لوحات خضير البورسعيدي تروض الحروف الجامحة

في معرض للخط العربي بمكتبة الإسكندرية

أحيا البورسعيدي مدرسة بصرية قديمة وتقليدية هي «توالد الحروف» وأخرجها من بعدها التعليمي («الشرق الأوسط»)
TT

ضمن حرصها على الاحتفاء بمفردات التراث الإسلامي وفنونه، احتضنت مكتبة الإسكندرية معرض الفنان خضير البورسعيدي للخط العربي. ضم المعرض عددا من اللوحات جسدت انسيابية الخط العربي وجمالياته وفخامته، وترجمت الأعمال المعروضة رؤية خضير البورسعيدي للفن بمفهومه العام كانعكاس لحياة الشعوب وأحاسيسها وقضاياها.

احتوى معرض الفنان البورسعيدي على جملة من التكوينات والتصميمات التي يتميز بها فن الخط العربي، والمفعمة بأشكال من الرؤى المبتكرة، تعكس علاقة متفردة بفن الخط العربي، حيث عمل على أن يفهم شخصية كل حرف ويعرف مكامن الجمال فيه، واكتشف أن هناك حروفا جامحة وأخرى مسالمة، فاستطاع وبقدرة الفنان أن يروضها جميعا لتصبح طوع بنانه.

يشغل الفنان خضير البورسعيدي منصب رئيس الجمعية المصرية العامة للخط العربي ومؤسسها، كما أنه عضو لجنة التحكيم الدولية لفن الخط العربي باسطنبول.

وعن تجربته قال البورسعيدي لـ«الشرق الأوسط»: «حاولت أن تعكس لوحاتي تجربة تحمل دلالات كثيرة، أبرزها الدقة في التفكير والجمال في التعبير، وهي اللغة المفهومة بين كل البشر، فالفن الحقيقي لا يحتاج إلى شرح أو تفسير فهو في مفهومه يعطي صورة حية عن حياة الناس وتاريخهم وثقافتهم».

ويعد الفنان خضير البورسعيدي من أشهر فناني الخط العربي في مصر، وقد جاء إنتاجه الإبداعي في وقت وقف الخط العربي فيه عند طريقين: الأول الاتجاه الكلاسيكي التقليدي، والثاني هو الاتجاه الحروفي، فكانت الميزة الأساسية في أعماله هي فهمه وتعامله مع معالم النجاح في الطريقة الحروفية وإكسابها رونق الطريقة الكلاسيكية للخط العربي، فكان «البعد التكويني» للوحة الخط العربي وسهولة إدراك العين لها.

وأحيا البورسعيدي بذلك مدرسة بصرية قديمة وتقليدية هي «توالد الحروف»، وأخرجها من بعدها التعليمي، ومن ثم أدخل فن الخط مرحلة جديدة، تمرد فيها فنيا وأراد أن يصوغ بعدا جديدا يحسب له؛ حيث أدخل بعض حركات الحروف المختلفة من الأنواع المتنوعة للخط العربي في بعض، فجاءت متناغمة وحالمة، واستغل طاقات الحرف ومنحه حرية التمدد والاستطالة محتفظا في الوقت ذاته بأبعاده وقياساته التقليدية.

ارتبط فن الخط العربي عند خضير البورسعيدي بلفظ ومفهوم «العمارة»، فعزز من قيمة العلم المرتبط بقدرات إنسانية وفنية وهندسية، وتجاوز الأمر ذلك إلى الرغبة في الوصول إلى تشكيلات وأشكال هدفها تحقيق الجمال الفني النسبي المبني على النسبة والتناسب، من حيث الأسس والاشتراطات الكلاسيكية، وجودة العلاقة بين الحروف، والمقاييس والنسب التكوينية، والعلاقات اللونية، وكفاءة تكامل التشكيلات.

وقال الدكتور خالد عزب، مدير مركز الخطوط بمكتبة الإسكندرية، إن المعرض قدم مجموعة لوحات من كلاسيكيات فن الخط العربي ومجموعة أخرى تمثل تيار الحداثة والابتكار.

وأشار إلى أن الفنان عمد بطريقته الإخراجية الفنية المميزة إلى إثبات أن الخط العربي فن حيوي لمن يفهم قواعده وأصوله، بحيث يمكن له أن يتطور وينمو ككائن حي.

وبلغ عدد اللوحات التي أبدعها البورسعيدي في مشوار حياته ما يزيد على 5000 لوحة خطية، وتميزت أعماله بطابع تلقائي وتجديدي.

وحصل البورسعيدي على عدد كبير من الجوائز، منها جائزة الكوفة التقديرية في الخط العربي عام 1995، والوسام الذهبي لمهرجان كاظمة العالمي بالكويت عام 1996، وجائزة الصين في الفن الإسلامي عام 1996، ويحضر معارضه كثير من الشخصيات العامة والشهيرة، فزاره مثلا في متحفه الخاص بالحسين الرئيس مأمون عبد القيوم، رئيس دولة المالديف.

وأقام البورسعيدي أكثر من سبعين معرضا خاصا في مصر، من أشهرها معرضه الرمضاني بقاعة بيكاسو؛ وله معرض دائم بمتحفه الخاص بالحسين، كما أقام الكثير من المعارض الدولية في دبي، والشارقة، والكويت، والرياض، وبغداد، والبحرين، والجزائر، وفرنسا، وبلغاريا، وفرانكفورت، وروما، ولوس أنجليس. كما اقتنت الكثير من المتاحف الفنية والمؤسسات والشخصيات الدولية لوحاته، ومنها: متحف لاهور بباكستان، وكلية الفنون الجميلة بجامعة بغداد، ودار الأوبرا المصرية، ومتحف الشارقة، ووزارة الأوقاف الكويتية، والأكاديمية المصرية للفنون بروما، وسلطان بروناي، ورئيس دولة المالديف، وغيرهم.

وتم تكريم الفنان خضير في عدد كبير من الفعاليات؛ حيث كرمته دار الأوبرا المصرية في مهرجان الموسيقى العربية السادس عام 1997، وكرمته وزارة الثقافة في مهرجان الخط العربي عام 2000 بقصر الفنون وعين قومسيرا له، كما كرمته محافظات أسيوط والسويس والغربية بمصر إضافة إلى جامعة أسيوط.