دعوة عضو في الكنيست الإسرائيلي للحوار مع نتنياهو تثير حفيظة فلسطينيين شاركوا في ملتقى القدس بالمغرب

«نداء الرباط» يطالب بضرورة استئناف مفاوضات السلام

TT

أدت مداخلة ألقاها دانيال بن سيمون، عضو الكنيست الإسرائيلي، وهو يهودي من أصل مغربي، في الملتقى الدولي للقدس، الذي اختتم أشغاله الليلة قبل الماضية بالرباط، إلى إثارة حفيظة فلسطينيين شاركوا في اللقاء.

وحرص بن سيمون على التذكير في بداية كلمته، على أن فلسطين ظلت معه في مختلف مراحل عمره الأولى، مشيرا إلى أنه ولد في مدينة مكناس (وسط المغرب) في زقاق يسمى فلسطين، ودرس في مدرسة شاءت الصدف أن توجد في زقاق يحمل اسم مدينة القدس، ليستخلص أن «التعايش هو عنوان موقفه وقناعته الدائمة، والنموذج الأمثل لحل النزاع في المنطقة»، على حد تعبيره. وبعد أن استفاض في الحديث عن تطورات الأوضاع السياسية في المنطقة، قال بن سيمون إنه لو كان فلسطينيا لعمل كل ما في وسعه لدفع بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى تحقيق السلام، مذكرا بأنه سبق أن قال لرئيس السلطة الفلسطينية،محمود عباس (أبو مازن) «اعطوه فرصة جديدة قبل الانتخابات».

وأثارت هذه الكلمات حفيظة الجانب الفلسطيني الحاضر في الملتقى، فرد عليها، رفيق الحسيني، رئيس ديوان الرئاسة، وأحمد الطيبي، عضو الكنيست، مذكرين بأنه إذا أراد نتنياهو التحدث إلى أبو مازن، يتعين عليه أولا أن يوقف مسلسل بناء المستوطنات، وأنه لا يمكن للفلسطينيين أن يظلوا يعطون الفرصة تلو الأخرى لنتنياهو، في إشارة إلى المفاوضات التي جرت من قبل.

إلى ذلك، أصدر المشاركون في الملتقى الليلة قبل الماضية، بيانا ختاميا، بعنوان «نداء الرباط»، ناشدوا فيه المجتمع الدولي التدخل لوقف كافة أشكال الممارسات الإسرائيلية، غير القانونية وغير الأخلاقية، التي تتعرض لها مدينة القدس، مؤكدين «أن القدس الشرقية هي جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتنطبق عليها مقتضيات القانون الدولي واتفاقية جنيف».

وطالب البيان، الذي تلاه في الجلسة الختامية، الدكتور ناصر القدوة، رئيس مؤسسة ياسر عرفات، بضرورة استئناف مفاوضات السلام، وفق مرجعيات الشرعية الدولية، والاتفاقيات الثنائية، والمبادرات الدولية، «بما يؤدي إلى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف، تعيش جنبا إلى جنب في أمن وسلام مع إسرائيل»، معتبرين أن خيار السلام هو السبيل الوحيد لإخراج المنطقة من دوامة التوتر والقلق، وضمان التعايش بين شعوب المنطقة في أمن وسلام.

ودعا المشاركون في الملتقى الدولي، الذي نظمته على مدى يومين، تحت رعاية العاهل المغربي الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، وكالة بيت مال القدس، بتعاون مع مؤسسة ياسر عرفات، وحضر جلسته الافتتاحية الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن، إلى احترام حرية الأديان والعبادات والأماكن المقدسة، وتكريس روح التعايش والتسامح والسلام.

وقال عبد الكبير العلوي المدغري، المدير العام لوكالة بيت مال القدس، إن الملتقى الذي شاركت فيه شخصيات سياسية عربية وأجنبية وقيادات دينية وفكرية، ساده «الحوار الهادئ الحكيم، وتمخضت عنه نتائج رائعة، نهنئ أنفسنا عليها».

ومن جهته، أكد الطيب الفاسي الفهري وزير الخارجية المغربي، أن ما يجري في القدس، يستدعي تكثيف الجهود من أجل «تعبئة دولية جادة وقوية ومتناسقة للتوصل إلى موقف موحد يجمع الحكومات والشعوب والمنظمات في نطاق تحالف دولي من أجل القدس ومستقبلها».

وأوضح الفاسي الفهري أن الحضور الرسمي لكثير من ممثلي الحكومات في الملتقى الدولي للقدس يعبر عن الرغبة في الاستماع للرأي الأخر، وللمقدسيين، ورجال الدين، ولكل ما يمثل هوية القدس ومستقبلها، مذكرا بأن «الكل متفق على أن الوضع حرج وصعب» انطلاقا من مبادئ أساسية، مفادها أن «القدس الشرقية محتلة، وكل العمليات الاستيطانية بها غير شرعية، ولا يمكن القبول بأي مفاوضات في غياب القدس كبند أساسي بشأن الوضع النهائي للدولة الفلسطينية المقبلة». وبعد أن عبر الفاسي الفهري عن الأسف إزاء كل ما تقوم به إسرائيل اليوم من تصريحات وأعمال تنصب في الاتجاه المعاكس، دعا العرب والمسلمين إلى التوجه نحو الرأي العام الإسرائيلي لمخاطبته، «وأن نكثف جهودنا لتبليغ رسالة الحق والشرعية».

وبخصوص الاجتماع الذي انعقد أخيرا بالرباط بين اللجنة الرباعية وممثلين عن العالم الإسلامي، على هامش الملتقى الدولي للقدس، أوضح الفاسي الفهري أنه تم التأكيد على أن قضية القدس ليست قضية عربية فقط، بل هي قضية المسلمين واليهود والمسيحيين، مشددا على القول بأن المبادرة العربية للسلام، التي أصبحت مبادرة إسلامية،هي مبادرة قوية في مضمونها.

وقال الفاسي الفهري «إننا نريد جميعا دولة فلسطينية قابلة للعيش على جميع المستويات ومتواصلة جغرافيا، ونشجع إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما على أن تبقى مرتبطة بالتزاماتها، وأن تظل مجندة داخل اللجنة الرباعية وخارجها، للانخراط في مفاوضات جادة في نطاق معين يشمل جميع القضايا التي تهم مستقبل إقامة فلسطين كدولة مستقلة».