قريع: القدس تؤكل كل يوم قطعة قطعة.. وجميع حكام إسرائيل يكذبون بخصوص الاستيطان

أستاذ جامعي إسرائيلي مشارك بملتقى الرباط: تغيير معالمها قد يتسبب في اندلاع نزاع ديني خطير

TT

بموازاة مع ملتقى القدس الدولي، انعقد في الرباط اجتماع بين أعضاء اللجنة الرباعية الدولية الخاصة بالشرق الأوسط، وممثلي بعض الدول المشاركة في الملتقى، جرى فيه بحث الوضع في المنطقة، في ضوء التطورات الأخيرة وعقب هذا الاجتماع، قال الطيب الفاسي الفهري، وزيرالخارجية المغربي، إنه بات من الضروري جدا، في ظل الظروف الراهنة العمل على توفر إرادة قوية على المستوى الدولي بهدف إيجاد حل نهائي للقضية الفلسطينية.

وبعد يومين من النقاش السياسي والتداول الفكري والأكاديمي في قضية القدس، في مختلف أبعادها السياسية والدينية والتاريخية والحقوقية، إثر الهجمة الإسرائيلية الأخيرة على حرم المسجد الأقصى الشريف، اختتمت أمس بالرباط، أعمال ملتقى القدس الدولي، الذي نظمته وكالة بيت مال القدس، تحت رعاية العاهل المغربي الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، بتعاون مع مؤسسة ياسر عرفات.

وأجمعت كل التدخلات والعروض التي ألقيت في الملتقى، على ضرورة تحمل المجتمع الدولي لمسؤولياته في توفير سبل الحماية للشعب الفلسطيني، وضرورة التدخل للحفاظ على مدينة القدس، مما تتعرض له من تهويد، وتغيير لمعالمها، وطرد للسكان، واعتداءات عليهم، في خرق سافر لكل المواثيق الدولية وحقوق الإنسان، ومقررات الأمم المتحدة.

واستعرض عبد الكبير العلوي المدغري، مدير وكالة بيت مال القدس، أمام المشاركين في الملتقى، تجربة الوكالة، وما قامت به من مشاريع ذات طبيعة اجتماعية همت الصحة والتعليم والسكن.

وقال المدغري، إنه رغم تواضع هذه المشاريع وبساطتها، فهي تشكل في رأيه متنفسا للمقدسيين في ظل الأوضاع التي يعيشونها هناك بسبب التعسف الإسرائيلي، داعيا إلى انتهاج سياسة مدنية إيجابية واسعة، موجها نداءه إلى أصحاب الإرادات الحسنة والنوايا الخيرة لدعم جهود الوكالة في هذا المجال.

وتحدث في جلسة أمس المخصصة لموضوع المفاوضات، أحمد قريع، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، عن سلسلة المفاوضات التي أجريت مع إسرائيل، وقال مخاطبا الملتقى، إن «القدس يجب أن نلتقي من أجلها كل يوم، لأن التغييرات الإسرائيلية تحدث فيها كل يوم».

وأوضح قريع أن القدس هي عنوان المعركة، ولا بديل لها، ولا بديل عنها، ولا يمكن القبول بأي تغيير يمكن أن يلحقها، فهي كما وصفها «ليست لعبة، ولا حدثا عاديا، وهي بحاجة إلى وقفة جدية حقيقية من طرف الجميع، عربا ومسلمين، ومجتمعا دوليا»، وإلى دعم سياسي مصحوب بحركة سياسية نشيطة من أجل أن يفهم العالم أنه من دون القدس لا يمكن أن يكون هناك أي سلام».

وأشار قريع إلى ما يجري في البلدة القديمة بالقدس، التي لا تتجاوز مساحتها كيلومترا واحدا، وتم فيها إسكان 900 مستوطن من أقصى المتطرفين الإسرائيليين، مشيرا إلى أن القدس تواجه خطرا حقيقيا، «وتؤكل كل يوم قطعة قطعة». وأكد قريع أن حقوق الفلسطينيين في القدس الشرقية كاملة، على أساس أن تكون خالية من أي مظهر من مظاهر الاستيطان، «وأن الأمر الواقع الذي فرضته إسرائيل مرفوض تماما». ولدى استعراضه لمراحل التفاوض مع إسرائيل، أبرز قريع أن موقف هذه الأخيرة تفتقد إلى الجدية في التعامل مع قضية القدس الشريف، وقال عن جميع مسؤوليها الذين تعاقبوا على حكمها، بأنهم كلهم يكذبون بخصوص الاستيطان، الذي ما زال مستمرا حتى الآن.

وكان اليوم الأول من الملتقى قد شهد سلسلة من العروض، دعا فيها أصحابها من المفكرين والمسؤولين والسياسيين، العرب والأجانب، إلى انتهاج استراتيجية محددة، تروم المبادرة إلى إنقاذ القدس من الخطر الذي يتهدد هذه المدينة الروحية، التي ترمز للتعايش بين الأديان، معتبرين إياها بأنها هي مفتاح السلام في المنطقة، وأساس حل قضية الصراع في الشرق الأوسط.

وأعرب ناصر جودة، وزير خارجية الأردن، عن اعتقاده بأن حماية القدس، تشكل واجبا إنسانيا، ومسؤولية تاريخية ينبغي على الجميع أن يتحملها، للحفاظ عما تمثله المدينة من رصيد إنساني، وإرث ثقافي، وعمق حضاري وتاريخي.

واعتبر برنار كوشنير، وزير خارجية فرنسا، في كلمة وجهها للملتقى، تليت نيابة عنه، «أن وضع مدينة القدس يجب أن يندرج في إطار تسوية متفاوض بشأنها بين الأطراف المعنية، وفقا لما ينص عليه القانون الدولي، مذكرا بموقف فرنسا الذي يدعو إلى تجميد الاستيطان، خاصة في القدس الشرقية، واصفا هدم إسرائيل للبيوت بـ«الأمر غير المقبول».

وألح رامز جرايسة، رئيس بلدية الناصرة في فلسطين، على المطالبة بتوفير الحماية الدولية لمدينة القدس، وذلك من أجل منع إسرائيل من الاستمرار في تهويدها، وتغيير معالمها.

واقترح جرايسة تشكيل ما أسماه «خلق طاقم يهتم أساسا بمتابعة تنفيذ توصيات الملتقى في أفق سن استراتيجية تتضمن أولويات محددة، وتدابير عملية ملموسة تكون كافية لدعم الشعب الفلسطيني في صموده».

ولم يفت مناحيم كلاين، الأستاذ الجامعي الإسرائيلي، الذي قدم نفسه كمحب للسلام، أن يفضح مخططات إسرائيل، وما تريد تحقيقه من تغيير معالم القدس، الأمر الذي قد يتسبب في اندلاع نزاع ديني خطير ليس في مقدور أي أحد التكهن بعواقبه.

وسلط أندري أزولاي، مستشار العاهل المغربي، الأضواء على الدور الذي لعبته القدس عبر التاريخ في التواصل بين أبناء الأمة في مشارق الأرض ومغاربها. وبعد أن ذكر أزولاي برفقته وصداقته للراحل ياسر عرفات، «المناضل الذي يعرفه الجميع، ويعرفون كفاحه في سبيل فلسطين»، أشار إلى أن هويته كمغربي، وما تحمل هذه الهوية من غنى وتعدد، جعلته يقف دائما في الصف الذي ينادي بالسلام العادل، ليتمكن الشعب الفلسطيني من التمتع بكافة حقوقه.