وسيط مفاوضات الجماعات الإسلامية: اتصالات لعودة أعضاء من مجلس شورى الجماعة لليبيا

ترقب رد سيف الإسلام القذافي على ترشيحه كمنسق القيادات الاجتماعية الشعبية

TT

علمت «الشرق الأوسط» أن المهندس سيف الإسلام النجل الثاني للزعيم الليبي العقيد معمر القذافي يعكف حاليا على دراسة ترشيحه رسميا لشغل منصب منسق عام القيادات الاجتماعية الشعبية, تمهيدا لحسم موقفه من الجدل المحتدم في ليبيا حول مستقبله السياسي.

وقال مصدر ليبي مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن نجل القذافي الذي يقوم حاليا بزيارة خاصة خارج ليبيا, سيعود قريبا إلى البلاد في موعد لم يتحدد بعد لإعلان موقفه الرسمي والنهائي من هذا الترشيح.

وتترقب الأوساط الليبية عودة نجل القذافي، فيما يروج المقربون منه لخطاب سيلقيه وسط معلومات عن اعتزامه المشاركة في عملية هدم سجن أبي سليم سيئ السمعة في العاصمة الليبية طرابلس، والذي من المقرر أن يتحول إلى مشروعات خدمية للمواطنين.

ولم يتضح بعد توقيت عرض الاقتراح الخاص بنجل القذافي على البرلمان الليبي لإقراره, فيما يتوقع أن يتم خلال الأسابيع القليلة المقبلة تقديمه للمؤتمرات الشعبية الأساسية (المحليات والبلديات) لمناقشته وإبداء الملاحظات بشأنه.

وقالت مصادر ليبية إنه إذا ما تمت الموافقة على القرار من قبل البرلمان الليبي فإن هذا يعد تعيينا رسميا ولا يحتاج إلى مصادقة العقيد القذافي نفسه.

وعلى الرغم من أن القذافي الأب لا يشغل أي منصب رسمي في الدولة الليبية فإنه يتمتع بصلاحيات الشرعية الثورية التي تخول له تعيين كبار مسؤولي الدولة أو إقالتهم, لكنه نادرا ما يتدخل في هذا الشأن.

وأوضحت المصادر أن الجدل القانوني حول طريقة تنصيب سيف الإسلام في منصبه الجديد يعكس الطريقة التي يفكر بها وبالشكل الذي يريد أن يمارس به صلاحيات منصبه, مشيرة إلى أنه متى اطمئن إلى وجود تأييد شعبي جارف وقبول جماهيري واسع للاقتراح فإنه سيقبل على الفور.

وكانت القيادة الشعبية الاجتماعية على مستوى ليبيا قد اجتمعت مؤخرا في العاصمة الليبية طرابلس برئاسة الزناتي محمد الزناتي منسقها العام والرئيس السابق للبرلمان, حيث صادقت بالإجماع على اختيار سيف الإسلام القذافي منسقا عاما لها خلفا للزناتي.

واتفق المنسقون العموم خلال هذا الاجتماع وفي القرار رقم (1) الذي صدر عنه على اعتماد سيف الإسلام لهذا المنصب, فيما أشاد الزناتي بما وصفه بالدور الكبير الذي قام به سيف الإسلام سواء فيما يتعلق بالتنمية في ليبيا أو إغلاق الكثير من الملفات الشائكة بين ليبيا وبعض الدول الغربية.

وقال محمد عريبي منسق القيادة الشعبية الاجتماعية بطرابلس إن «الموضوع الآن بين يدي العقيد القذافي, لقد وافقنا بالإجماع على هذا المنصب لسيف الإسلام ونأمل أن يستجيب العقيد لرغبة الشعب».

ووجّه عريبي رسالة إلى العقيد القذافي قال فيها: «سررنا سرورا كبيرا برضاكم عن سيف الإسلام ورضاكم عن سيرته وإخلاصه لوطنه ولوالده، وشعوركم بحسن سيرته وتحقيق طموحاته من طموحات شباب والده، لأن هذا ما كنا نطمح إليه نحن جميع المواطنين».

وأضاف في الرسالة التي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها: «هذا هو ما نريده لسيف الإسلام لتحقيق سلطة الشعب تحقيقا لقولك: (ليس هناك أعلى من القيادة الشعبية), تحت إشراف وتوجيه الأب القائد بالسلطة الفعلية، لكي يجد الأب القائد الوقت للتفرغ لقيادة القضايا العالمية».

يشار إلى أن المهندس سيف الإسلام كان قد انسحب العام الماضي بشكل مفاجئ من الحياة السياسية والعامة في ليبيا, فيما بدا أنه انتكاسة لمشروعه الذي يستهدف إحداث تغييرات جذرية في الدولة الليبية على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية.

واقترح العقيد القذافي على المؤسسات في ليبيا خلال خطاب رسمي لم تتناقله وسائل الإعلام الرسمية الأسبوع الماضي, تمكين نجله من شغل منصب رسمي لمتابعة وتنفيذ برنامجه الإصلاحي، فيما رشحت القيادات الاجتماعية نجله رئيسا لها على الفور.

إلى ذلك, كشف الدكتور علي الصلابي الوسيط الليبي بين السلطات الليبية والإسلاميين المناوئين لها, النقاب لـ«الشرق الأوسط» عن اتصالات غير معلنة مع عدد من الليبيين المنتمين إلى الجماعات الإسلامية، من بينهم أعضاء سابقون بمجلس الشورى القديم للجماعة الإسلامية المقاتلة الليبية، تمهيدا لعودتهم إلى ليبيا في إطار الحوار الذي يقوده المهندس سيف الإسلام القذافي. وتلقى الصلابي وبعثات دبلوماسية ليبية في الخارج اتصالات من هؤلاء القياديين تضمنت تأكيد رغبتهم للانضمام إلى قطار المصالحة الوطنية.

وأطلقت السلطات الليبية مؤخرا سراح 88 سجينا إسلاميا, وهي خطوة وصفها الصلابي بأنها إيجابية في الاتجاه الصحيح حتى لا يبقى في السجون أحد كالمحكوم عليهم بالبراءة والذين قادوا الحوار وكتبوا الدراسات التصحيحية ونبذوا العنف وحمل السلاح للتعبير عن آرائهم السياسية.

وأشاد الصلابي لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من مقره الحالي في العاصمة القطرية الدوحة بالجهود التي بذلها نجل القذافي راعي الحوار، لافتا إلى أنه أزال الكثير من العوائق والصعوبات التي كادت تجهضه وتصيبه في مقتل.

وتمنى الصلابي على نجل القذافي بذل الجهد المضاعف، وهو المأمول منه على حد تعبيره, لخروج كافة السجناء وقادة الجماعة الذين كتبوا الدراسات التصحيحية التي لاقت صدى واسعا في ليبيا وخارجها.

ولدى سؤاله حول عدد من تبقوا في السجون الليبية قال الصلابي: «مع الأسف هناك المئات, ويبدو أن الرؤية الأمنية الوسطية تغلبت في نهاية المطاف لإخراج المسجونين على دفعات وليس مرة واحدة».

وكشف النقاب عن أنه لولا سيف الإسلام لما كان ملف الحوار قد فتح أساسا في ليبيا, وقال: «مررت بصعوبات كثيرة ووصلت في إحدى المراحل إلى أن أطلب إعفائي من هذا الملف من قبل نجل القذافي، لكنه أصر على استمراري والتغلب على العوائق، وهو ما حدث».

وأضاف: «كان المهندس (سيف الإسلام) حريصا على تلبية كل الطلبات التي طلبوها وضغط لتلبيتها رغم تحفظ بعض الجهات الأمنية، وكانت لديه قناعة بأن الحوار سينجح في نهاية المطاف، وكان حريصا على أن لا يبقى أحد في السجون». وقال: «حدث حوار بيني وبينه, وقال لي إنه سيتم الإفراج عن المزيد، وهو قد أوفى بوعده، ونتمنى خروج المزيد قريبا لإنهاء هذا الملف بشكل كامل».

من جهتها قالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» إن على ليبيا أن تفرج عن جميع السجناء السياسيين، ومن تم احتجازهم ظلما في السجون الليبية. وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمنظمة في بيان لـ«الشرق الأوسط»: «إطلاق سراح هؤلاء السجناء خطوة إيجابية، خصوصا بما أن الكثير منهم أدينوا في محاكمات مجحفة». وتابعت: «والآن على الحكومة أن تمضي قدما وتحرر جميع السجناء السياسيين، وهم أشخاص سُجنوا لمجرد إبداء آراء ينتقدون فيها الحكومة، ويجب أن تطلق معهم سراح جميع المحتجزين ظلما».

ورحبت المنظمة بإعلان مؤسسة القذافي أيضا أن الحكومة ستغلق قريبا سجن أبي سليم، الذي قالت إنه اشتهر بتعرض نزلائه للتعذيب والانتهاكات، وحبس النشطاء السياسيين والكتاب والصحافيين الذين ينتقدون الحكومة.

وشهد السجن مذبحة مروعة عام 1996 قُتل على أثرها 1200 سجين, فيما لم تكشف الحكومة الليبية علنا عن أي تفاصيل حول حقيقة ما حدث، قبل أن تعود مطلع الشهر الماضي بعد 13 عاما من الحادث، لتشكل هيئة من سبعة قضاة، برئاسة قاضٍ سابق بمحكمة عسكرية، لإجراء تحقيق في الواقعة.

وقالت سارة: «إغلاق السجن الذي شهد انتهاكات حقوقية مروعة على مدار عشرات السنين هو لفتة هامة للغاية من النظام»، مضيفة: «لكن على الأقل يجب نقل جميع السجناء فيه إلى سجون وزارة العدل، ويجب الإفراج فورا عن أي سجين تعرض لمحاكمة مجحفة أو تم احتجازه تعسفا».