الجزائر تطلب من فرنسا الاعتراف بـ«جرائم الاستعمار»

بمناسبة مرور 55 سنة على ثورة التحرير

مغنون وموسيقيون جزائريون يؤدون أغاني وطنية خلال حفل نظم الليلة قبل الماضية بمناسبة الاحتفال بالذكرى الخامسة والخمسين للاستقلال، التي تصادف الأول من نوفمبر (أ.ف.ب)
TT

دعا وزير المجاهدين الجزائري الحكومة الفرنسية أمس، إلى «تسوية الملفات العالقة بين البلدين»، تمهيدا لتطبيع العلاقات المتوترة منذ خروج الاستعمار الفرنسي من الجزائر عام 1962. جاءت الدعوة الجزائرية بمناسبة احتفال الجزائر بمرور 55 سنة على اندلاع ثورة التحرير (1954 ـ 1962). وقال محمد شريف عباس، وزير المجاهدين الجزائري، في تصريحات صحافية، إن «اعتراف فرنسا بالجرائم التي ارتكبتها خلال استعمار الجزائر (1830 ـ 1962)، هو أمر مطلوب بحدة ومفروغ منه بالنسبة إلينا». وأوضح عباس بمناسبة احتفالات «ثورة أول نوفمبر» أن الجزائريين «يعتبرون اعتراف فرنسا بجرائمها ضرورة ملحة، فالمسألة خلاف قديم بيننا سيظل قائما إلى غاية تسويته». وأضاف: «عندما نتحدث عن موضوع الاعتراف بجرائم الاستعمار، فإن الجزائر لا تطلب المستحيل». ودعا عباس الفرنسيين إلى «تسوية هذا الملف حتى يمكن التوجه نحو المستقبل»، وذلك في إشارة إلى أن بناء علاقة اقتصادية قوية مع فرنسا لن يكون قبل أن تعترف باريس رسميا بأنها ارتكبت جرائم أثناء احتلالها الجزائر. ومعروف أن الطرح الجزائري للموضوع يذهب أبعد من مجرد الاعتراف بالجريمة، حيث تدعو عدة شخصيات سياسية موجودة في الحكم، أمثال عبد العزيز بلخادم، وزير الدولة الممثل الشخصي للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، إلى أن تعتذر فرنسا رسميا عن هذه الجرائم. أما رأس ما يسمى «الأسرة الثورية» وزير المجاهدين السابق، السعيد عبادو، فيطالب بدفع تعويضات عن فترة احتلال الجزائر، وعن التجارب النووية التي أجرتها فرنسا في الصحراء أيام استعمارها للجزائر.

وأضاف عباس حول القضية: «يتعين على الفرنسيين أن يعترفوا بأنهم احتلوا الجزائر، ونزعوا منها سيادتها واعتدوا على شعبها، وكل ذلك يشكل جرائم». وبشأن أرشيف الثورة، الذي تحتفظ به فرنسا، ويطالب به الجزائريون، قال عباس إن بلده «يتمسك بأرشيفه». ونشبت أزمة حادة بين البلدين عشية زيارة الرئيس نيكولا ساركوزي للجزائر نهاية 2007، عندما انتقد الوزير عباس الأصول اليهودية للرئيس الفرنسي. يشار إلى أن الرئيس بوتفليقة كان يعتزم القيام بزيارة دولة إلى باريس في يونيو (حزيران) الماضي، بهدف إذابة الجليد بين البلدين بسبب ثقل التاريخ المشترك بينهما، غير أنها ألغيت بسبب تمسك الجزائريين بأن يعطي الفرنسيون مؤشرات خلال الزيارة، عن استعدادهم للاعتراف بجرائم الاستعمار. وقال أستاذ التاريخ المختص في العلاقات الجزائرية ـ الفرنسية لـ«الشرق الأوسط»، إن فرنسا «ما زالت تنظر إلى الجزائر على أنها الفردوس المفقود الذي يمكنها استرجاعه بطرق شتى».

وأضاف: «يوجد تيار سياسي قوي في فرنسا يبذل مجهودات ضخمة للحيلولة دون أي خطوة لاعتراف رسمي بفظاعة الاحتلال الفرنسي بالجزائر». وزاد قائلا: «إن أصوات ممثلي هذا التيار هي المسموعة حاليا بفرنسا، ومن أبرزهم الكاتب باسكال بروكنير، الذي أصدر مؤلفا يدين كل فرنسي يتبنى الاعتذار. وهناك كتاب آخر صدر العام الماضي بعنوان «حتى نقضي على فكرة التوبة الكولونيالية»، كتبه دانيال لفيفريندرج في الإطار نفسه».