سكان 32 حيا شرق جدة يشكون غياب الحدائق وتحولها إلى مرادم للنفايات

فيما اعترفت الأمانة بنقص الحدائق مؤكدة وجود خطة لتطوير حدائق شرق جدة:

حديقة مجهزة ومزروعة في شرق جدة
TT

32 حيا هو عدد الأحياء التي تشكل ما يسمى «شرق جدة» والمنطقة الممتدة من مشروع الأمير فواز الشمالي طريق مكة السريع إلى كبري الدفاع الجوي، منطقة سكنية نشأت خلال العقد الماضي، حتى اصبحت مدينة كاملة، لكنها تواجه مشكلة يلخصها سكانها في شح المناطق الخضراء ونقص حاد في الحدائق والمتنزهات، رغم وجود الاراضي العامة الخاصة بها والمعتمدة من قبل امانة جدة، وهو الأمر الذي يثير انزعاج قاطنيها، ويحولها إلى منطقة غير مرغوبة للسكن على الرغم من اتساعها.

ويأتي ذلك في وقت حذرت فيه دراسة ميدانية حول حدائق أحياء شرق الخط السريع والتي اعدها بسام اخضر عضو المجلس البلدي في جدة من أن عدد من الحدائق شرق جدة تستخدم فعلياً كمرادم للنفايات أو مراكز لأبراج الجوال، إلى جانب الأخطاء في التنفيذ مثل حديقة الأجواد 12 والتي بحسب المسؤول عن الحدائق في بلدية بريمان يفصلها شارع وعند الرجوع للمخطط تبين أن الشارع لا يفصل الحديقة ولا يقع ضمن حدودها.

وأوصت الدراسة التي قدمت للمجلس البلدي بإعادة ترتيب هيكلة الحدائق بحيث تكون متوافقة مع حدائق الأمانة وكذلك متوافقة مع الحدائق على الواقع، كما أوصت بإدراج جميع الحدائق التي حددت بالمخططات وأطلس محافظة جدة ضمن حدائق البلدية مع رفع المساحات لجميع الحدائق.

وشددت الدراسة على ضرورة زيادة الاهتمام والتطوير لجميع الحدائق من خلال تركيب شبكات الري وزراعتها وصيانتها حتى تسهم في خدمة سكان الحي لأطول فترة ممكنة، إلى جانب إزالة ردميات المباني التي تنتشر في بعض الحدائق مما يعطي منظرا غير حضري. إلى ذلك حمل بسام أخضر رئيس مركز حي السامر في محافظة جدة وعضو المجلس البلدي أمانة مدينة جدة مسؤولية افتقاد منطقة أحياء شرق جدة للحدائق لتكون متنفسا للأهالي، رغم ما تشهده المنطقة من نهضة واتساع عمراني وقال لـ«الشرق الأوسط»: «تعاني جدة عموما من عدم توفر عدد كاف من الحدائق رغم ما تشهده من توسع متواصل في الأحياء العمرانية، إذ لا تتعدى حصة الفرد الواحد من المساحات الخضراء واحد على عشرة من المساحة المفترضة والتي تقرها المنظمات الدولية، وهذا ليس خاف على أحد، إذ إن هذه الإحصائية باعتراف الأمانة».

وأضاف «أن مركز الحي تلقى مئات الشكاوى من سكان شرق الخط السريع والتي يطالبون فيها بتوفير حدائق ومتنزهات تساعدهم على الخروج من منازلهم، بدون مقابل» مشيرا إلى أن عدد الحدائق النموذجية المتوفرة حاليا لا يزيد عن أصابع اليد الواحدة، رغم توفر مساحات مقررة لتكون حدائق متكاملة إلا أن سوء الخدمات حولها إلى مرام للنفايات ومخلفات البناء ومواقف للسيارات، بالإضافة إلى عدم توفر إنارة فيها ما يجعلها مكانا آمنا لضعاف النفوس، إذ إن معظمها لا تليق بمفهوم التنزه نفسه، ولا تليق بأسرة تريد أن  تخرج بأطفالها للتمتع بالهواء العليل.

وحول دور مراكز الأحياء وخطتها المستقبلية لإيجاد حدائق ومتنزهات لسكان شرق جدة أوضح أخضر أن «المركز اختار أرضا بمساحة تصل إلى عشرة آلاف متر مربع، تكون مقرا لمركز الحي وحديقة للأهالي في الوقت ذاته، حيث تم تصميمها بأفضل التصميمات الحديثة، لتكون حديقة نموذجية، واخترنا أن يكون فيها صالة ألعاب ومكتبة ومسابح للأطفال ومعمل كمبيوتر ومقاه وغيرها من الوسائل الترفيهية التي يحتاجها سكان الحي، كما أن الحديقة مجسمة بطريقة ثلاثية الأبعاد ومحددة تكاليفها بالكامل».

وفيما يتعلق بدور مركز الحي في المشاركة مع الجهات المعنية في توفير الحدائق، أكد أخضر «أن إمكانيات المركز محدودة، ونحن نعمل بجهود  أقرب إلى الفردية، ومهمتنا تنحصر في تسليط الضوء على المشاكل التي تعاني منها أحياؤنا وإيصالها إلى المسؤولين، بالإضافة إلى تفعيل الدور الاجتماعي في الأحياء».

من جانب آخر طالب شيمي السلمي رئيس مركز حي بريمان التابع لجمعية مراكز الأحياء بتوفير الحدائق والمتنزهات لتكون متنفسا لسكان حي شرق جدة وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «على أرض الواقع قد لا يكون هناك حدائق شرق الخط السريع رغم وجودها على الكروكي ولا يوجد على أرض الواقع سواء مساحات لأراض مهملة وغير مزروعة، باستثناء 3 حدائق تمت زراعتها من قبل مالك المخطط على نفقته الخاصة وطالبنا أن تكون تحت إدارة مجلس مركز الحي وبناء مقر لمركز الأحياء وملاعب لتكون متنفسا لسكان الحي والأحياء المجاورة، كما تقدم الكثير من سكان الحي إلى المركز بطلب تكوين لجنة بتعاون مركز الحي مع إدارة الحدائق التابعة للأمانة لزراعة الأراضي وتحويلها لحدائق لتكون متنفسا لسكان الحي والأحياء المجاورة». وتابع السلمي «ويشكو الكثير من سكان الحي من بعد الحدائق التي قامت الأمانة بإنشائها مؤخرا وعدم الاستفادة منها كالغابة الشرقية والحديقة الصحراوية عن الأحياء السكنية». من جانب آخر علق الدكتور بهجت حموه المدير العام لإدارة الحدائق والتشجير والمرافق البلدية في أمانة جدة بقوله «تفتقر مدينة جدة بشكل عام في الوقت الحالي إلى عدم وجود العدد الكافي من الحدائق بمساحات واسعة ويرجع ذالك إلى عدم توفر الميزانية الكافية لإنشاء الحدائق بشكل كاف ليشمل جميع الأحياء».

وأوضح حموه في رده لـ«الشرق الأوسط»: «بدأت الأمانة خلال العام الماضي في أول مشروعين لإنشاء حدائق لمدينة جدة الأول هو إنشاء 50 ساحة بلدية وتعرف الساحة البلدية بأنها عبارة عن مساحة واسعة للحدائق خصصت لممارسة النشاطات الرياضية المختلفة كرياضة المشي بأفضل الطرق الحديثة المنظمة لمعرفة المسافات بالإضافة إلى ملاعب لممارسة رياضة كرة القدم والسلة وغيرها من الرياضات الأخرى». وعن افتقار شرق جدة تحديدا إلى الحدائق فصل حموه الامر بقوله «ينقسم شرق جدة إلى قسمين الأول يدخل تحت نطاق بلدية أم السلم وخطط له قبل 25 عاما أن يحتوي على 32 حديقة لم ينشأ منها سوى حديقة واحدة جهزت بشكل نموذجي خلال العام الماضي تسمى بحديقة الضحى، ويقصد بالنموذجي توفير البنية التحتية وجميع المرافق ومساحات مخصصة لألعاب الأطفال». وأضاف «كما تحتوي أحياء منطقة أم السلم على الحديقة الصحراوية والتي تتجاوز مساحتها 600 ألف متر مربع، وترجع سبب تسميتها إلى التربية الصحراوية للمنطقة التي تقع فيها، وكان من المفترض إنشاؤها وزراعتها منذ ما يقارب 25 عاما ولكن بسب عدم وجود ميزانية كافية لزراعتها وإنشائها تم تأجيل ذلك، ولكن خلال العام الجاري تم زراعة وإنشاء أجزاء منها لتكون متنفسا لسكان أحياء أم السلم، كما تحتوي هذه الحديقة على حديقة الحيوان العامة والتي تبلغ مساحتها 40 ألف متر مربع». وتابع حموه «قمنا خلال العام الجاري بتجديد الحديقة وزارعة 70 بالمائة من مساحتها والجزء المتبقي منها للخدمات كما خصصنا جزءا لممارسة الرياضة وتدريب الأطفال بمختلف أعمارهم على ركوب الخيل بالإضافة إلى توفير مساحة مخصصة لممارسة رياضة سباق السيارات والدبابات بشكل آمن، كما قمنا بإنشاء المسرح المكشوف للنشاطات الترفيهية التوعوية المختلفة بالإضافة الى زيادة أنواع الحيوانات الموجودة وتعتبر هذه الخطة التطويرية مؤقتة إلى حين الانتهاء من إنشاء السفاري زو والتي تعتبر أحد المشاريع التطويرية الموجودة شرق مدينة جدة». وأضاف حموه « كما بدأت الأمانة منذ العام الماضي تطبيق خطة تحويل الحدائق التقليدية الموجودة المزروعة، ولكن تفتقر لكل الخدمات والبنية التحتية ولذلك فهي غير مؤهلة للتنزه في منطقة أم السلم التي تتراوح مساحتها بين 2000 إلى 4 آلاف متر مربع إلى حدائق نموذجية تتوفر فيها الخدمات التحتية بشكل نموذجي ليستفيد منها سكان الحي، وبالفعل تم للأمانة خلال هذا العام تحويل 9 حدائق عادية غير مجهزة إلى حدائق نموذجية تتوفر لديها البنية التحتية بالإضافة إلى الأماكن والألعاب المخصصة للأطفال وسوف يتم الانتهاء منها بشكل كلي خلال 6 أشهر القادمة بمشية الله».

وتابع حموه «كما سيتم خلال الـ 5 شهور القادمة الانتهاء من تجهيز 3 ساحات بلدية مزودة بالأنشطة الرياضية لتكون متنفسا للتنزه وممارسة والنشاطات الرياضية لسكان أحياء أم السلم، وبذلك سوف يكون هناك 14 حديقة في نهاية الربع الأول من العام القادم مجهزة بشكل نموذجي ليستفيد منها سكان أحياء منطقة أم السلم».

وعن بقية الحدائق الـ 32 أوضح حموه أنه سوف يتم الانتهاء منها وتجهيزها خلال 3 سنوات القادمة بحسب الميزانيات المادية المتوفرة». وحول الحدائق الموجودة في الأحياء السكنية الموجودة في شرق جدة والتي تقع تحت إدارة بلدية بريمان يوضح حموه «تعتبر أحياء منطقة بريمان من الأحياء السكنية الجديدة وأكثر تنظيما مقارنة مع أحياء منطقة أم السلم، ويبلغ عدد الحدائق الموجودة في التخطيط 35 حديقة لم يتم زراعة الكثير منها بسب ارتباطها بإنشاء المخططات السكنية، وتم البدء بتنفيذ مشروع تحويل 8 حدائق تقليدية إلى حدائق نموذجية ويتوقع الانتهاء منها خلال الربع الثاني من العام القادم، بالإضافة إلى إنشاء ساحتين بلديتين لممارسة النشاطات الرياضية المختلفة كما سيتم الانتهاء من تجهيز حديقة عامة، بالإضافة إلى زراعة 11 حديقة تقليدية».

وأضاف «تم خلال العام الحالي الانتهاء من إنشاء الغابة الشرقية الموجودة بالقرب من بحيرة الصرف الصحي (بحيرة المسك) وتعد هذه الغابة الأولى من نوعها في جدة بالإضافة إلى أن لها دورا مهما وفعالا في إزالة الجزء الكبير من الآثار الاجتماعية والاقتصادية والصحية السلبية التي ترتبت على هذه البحيرة التي تم تكوينها منذ 10 سنوات الماضية وشكلت لفترة قريبة خطرا على جدة». موضحا «يهدف المشروع في المقام الأول إلى استغلال مياه بحيرة الصرف الصحي في تكوين مسطح أخضر بالإضافة إلى إيجاد حلول بيئة عملية لتبني آلية فعالة لاستغلال مياه الصرف المعالجة في استخدامات مفيدة بالإضافة إلى إقامة عدة حدائق واسعة تتيح تنوعا فريدا من الأنشطة الترفيهية بمدينة جدة، حيث تم زراعة الغابة المقسمة إلى 3 أجزاء بأنواع مختلفة من الأشجار كالأشجار الطاردة للحشرات والأشجار العطرية والأشجار المنتجة للأخشاب والأشجار المثمرة، وتتجاوز مساحة الغابة الشرقية أكثر من 6 آلاف متر مربع والتي تم الانتهاء من زراعتها وتبعد عن النطاق العمراني حوالي 15 كيلومترا». وتابع حموه «كما سيتم البدء بمرحلة تنفيذية لعدد من المشروعات التطويرية لمنطقة شرق جدة وجعله كورنيش أخضر على شرق جدة من خلال تنفيذ مشروع سفاري زو وقرية المزارعين والمتنزه الوطني مع بداية العام القادم». وفي سياق ذي صلة، أوضح جمال بن عبد الله المنذري مدير إدارة برنامج أصدقاء جدة عن دور«أصدقاء جدة» وهم مجموعة من الأفراد المبادرين والمهتمين بالحدائق العامة ولديهم أفكار تطويرية وبرامج تفاعلية ومنها رصد المواقع التي تحتاج إلى حدائق والإبلاغ عن مشكلات في الحدائق واقتراح برامج وآراء حول المحافظة على الحدائق والتفاعل في البرامج الميدانية لأعمال الحدائق والتوعية حول الحدائق وإيجاد رعاة للحدائق». وأضاف المنذري في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «إن من أساسيات إدارة أعمال أصدقاء جدة تفعيل دور سكان المدينة من أجل المدينة في مقابل تسخير إمكانيات الأمانة وعلاقات مع الجهات المختصة الأخرى سواء كان القطاع الخاص أو الحكومي لخدمة الأهداف المرجوة وتذليل الصعاب أمام المتطوعين لتحقيق الأهداف المرجوة ومن ضمنها إنشاء فريق من المتطوعين في كل حي من أحياء جدة بهدف المحافظة على المكتسبات العامة مثل الحدائق والمتنزهات والمرافق العامة». وحول الطرق المستخدمة في توعية سكان الأحياء للحفاظ على الحدائق والمنتزهات يقول المنذري «تتم عملية التوعية بعدة طرق من ضمنها التنسيق مع الجهات المختصة كالمدارس لتوزيع المنشورات والمحاضرات التوعوية من ثم نترجم هذه البرامج التوعوية الشفوية إلى سلوك تطبيقي ميداني بحيث تكون عملية تكاملية هدفها المحافظة على المكتسبات البيئية».

وتابع المنذري «كما تشمل عملية التوعية بكافة مراحلها جميع الشرائح العمرية من الجنسين من سكان الأحياء بالإضافة إلى مشاركة ذوي الاحتياجات الخاصة».

وعن خطة إدارة أصدقاء جدة لنشر التوعية في المحافظة على الحدائق جدة يقول المنذري «ستقوم إدارة أصدقاء جدة خلال الأسبوعين القادمين بحملة توعية وتنظيف لعدة حدائق بجدة وخاصة الحدائق في شرق جدة». وبالعودة إلى الدراسة التي اعدها عضو المجلس البلدي بسام اخضر كشفت دراسة «أن عدد الحدائق التي مساحتها أكبر من 5 آلاف متر مربع بلغت 15 حديقة وعدد الحدائق التي مساحتها أقل من 5 آلاف 19 حديقة، وعدد الحدائق المدرجة ضمن أطلس جدة وغير مدرجة ضمن حدائق البلدية 14 حديقة وعدد الحدائق المدرجة ضمن أطلس جدة ومدرجة أيضا ضمن حدائق البلدية 2 مساحتها أكبر من 5 آلاف متر مربع و5 حدائق أقل من 5 آلاف متر مربع» .

وأشارت الدراسة التي قدمها اخضر لـ«الشرق الأوسط»: «أن عدد الحدائق المدرجة ضمن أطلس جدة وغير مدرجة ضمن حدائق البلدية وبها مسجد 8 حدائق في حين أن عدد الحدائق التي مساحتها أكبر من 5 آلاف متر مربع وبها ردميات 6 حدائق وعدد الحدائق التي مساحتها أقل من 5000 متر مربع بها ردميات 3 حدائق وعدد الحدائق المدرجة ضمن أطلس جدة وغير مدرجة ضمن حدائق البلدية وبها ردميات 4 حدائق. كما كشفت الدراسة «أن عدد الحدائق التي تقدر مساحتها بأكثر من 5 آلاف متر مربع وتقع بجوارها مدرسة تبلغ 5 حدائق، اما عدد الحدائق التي مساحتها أقل من 5 آلاف متر مربع وتقع بجوارها مدارس 2 حديقة، في حين عدد المدرجة ضمن أطلس جدة وغير مدرجة ضمن حدائق البلدية وتقع بجوارها مدارس 3 حدائق».