المشاهير مع عامة الناس يتنافسون بحذر في لندن لشراء الأعمال الفنية

في معرض «فريز» لبيع الأعمال الفنية الحديثة.. بعد عام على الأزمة المالية وانهيار مصرف «ليمان براذرز»

صورة فوتوغرافية لسوق الأسهم الكويتية بيعت بـ 650.000 يورو («الشرق الأوسط»)
TT

ينتعش النشاط التجاري على الأقل في ركن واحد من معرض «فريز» لبيع الأعمال الفنية هنا في العاصمة البريطانية. وفي الوقت الذي تتحدث فيه الفنانة ستيفاني سيجوكو، من سان فرانسيسكو، مع هواة جمع الأعمال الفنية يوم الأربعاء، كانت منشغلة بكتابة الفواتير وتسلم بطاقات الائتمان. كل ذلك مع الانتباه لمجموعة من الفنانين الشباب الذين كانوا يعملون باجتهاد على طاولات مجاورة. كانت إحدى الفنانات، كلوديا دجنباري، تنحت في الطين الصلب نسخة مصغرة من عمل صنعه فنان كوري جنوبي لتمثال «بالون دوغ» لجيف كونز. وتقول دجنباري «أصنع نسخة من نسخة».

ودفعت المشترية ميمي براون، هاوية جمع الأعمال الفنية من هونغ كونغ، 243 دولارا في سعادة لشراء نسخة الجيل الثالث المصغرة. وكان الجيل الثاني، تعليقا على عمل كونز بواسطة الفنان الكوري غيمهونغ سوك، مصنوعا من أكياس القمامة والصمغ. وهو يعرض في مكان بارز في معرض كوكجي غاليري بسعر 50,000 دولار. وقد بيع أحد منحوتات «بالون دوغ» الأصلية لكونز بمبلغ 20 مليون دولار منذ عامين.

وقالت براون «أحب جمع القطع المقلدة». وأضافت أن مشترياتها تبدو ملائمة، حيث إنها جاءت «من هونغ كونغ، أرض النسخ المقلدة».

ويضم مشروع سيجوكو، الذي جاء تحت عنوان «معرض التقليد: منطقة تصنيع مستقلة»، نسخا مقلدة من لوحات فنية لفيليب غوستون وإيه آر بنيك، والتي جاءت جميعها لتبين ما يعني تنظيم «فريز» في هذه الفترة بالذات ـ والذي يعتبر أشهر معرض للفن المعاصر في مدينة تشتهر بالفن المعاصر – ويظهر في الوقت نفسه حالة السوق الفنية الحالية، حيث يوجد شغف بالشراء، ولكن بأسعار مناسبة.

قال غافين براون، المشارك في المعرض من نيويورك، بعد عدة ساعات من بداية المعرض: «يسير النشاط على ما يرام، وهو أفضل بكثير من العام الماضي».

ومنذ عام افتتح معرض «فريز» في أعقاب إشهار إفلاس مصرف «ليمان براذرز» وانهيار الأسواق المالية. وعلى الرغم من أن العالم تغير منذ ذلك الحين، وأن المبيعات تتحقق في الأسبوع الحالي، فإن وتيرة البيع ليست كما كانت من قبل. ويعترف بعض المشاركين أن الأسعار انخفضت بنسبة 30 في المائة عما كانت عليه في الفترات الأكثر ازدهارا. وتبدو المساومات ضرورية.

وقال آلان شوارتزمان، المستشار الفني من نيويورك «لم يعد الأمر يتعلق بتحقيق مبيعات في أول ساعتين».

وحاليا في عامه السابع، أصبح معرض فريز الفني حدثا للمشاهدة والعرض. وعندما تنتهي فاعلياته (يوم أمس الأحد) يقدر منظموه أن يمر 60,000 زائر بالخيمة البيضاء المؤقتة الموضوعة في ريجنت بارك بوسط لندن، حيث يقام المعرض.

وبالتأكيد، كان للحالة الاقتصادية تأثير، حيث انسحب 28 مشاركا من المعرض في العام الحالي. ولكن يقول ماثيو سلوتوفر، أحد مديري المعرض، إنه لم يجد مشكلة في العثور على بديل لهم. وقال «في الحقيقة، حجم المعرض في العام الحالي أكبر»، مشيرا إلى مشاركة 164 عارضا، مقارنة بـ151 في العام الماضي.

وتعد مشاهدة الناس هنا أيضا رائجة مثل شراء الأعمال الفنية. وفي حفل الافتتاح الذي أقيم للشخصيات المهمة في صباح يوم الأربعاء حضرت الممثلة غوانيث بالترو ومصمم الأزياء فالنتينو والمليونير الروسي رومان أبراموفيتش، ومعهم مديرو متاحف مثل نيكولا سيروتا من تات وريتشارد أرمسترونغ من مؤسسة سولمون آر غوغنهايم.

وعلى الرغم من أن المشاركين قالوا إنه لم يكن هناك الكثير من هواة جمع الأعمال الفنية الأميركيين كما كان في الأعوام السابقة، فإنه كان هناك عدد من العامة ومن بينهم دونالد وميرا روبل من ميامي؛ وديفيد غانيك وجين هولزر من نيويورك؛ وستيفان إدليس من شيكاغو؛ وميمي هاس من سان فرانسيسكو؛ وبيتر برانت من غرينتش، بولاية كونكتيكت.

ويدخل المشاركون في المعرض في أمان بواسطة فنانين ذوي خبرة وصدق يعرفون أنهم سيجدون رواجا لدى هواة جمع الأعمال الفنية، ويستفيد العديد منهم من معارض المتاحف الحالية. ولا يعد المعرض الرئيسي مكانا للاكتشافات.

وتوجد نماذج عديدة لجون بالديساري، الفنان المفاهيمي الذي افتتح معرضه «الجمال النقي» في متحف تات الحديث في الأسبوع الحالي.

ويعرض أحد أهم أعماله «بوق بيتهوفن» والذي يعود إلى عام 2007، بصورة بارزة في قاعة معرض سبروث ماغرز في برلين. وفي جناح العرض يبرز بوق مطلي بالبرونز من أذن طولها ستة أقدام. ويمكن أن يضع الزائرون آذانهم بمحاذاة البوق ليمكنهم سماع عزف بيتهوفن الهادئ.

وتعرض قاعة باربارا غلادستون عملا نحتيا مستديرا أحمر لأنيش كابور، الذي يقام له معرض في رويال أكاديمي هنا، وسيفتتح له معرض آخر يوم الأربعاء في متحف غوغنهايم في نيويورك. ويوجد بالقرب من عمله مجموعة من 10 لوحات من الباستيل الأزرق لجيم هودجز، الفنان الأميركي الذي يقام له حاليا معرض في مركز بومبيدو في باريس. وقد خصص ستيفن فريدمان، المشارك في المعرض من لندن، جناحه الكامل لعمل فني واحد لهودجز. ويسمى العمل «البوابة المظلمة»، وهو عبارة عن غرفة خشبية باللون الأسود بها فتحة مصنوعة من الأعمدة الصلبة الحادة الكبيرة لها رائحة عطر صنعه الفنان.

وتعد الأجنحة التي تقدم أعدادا أقل من المعروضات أكثر إمتاعا. وقد أعدت إيفا بريزنهوبر، المشاركة من زيوريخ، جناحا أنيقا يعرض أعمال فنانين اثنين فقط. وفي وسط الجناح وضعت شجرة بيضاء من الألومنيوم المصبوب يبلغ طولها 19 قدما من صنع الفنان السويسري أوغو روندينون؛ وخلفها تتدلى لوحة فنية ثلاثية ملونة للفنان السويسري ديتير روث.

وقد وضعت بعض الأعمال الفنية وفقا لترتيب معين. وفي ليمان ماوبين، قاعة العرض في نيويورك، يمكن أن يملأ الزوار استبيانا للفنانة البريطانية تريسي إيمين، تسأل فيه على سبيل المثال «هل تؤمن بالله؟» و«هل يوجد لون محدد يجعلك تشعر بسأم بالغ؟» ومن خلال الإجابات ستبدع إيمين لوحة فنية وعملا من النيون. وقد بيعت أول أعمالها المخصصة لآمي فيلان، أحد أمناء متحف غوغنهايم وقائدة فريق مشجعي دالاس كاوبويز؛ وجاء بعدها أربعة مشترين آخرين.

وقال ديفيد ماوبين «في العام الماضي كنا في حالة من الرفض، ما بين المبيعات الملغاة وعدم وجود مبيعات على الإطلاق. وفي العام الحالي، عاد الناس الذين نعرفهم، وهم يشعرون بأن حالة الاقتصاد أصبحت أفضل».

وقد أنتج بعض الفنانين أعمالا تتفق مع الأوقات الصعبة. وفي قاعة هليغا دي ألفير في مدريد، يصف عمل نحتي للثنائي إلمغرين ودراغسيت، أنتج العالم الحالي، تمثالا يشبه تماثيل غياكوميتي مقيدا بكرة بيضاء كبيرة، في محاكاة ساخرة لأحد تماثيل «الرجل الذي يمشي» المصنوعة من البرونز.

ولكن يمثل انتشار معارض مثل «فريز» تحديا للمنظمين: فكيف يحافظون على تجديد الأشياء فيشعر هواة الأعمال الفنية والمشاركون بالرغبة في العودة. ويقول المنظمون إن العديد من المشاركين كبروا مع المعرض، لذا قدموا قسما جديدا من 29 قاعة عرض من حول العالم كانت موجودة منذ أقل من 6 أعوام.

وقال سلوتوفر «لم نشعر بأن لدينا ما يكفي من طاقة الشباب». وفي كل من تلك القاعات جناح صغير (أقل مساحة ولكنه أقل سعرا من أجنحة المعرض الأساسية) يعرض لفنان واحد فقط.

ويثير الانتشار الجغرافي لهؤلاء الفنانين الشباب الإعجاب. وعلى سبيل المثال، ملأ معرض بروجيكت 88، الذي يبلغ عامين من مومباي، مساحة جناحه برسومات تشبه الكاريكاتير لسارناث بانيرجي من نيودلهي. وبالقرب منه كان جناح قاعة إيه إم بي، التي يبلغ عمرها عاما واحدا من أثينا، ويعرض بها عمل ليوب فان ليفلاند، الفنان الهولندي الذي يعيش في برلين. وتأتي واحدة فقط من تلك القاعات من نيويورك: حيث جاءت ليزا كولي بمجموعة من الصور الأبيض والأسود المصغرة لإيرين شيريف من نيويورك، والتي تشبه صورا مكبرة لسكاكين.

وتقول كولي، التي تدير قاعة العرض الخاصة بها في شارع أورشارد منذ عامين «دائما ما كنت أحببت معرض فريز. وحتى الآن كنت أفكر دوما في أنه آخر معرض يمكنني المشاركة به.»

* خدمة: «نيويورك تايمز»