حظوظ بلير لرئاسة الاتحاد الأوروبي تتضاءل.. ورئيس البرلمان يدعو لاختيار امرأة للمنصب

الدول اتفقت على تمويل مكافحة التغير المناخي ومساعدة الدول الفقيرة

TT

أكثر من اختبار صعب واجهه قادة دول الاتحاد الأوروبي، لإظهار مدى القدرة على تجاوز الخلافات وإيجاد تسوية لإنهاء الخلافات حول القضايا الشائكة من أجل استمرار المشروع الأوروبي الموحد، في القمة المنعقدة في بروكسل منذ يوم أول أمس. ولعل ابرز النقاط الشائكة التي واجهها القادة أمس كان يتعلق بملف تمويل الدول النامية لمساعدتها على المشاركة في التحرك الدولي لمواجهة التغير المناخي أو ما يعرف بالاحتباس الحراري. إضافة إلى المرشحين لمنصب رئيس الاتحاد الأوروبي وهو منصب استحدثته معاهدة لشبونة، ولن يصبح واقعاً إلا بعد دخول المعاهدة حيز التنفيذ. وقد ناقش زعماء أوروبا بشكل غير رسمي أمس، بعض الأسماء المرشحة لمنصب رئيس الاتحاد الأوروبي. وفي حين تدفع بريطانيا بقوة لتأمين إعطاء المنصب لرئيس وزرائها السابق توني بلير، يبدو أن حظوظ الأخير تتضاءل مع بروز معارضة كبيرة له داخل الاتحاد. وكان رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون قد أعلن تأييده لترشيح بلير في كلمة ألقاها في افتتاح القمة أول أمس، ووصف بلير بأنه «مرشح ممتاز» ليشغل منصب رئيس الاتحاد الأوروبي. إلا أن زعماء اشتراكيين في الاتحاد الأوروبي عبروا عن رفضهم لترشيح بلير، وقالوا إنهم يعارضون صراحة تعيينه رئيسا مقبلا للتكتل. وقال رئيس الوزراء الإسباني خوسيه لويس رودريجيز ثاباتيرو في اجتماع لزعماء اشتراكيين أوروبيين قبل القمة: «نحن كاشتراكيين نطمح إلى منصب الممثل الأعلى». ويتمثل الفهم العام في هذا الصدد أنه إذا كان منصب الممثل الأعلى للسياسة الخارجية يذهب لشخصية اشتراكية، فإن منصب رئيس المجلس الأوروبي يجب أن يذهب لشخصية محافظة.

وكان تسرب أول أمس حصول اتفاق بين قادة يمين الوسط، وخصوصا الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، حول ضرورة أن يكون رئيس الاتحاد المقبل ينتمي إلى اليمين الوسط، رافضين بالتالي فكرة ترشح بلير الذي ينتمي لحزب العمال اليساري. ويعتقد كثيرون بأن بلير الذي لا يزال يحظى بدعم كبير من ايطاليا، ليس الشخص المناسب لشغل المنصب، أولا بسبب دعمه لحرب العراق وهو ما قسم أوروبا بشكل حاد، وثانيا لان بريطانيا لم تدخل منطقة الشنغن الأوروبية. من جانبه حث رئيس البرلمان الأوروبي جيرزي بوزيك قادة دول الاتحاد على اختيار امرأة لمنصب رئيس الاتحاد الأوروبي وأضاف بوزيك (البولندي) في مؤتمر صحافي عقده أمس على هامش مشاركته في أولى جلسات القمة، بأنه ينطلق في رأيه هذا من حرصه على «التوازن في مؤسسات الاتحاد والمساواة بين الجنسين»، متجنباً ذكر أسماء محددة. وأضاف: «سيكون اختيار امرأة لهذا المنصب بمثابة خطوة جديدة نحو مزيد من الانفتاح، بعد أن تم اختيار رئيس الجهاز التشريعي الأوروبي من الدول الحديثة العضوية في التكتل»، بولندا. ومن بين الأسماء المتداولة اسم رئيسة ليتوانيا السابقة فايرا فيكيه فريبيرغا، وهو الاسم النسائي الوحيد الذي يتم تداوله. من جهة أخرى، وبعد دراسة من جانب رؤساء الحكومات والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لمقترح تقدمت به السويد، الرئيس الحالي للاتحاد، تراجعت الخلافات بين الدول، وعرفت الجلسات مشاورات ثنائية لإقناع الأطراف المعارضة بتغيير موقفها والموافقة عليه، حتى يؤمن اتفاقاً على طرق مساهمة الاتحاد الأوروبي في الجهد العالمي لتمويل أنشطة محاربة التغير المناخي.

وتركز الاقتراح السويدي على ضرورة أن تساهم الدول الأعضاء في الاتحاد بدعم العمل العالمي لمحاربة التغير المناخي بشكل عادل وفعال وضمن إطار اتفاق أوروبي داخلي، بالإضافة إلى ضرورة أن تأتي مساهمة الاتحاد الأوروبي ضمن اتفاق على المساهمة الدولية. أما بخصوص الدول الأوروبية الأكثر فقراً، فينص اقتراح الرئاسة السويدية على ضرورة أن تأخذ أوروبا بعين الاعتبار قدرة هذه الدول على الدفع، ويشير إلى ضرورة «تأمين توافق أوروبي داخلي لوضع آليات مالية تساعد هذه الدول على تصحيح ما يلحق بها من ضرر جراء الأعباء المالية المترتبة على مساهمتها في أنشطة محاربة التغير المناخي».

واردات الرئاسة السويدية أن يؤدي هذا الاتفاق إلى تهدئة مخاوف بعض الدول الأوروبية، الأقل غنى، مثل هنغاريا وبولونيا، والتي لا ترغب أن ترى نفسها تحت وطأة التزامات مالية ثقيلة، خاصة قبل التوصل إلى اتفاق عالمي بشأن تمويل أنشطة التغير المناخي، مع الأخذ بعين الاعتبار بأن اقتصادها الذي يعتمد بشكل رئيسي على الكربون، هو المتضرر الأول من الاتجاه الدولي الرامي لخفض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون. ويذكر بأن الحلول المطروحة حتى الآن كانت تعرض على الدول المعارضة، بولونيا وتشيكيا، إجراءات تعويضية بعد التوصل إلى اتفاق عالمي في كوبنهاغن لمعالجة آثار التغير المناخي بدءا من عام 2012، أي بعد انتهاء صلاحية بروتوكول كيوتو. وكانت مشاورات اليوم الأول من القمة قد انتهت إلى الاتفاق على منح تشيكيا ما طلبته من إعفاءات بخصوص الشرعة الأوروبية للحقوق الأساسية، وأكد رئيس الوزراء السويدي فريدريك رينفلدت، الذي ترأس بلاده الدورة الحالية للاتحاد الأوروبي، في مؤتمر صحافي، أن الزعماء توافقوا على نص يثبت إعفاء التشيك من الخضوع للشرعة الأوروبية للحقوق الأساسية، ما يسمح للرئيس التشيكي فاسلاف كلاوس، بالتوقيع على معاهدة لشبونة، بعد أن تعلن المحكمة الدستورية العليا في بلاده رأيها بشأن مطابقة نصوصها لدستور البلاد. وقال رئيس المفوضية الأوروبية مانويل باروسو: «أتقدم بالتهنئة للرئاسة السويدية على النجاح الذي حققته في هذا الأمر بعد المجهود الكبير الذي بذلته». وقال إن التشيك ستحصل على وضعية مماثلة لكل من بريطانيا وبولندا للإعفاء من الشروط التي تضمنها البروتوكول 30 من معاهدة لشبونة، وبالتالي يمكن أن يوقع الرئيس التشيكي على إقرار المعاهدة بعد قرار المحكمة الدستورية في 3 نوفمبر (تشرين الثاني) وتدخل المعاهدة حيز التنفيذ في ديسمبر (كانون الأول) المقبل.