حكومة فياض تسعى لإسقاط الحدود بين مناطق «أ» و«ج» بالضفة وتطلق مشروعات إسكان لعشرات آلاف الموظفين

وزير الإسكان لـ:«الشرق الأوسط» سنجتاح «ج» بالبناء مثلما يفعل الإسرائيليون في «أ» بالعسكر

شبان فلسطينيون يقذفون بالحجارة جنودا اسرائيلين وذلك خلال احتجاجات ضد جدار الفصل في قرية نعلين قرب رام الله، امس (أ. ف. ب)
TT

في المناطق المصنفة «أ» في الضفة الغربية أي المناطق الخاضعة أمنيا وإداريا للسلطة الفلسطينية، لا غرابة في أن يشهد قطاع الإسكان ارتفاعا جنونيا في الأسعار، فالأراضي التي تسيطر عليها السلطة في هذه المناطق أقل بكثير مما تسيطر عليه إسرائيل في مناطق «ج» وهي المناطق التي تخضع للجيش الإسرائيلي أمنيا وإداريا وتعادل نحو 60% من أراضي الضفة الغربية وأكثرها حيوية، وتقع فيها كبريات المستوطنات التي تقطع التواصل الجغرافي للضفة.

ويصل ثمن دونم الأرض الواحد (ألف متر مربع) في مدن مثل رام الله وبيت لحم إلى ما يزيد عن مليونَي دينار أردني (أكثر من 3 ملايين دولار). ويتجاوز سعر بعض الشقق العادية في إسكانات مدن الضفة الـ150 ألف دولار وذلك بسبب العجز السنوي في عرض الشقق الذي وصل إلى 12 ألف وحدة سكنية، بحسب وزارة الإسكان.

وأطلقت السلطة الفلسطينية مؤخرا مشروعا ضخما يهدف إلى حل أزمة الإسكان من جهة، ويمكنها في الوقت نفسه من السيطرة على أراضي «ج» أي سحبها من تحت السيطرة الإسرائيلية من جهة ثانية.

ووزعت وزارة الإسكان الفلسطينية عشرات آلاف الطلبات على الموظفين الحكوميين والعسكريين، للحصول على شقق سكنية. وقال وزير الأشغال العامة والإسكان محمد شتيه، لـ«الشرق الأوسط»، إن وزارته ستبني في كل المناطق الفلسطينية بما فيها مناطق «ج». وأضاف أنه يجب أن يكون مفهوما أن هذه الأراضي، فلسطينية بحته، رغم سيطرة الإسرائيليين عليها.

ولم تبدأ الحكومة الفلسطينية تنفيذ المشروع، لكنها أوشكت على الاتفاق مع البنوك والشركات على تنفيذ هذه الإسكانات، ورجح شتيه أن يبدأ التنفيذ بعد شهرين.

ووصل إلى وزارة الإسكان أكثر من 50 ألف طلب. وتخطط الشروع في هذه المشروعات، في مدينتي نابلس ثم قلقيلية، قبل الانتقال لمدن أخرى.

وقال الموظف سائد عبد الرحمن، إن مثل هذه الخطوة ستختصر عليه الكثير من الجهد والوقت. وأضاف: «أسعار الشقق مش طبيعية». لكن عبد الرحمن وموظفين آخرين، أبدو شكوكا في أن تسمح إسرائيل للسلطة بالبناء في مناطق «ج». إلا أن شتيه قال: «هذا مفهوم خطأ، يمكن البناء هناك، وسنحصل على التراخيص اللازمة رغم صعوبتها». وتحاول الحكومة الفلسطينية التي يرأسها سلام فياض، تعزيز قبضتها على مناطق «ج». وقبل يومين قال فياض وهو يضع حجر الأساس لمستشفى في بيت لحم: «إن أي حدود لن تقيد عملنا في ما يسمى بالمناطق (ج)، ولا يوجد في عملنا ما يسمى بالتصنيفات (ج)، أو (ب) (المناطق التي تخضع إداريا للسلطة وأمنيا لإسرائيل)، أو (أ)». ويؤمن فياض بأن استعادة السيطرة على مناطق «ج» غير ممكن إلا من خلال البناء هناك. ومؤخرا افتتح فياض مستشفيات وآبار مياه وشوارع، في القرى البعيدة، وقال إنه سيبني مطارا فلسطينيا في منطقة الأغوار، قرب أريحا، التي تعتبرها إسرائيل خطا أحمر، وكانت قد طلبت من السلطة في جولات تفاوضية سابقة إبقاءها محمية أمنية أو استئجارها لمائة عام، وتشكل الأغوار وحدها نحو 25% من مساحة الضفة.

واشتكت إسرائيل للإدارة الأميركية، من قيام السلطة بخرق الاتفاقيات الموقعة، لمجرد قيامها بشق بعض الطرق أو إقامة بعض المشروعات في مناطق «ج». ورد فياض بأنه لن يسمح بتكريس المفاهيم التي تصنف مناطق «ج»، كأراض متنازع عليها.

وقال شتيه: «في الوقت الذي تجتاح فيه إسرائيل مناطق (أ) بالقوة العسكرية سنجتاح مناطق (ج) بالبناء».

وتريد السلطة كذلك منع أي هجرة من الأرياف إلى المدن، من خلال تعزيز صمود الفلسطينيين هناك وإقامة مشروعات حيوية لهم. وتأمل السلطة في تغطية النقص في الإسكان، ولم تحدَّد حتى الآن أسعار لهذه الشقق، لكن شتيه أوضح أن وزارته لا تنوي منافسة أحد، بل تحاول تخفيف التكلفة، باعتبار الأرض ملكا للدولة.

ويسهم قطاع العقارات والإسكان بما لا يقل عن 21% من الناتج المحلي الإجمالي، بحسب شتيه، ومع بدء الخطة الجديدة سيرتفع ذلك، بالإضافة إلى أن المشروع سيشغل قطاعات واسعة من الأيدي العاملة.

ويتركز الحديث الآن عن الضفة، إذ يمنع الحصار أي خطوات مشابهة في قطاع غزة، ولا يزال أصحاب البيوت المهدمة هناك بفعل الحرب يعيشون في خيام في العراء، رغم تخصيص مليارات من الدول المانحة لهذا الغرض.