معركة بين الشرطة السودانية ومسلحين جنوبيين في الخرطوم تنتهي بمقتل عقيد

السبب اختطاف فتاة بموجب عادة قبلية للزواج منها

TT

وقعت اشتباكات أمس بين قوة من الشرطة السودانية وأخرى تتبع لفصيل مسلح من جنوب السودان، أسفر عن مقتل ضابط في الشرطة برتبة عقيد، كما سقط جرحى من الطرفين في الاشتباك الذي جرى داخل حي من أحياء مدينة أم درمان.

وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن سبب الاشتباك محاولة الشرطة إنقاذ فتاة اختطفت من ذويها إلى المنطقة التي وقعت فيها الاشتباك. وأدت الاشتباكات، التي وقعت في ضاحية «الفتيحاب» في مدينة أم درمان، إلى إشاعة الرعب وسط السكان، وسماع أصوات تبادل النار، الذي استخدم فيه الأسلحة الآلية في أجزاء واسعة من المدينة، واستغرب السكان لوجود قوة مسلحة تسكن في الضاحية بين السكان. وألقت الشرطة القبض على بعض المسلحين من المكان. وتوقف إطلاق النار بين الطرفين إلا أن الشرطة ظلت تطوق المكان، وروى شهود أنهم شاهدوا أحد قادة المليشيات الجنوبية المنضمة للحكومة، وهو العميد «قوبريال تانق» دخل المنزل الذي يتحصن فيه المسلحون، واخرج جرحى منه ، وقطع سلاح تتبع للجرحى، حيث نقلوا إلى المستشفى. وكانت المليشيات التي تتبع لقوبريال تانق دخلت في معارك مع قوات للحركة الشعبية لتحرير السودان في مدينة «ملكال» جنوب السودان، انتهت بنقل تانق إلى الشمال. وحسب المصادر فإن اتصالات تمت بين جهات تتبع للقوتين اللتين اشتبكتا، أسفرت عن وقت الاشتباكات فيما بقي التوتر في المكان إلى وقت متأخر من المساء، حيث ظلت الشرطة في الخارج فيما يتحصن المسلحون من عناصر المليشيا داخل المنزل.

وقال الناطق باسم الشرطة الفريق محمد عبد المجيد في بيان صدر عصر أمس انه في نحو الساعة الواحدة ظهراً أمس وبناءً على بلاغ بقسم شرطة ضاحية «الحاج يوسف»، شرق العاصمة الخرطوم باختطاف إحدى المواطنات من فتيات الولايات الجنوبية والتي سبق أن تم اختطافها في وقت سابق ومن ثم أعيدت إلى ذويها وردت معلومات مفادها القبض على المتهم بواسطة بعض السلاطين بحي الفتيحاب في مدينة مربع 14. وتحركت قوة بقيادة عقيد شرطة «محمد عبد العزيز آدم» للقبض على المتهم لإكمال الإجراءات القانونية، وقال البيان انه «وبعد أن تم القبض على المتهم واستلامه بواسطة القوة، تم إطلاق أعيرة نارية مما أدى إلى مقتل العقيد في الحال تم القبض على عدد 10 متهمين ويجري التحقيق معهم». ويعتبر اختطاف الفتيات بغرض الزواج منهن عادة من عادات بعض القبائل في جنوب السودان، ويتم اختطاف الفتاة عادة من قبل الشخص الذي يريد الزواج منها، ويخبئها في موقع ما، وعندما يعثر عليه، يدخل مع ذوي الفتاة في مساومة لتقليل المهر إلى أقل حد ممكن، فيتم تزويجه منها، وتقبل الأسرة بالمساومة لأنها تعتبر أن الفتاة أصبحت في يد رجل آخر، وفي حال عدم إعطائها له فإنها ستكون منبوذة وسط القبيلة ولا أحد يقوم بالزواج منها. ويذكر أن عادة الاختطاف ترتكب في حال عدم قدرة الشاب على دفع المهر ويقدر نحو 100 بقرة لدى بعض القبائل الجنوبية. ويشار إلى أن أغلب أحداث الاختطاف المماثلة تعالج من قبل الشيوخ الملوك على مستوى القبيلة والأسر والعائلات داخل القبيلة الواحدة أو بين قبيلتين.

الى ذلك اعتبرت منظمة العفو الدولية (امنيستي انترناشونال) التي تدافع عن حقوق الانسان امس، الحكومة السودانية «مسؤولة» عن وفاة رجل مؤخرا في احد مستشفيات الخرطوم كان قد ادين بتهمة المشاركة في هجوم شنه متمردو دارفور.

وكان الشاب في عداد مجموعة من 103 اشخاص حكم عليهم بالاعدام شنقا لمشاركتهم حسب المحكمة الاستثنائية، في الهجوم في مايو (أيار) 2008 الذي شنته مجموعة متمردة من دارفور تنتمي الى حركة العدل والمساواة، على مدينة ام درمان. واعتقل ادم سليمان سلمان في سجن كوبر بولاية الخرطوم الشمالية وكان يعاني «منذ وقت طويل من مشكلة في الرئة ولكن لم يسمح له بالرغم من الطلبات التي تقدم بها وكيله لاستشارة طبيب مختص»، حسب ما اعلنت منظمة العفو في بيان. وقد توفي الشاب في 21 اكتوبر بمرض السل في مستشفى الشرطة بعد يومين على نقله اليه. في غضون ذلك اعلن السودان أمس انه ياخذ على محمل الجد توصيات وردت في تقرير للاتحاد الافريقي لعودة السلام الى اقليم دارفور. وقال علي عثمان طه النائب الثاني للرئيس السوداني الذي يمثل بلاده في هذا اللقاء «سندرس هذا التقرير بعقلية منفتحة وبجدية». واضاف ان الرئيس السوداني عمر حسن البشير امر بعد تلقيه نسخة من هذا التقرير بتشكيل لجنة لدراسته «واصدار التوصيات اللازمة من اجل متابعة الحوار مع الاتحاد الافريقي واللجنة التي اعدت التقرير» برئاسة رئيس جنوب افريقيا السابق ثابو مبيكي.

ويكرس اجتماع ابوجا لمجلس السلم والامن في الاتحاد الافريقي الذي تترأسه نيجيريا حاليا لدراسة التقرير الذي وضعته مجموعة من الشخصيات على اعلى مستوى في الاتحاد الافريقي برئاسة مبيكي حول اقليم دارفور الذي يشهد حربا اهلية منذ 2003.