تقسيم أكبر بنكين في هولندا يتركها «متألمة» ومن دون أسماء كبيرة

«ايه بي إن امرو» و«أي إن جي» لهما حضور عالمي كبير وكانا مفخرة وطنية

«أي إن جي» للتأمينات أحد فروع «أي إن جي» التي لها حضور عالمي (إ.ب.أ)
TT

ترك التقليص الكبير لحجم أكبر بنكين في هولندا رفعا علمها عالميا خلال العقدين الماضيين أثرا مؤلما على الدولة وجعلها في حالة بحث عن بطل وطني آخر.

وقد يجعل ذلك هولندا صاحبة خامس أكبر اقتصاد في منطقة اليورو تعتمد فقط على صادرات الآلات وزهور الزنبق كصادرات تحمل علامتها التجارية في أنحاء العالم على الرغم من أن محللين يقولون إن بنوكها ستظل منافسا قويا وإن كان صغيرا.

وسيؤدي تفكيك «ايه بي إن امرو» إلى جانب الإعلان يوم الاثنين عن تقسيم «أي إن جي» إلى تقليص حجم سفيرين للاقتصاد الهولندي طالما تمتعا بأذرع طويلة وسمعة جيدة لإدارتيهما المالية الحكيمة.

وبحسب تحليل لـ«رويترز»، سينتهي الأمر بكل منهما إلى أن يصبح بنك تجزئة إقليميا له وجود عالمي ولكنه ليس مثل ما كانا يتمتعان به قبل نحو عامين.

ويقول محللون متخصصون في الاقتصاد الهولندي إن المشكلات هيكلية أكثر منها مجرد الاضطرابات الأخيرة في البنوك المحلية.

وقال هارالد بينينك أستاذ البنوك والتمويل بجامعة تيلبرج: «هولندا بالطبع اقتصاد ذو طبيعة خاصة جدا. إنه صغير للغاية.. احتل في الماضي مكانة في التجارة الدولية.. والخدمات الدولية أكبر بكثير مما تتوقعه من بلد مثل هذا. في ظل ما نراه الآن مع كل التطورات العالمية.. خاصة عولمة الأسواق.. يصبح من الأصعب الحفاظ على تلك المكانة فيما يرجع بشكل رئيسي إلى أسباب تتعلق بالحجم». واشترى كونسورتيوم دولي «ايه بي إن» في 2007 وقسمه على الرغم من تردد البنك المركزي الهولندي الذي كان يفضل اندماجا بين «ايه بي إن» و«أي إن جي».

وبعد عام انهار الاتفاق مع تباطؤ أسواق الائتمان واضطرت الحكومة الهولندية لتأميم «ايه بي إن» الأصغر حاليا.

وبعد أيام فقط من تأميم «ايه بي إن» ضخت الحكومة عشرة مليارات يورو في «أي إن جي» وهو الاتفاق الذي منع البنك من إغلاق أبوابه ولكنه أجبره على التفكك في نهاية الأمر. وكانت الضربة قاسية على بنك يحمل ألوان علم الدولة ويرعى فريق كرة القدم الوطني.

وتعد مكانة هولندا في العالم وتاريخها في قطاع التمويل مصدر فخر للدولة.

وكانت شركة «داتش ايست انديز» الهولندية أول شركة في العالم تصدر أسهما عام 1602.

ووجهت عمليات الإنقاذ بالقطاع المالي في أواخر 2008 ضربة وبعد عام من ذلك جاء إفلاس «دي إس بي» وتفكيك «أي إن جي» ليزداد الأمر سوءا.

ويمر الاقتصاد الهولندي الذي يعتمد على الصادرات في 70 بالمائة من حجمه بأسوأ ركود منذ الحرب العالمية الثانية.

ومن غير الواضح ما الذي يمكنه أن يسد الفجوة التي تركها القطاع المصرفي في الصورة الدولية للبلاد. ولا يزال عدد من العلامات التجارية الهولندية العالمية مثل «يونيليفر» و«رويال داتش شل» على صلة بالدولة على الرغم من أن مراكزها انتقلت إلى مناطق أخرى.

وقال ألبرت تامينج المحلل لدى «فان لانشوت بانكيرز»: «تلك شركات انتقلت إلى الساحة الدولية قبل عقود. أصبحت تتمتع بمكانة وسمعة طيبة. قد يتحول التركيز أكثر بعض الشيء إلى تلك الشركات لأن البنوك العالمية لم تعد موجودة. فوفق أسوأ التصورات ستنتقل المعرفة والتدريب إلى مناطق أخرى. ذلك من شأنه أن يضر بالعمالة. تملك الشركات المالية الهولندية برامج تدريب داخلية أفرزت مسؤولين تنفيذيين نشطين عالميا». وفي حين أن هولندا قد تواجه صعوبة في العثور على أسماء كبيرة إلا أنها لا تزال مصدرا رئيسيا للآلات ومواد النقل؛ إذ بلغت تلك الصادرات أكثر من 107 مليارات يورو في العام الماضي. وجلبت الزهور الهولندية وعلى رأسها زهور الزنبق 3.2 مليار يورو في 2008، كما أن المؤسسات المالية لم تنته تماما.

وأشار محللون إلى أن دور مؤسسات مالية هولندية أخرى مثل «ايه بي بي» وهو ثالث أكبر صندوق لمعاشات التقاعد في العالم، و«رادو بنك» غير المدرج في البورصة، لن يتغير بسبب تقسيم بنوك مثل «أي إن جي» و«ايه بي إن».

وقال ليشتر اجتن المحلل لدى «دريسدنر في بي في»: «إنها تركز على شرائح محددة وستظل كذلك على الأرجح. كان قطاع صناديق التقاعد كبيرا جدا دائما. لن يتغير ذلك». وفيما يتعلق بالبنكين المقسمين، فقد أصيبا بأضرار لكنهما سيواصلان العمل.

وقال روبين فرانسمان نائب مدير المركز المالي الهولندي الذي يروج لهولندا كمركز مالي جذاب: «هذا حقيقي بالطبع.. يرتبط الناس عاطفيا بالشركات.. لكن نشاط (أي إن جي) لن يتوقف». وأضاف فرانسمان: «تضررت الصورة.. هذا واضح.. لكن المنافسة لعبة نسبية بالطبع».