وجوه بتناقضاتها في معرض الفنان السوري نذير إسماعيل بدمشق

يرى فيها الوعاء الذي يطرح من خلاله أفكاره

لوحة للفنان نذير إسماعيل في معرضه بدمشق («الشرق الأوسط»)
TT

وجوه فرِحة وحزينة كالحة ومنشرحة متطاولة ومنبسطة وأعين تكاد تخرج منها لتعبّر عن حالات ورمزية هذه الوجوه التي يقدمها لجمهور دمشق حاليا الفنان التشكيلي السوري المخضرم نذير إسماعيل من خلال معرضه الجديد الحالي الذي يحتضنه غاليري «قزح» في حي باب توما بدمشق. وإسماعيل الذي تخصص منذ انطلاقة تجربته الفنية قبل أربعين عاما في رسم الوجوه من خلال فن البورتريه ورسم الوجوه البشرية يواصل في معرضه الجديد تقديم هذه الوجوه والأعين التي تأتي من محض خياله لا من وجوه محددة بذاتها من خلال المجتمع المحيط، والتي قال عنها إنه يرى في الوجوه الوعاء الذي يطرح من خلاله أفكاره والحالات الإنسانية من مشاعر حزن وفرح كآبة وضغوط الحياة جميعها التي تظهر على الوجه البشري.

كما أن العينين تُعتبران مركزا حيويا لتدفق الأحاسيس. ويرى إسماعيل أن الإنسان هو وراء كل الأشياء، لذلك يصر على تقديمه في معظم أعماله مبتعدا عن الطبيعة الصامتة أو الناطقة، فالإنسان لديه هو المحرك الرئيسي لأعماله وأفكاره كما أن للألوان المكثفة فلسفتها الخاصة لديه وخصوصا اللون الأحمر الذي طغى على معظم أعماله المعروضة لتتناغم مع مضامين الأعمال. ويقول الفنان لـ«الشرق الأوسط»: «أعمل منذ سنوات على الأشياء التي يدركها الإنسان وتكون خلفه، فأعمل على إعادة الحياة إليه، فهي بقايا من مخلفات يرميها الإنسان خلفه فقمت بمعالجتها، وبشكل عام أنا أعمل في فن البورتريه وأصر على الإنسان في وجوده في كل أعمالي التي تعكس الواقع أو تخلق عالما موازيا له». العديد من النقاد والمتابعين لتجربة نذير إسماعيل يؤكدون أنه ما من أحد أشد إخلاصا لشخوصه بأحاسيسهم وآلامهم ودموعهم وفرحهم من نذير إسماعيل، من خلال تحوير الملامح في شكل الوجه والتقاط رنين بشري مختلف وفي إيقاع التكوين حيث تحدث حركة ما داخل هذا الصمت في شخوصه ومن خلال حالات الوحشة والتوحد، ففي صمت وجوهه حزن وحكايا قادمة من عمق الزمن، حيث هناك إيقاع هندسي متماسك لوجوه بشرية متعبة. فيما يؤكد الناقد اللبناني جوزيف طراب أن نذير إسماعيل يتابع إلى حد ما سلفه فاتح المدرس ولكن باندفاع أقوى نحو التجريد, أما الناقد عبد العزيز علون فيؤكد أن نذير إسماعيل يصور بالشمع والدمع. وتقول بطاقة الفنان إسماعيل إنه مشارك في المعارض العامة منذ عام 1966 وله معارض فردية في العديد من مدن وعواصم العالم منها القاهرة وباريس وجنيف وبيروت وعمان ودبي، وفاز بالعديد من الجوائز الفنية ومنها جائزة «إنترغرافيك برلين» عام 1980 والجائزة الثالثة للفنانين الشباب بدمشق عام 1971 والجائزة الثالثة لبينالي الشارقة عام 1996 كما أن أعماله مقتناة في المتحف الملكي بعمان ومتحف قطر وفي متحف دمشق الوطني ومتحف دمر وقصر الشعب وفي العديد من المجموعات الخاصة في كثير من دول العالم.