منزلا ويعرّض 120 بيتا لخطر بيئي كبير لارتفاع مستواه إلى حد قريب جدا من المنازل. نحن والأهالي مصرّون على أن هذا السدّ لن يمرّ إلا فوق أجسادنا». وأضاف: «سمع الأهالي أخبارا مفادها أن المبالغ المخصصة للتعويضات لن تكون كافية. ونحن نقول للمعنيين إن الأهالي لن يقبلوا بتعويضات مساوية لأثمان منازلهم، بل يريدون تعويضات أكبر لأنهم لا يملكون ما يبيتون فيه قبل بناء منزل آخر». وسأل: «لماذا يطلق اسم بلدة إبل السقي على السدّ وهو لا يمر فيها؟ هل لأن ابن تلك البلدة أديب الجدع الذي يعمل في المشروع رغب في ذلك؟». في المقابل، قال النائب السابق والمدير العام السابق لمصلحة الليطاني ناصر نصر الله في اتصال مع «الشرق الأوسط» إن «المشروعات الأحد عشر التي تحدّث عنها الرئيس نبيه بري تتوزع بين سدود أساسية وسدود اعتراضية لبعض المجاري وبحيرات صناعية. فالسدود الأساسية أربعة هي الخردلي وإبل السقي وكفرصير وبسري. أما السدود الاعتراضية فوظيفتها تغذية المياه الجوفية بغية تحسين نوعيتها عبر تشكيلها بحيرات. وهذه تعتبر من أحدث الطرق للحفاظ على المياه».

وأضاف: «هذه المشروعات تتحلّى بأبعاد أربعة أساسية هي الأبعاد الاقتصادية والبيئية والاجتماعية والإنسانية. وهي تسمح باستصلاح الأراضي البور في الجنوب عبر توفير مياه لكل الاستعمالات المنزلية والصناعية». واعتبر أن «هذا الملف متكامل لأننا نسعى إلى تنمية الجنوب مع توفير المياه للعلف الحيواني لضمان القدرة على تربية الدواجن وتأصيل أنواعها مما يساعد على تثبيت الناس في أراضيه وتشجيع من نزحوا أو هاجروا على العودة». وفي ما يتعلق باعتراض أهالي البقاع الغربي على سدّ «إبل السقي» قال إن «الموضوع أخذ حجما أكبر مما يجب، لأن المشروع لا يزال في مراحله الأولية، ذلك أنه لم تنتهِ الدراسات التقنية ودراسة الجدوى الاقتصادية». وأشار إلى أن «المصالح الفردية يمكن أن تعوّض»، موضحا أنه «إذا تبيّن بعد الدراسات أن هذا السد سيوقع ضررا أكبر من الاستفادة التي يضمنها، فإما أن يلغى وإما أن يقام في مكان آخر. هذا الموضوع يحلّ بالتعاون مع الأهالي. كما أن إنشاء السدود لا يُتّخذ بقرار بل بسلسلة دراسات».

وكان وزير الدولة في حكومة تصريف الأعمال النائب وائل أبو فاعور وعد الأهالي بـ«إعادة النظر في مشروع السد بما يتلاءم مع حاجات حاصبيا وأهلها».

وحاول طمأنة الأهالي إلى أن «هناك فقط التزاما للدراسة، لتنفيذ حق لبنان في مياهه في مواجهة إسرائيل، وبالتالي ليس هناك مشروع على النار»، مذكرا بكلام رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط ومفاده: «لن يمر أي مشروع خلافا لإرادة حاصبيا وأهلها والمنطقة».