الحريري يختم استشاراته وسط «تفاؤل حذر» بولادة الحكومة اللبنانية

السفير الإيراني: ما يحصل بين سورية والسعودية يخدم مصلحة المنطقة

سعد الحريري مع المغنية اللبنانية ماجدة الرومي خلال افتتاح حفل غنائي في بيروت (تصوير: دلاتي ونهرا)
TT

أنهى الرئيس المكلف تشكيل الحكومة اللبنانية سعد الحريري «المرحلة الثانية» من الاستشارات النيابية وسط أجواء من «التفاؤل الحذر» بقرب ولادة الحكومة التي أعلن الحريري أنه يريدها «حكومة وفاق وطني»، دون أن يقفل الباب أمام « كل الاحتمالات إذا عدنا إلى الجدار المسدود»، في إشارة إلى احتمال تجدد «اللا تفاهم» مع المعارضة على توزيع المقاعد الوزارية وهو ما دفعه إلى الاعتذار قبل أن يعاد تكليفه.

وفيما كانت الأنظار تتجه مجددا إلى العلاقات السعودية ـ السورية كمقياس لتقدم مساعي تأليف الحكومة، قال السفير الإيراني في بيروت محمد رضا شيباني إن «أي فرصة للمّ الشمل بين دول المنطقة، كما يحصل بين سورية والسعودية، يخدم مصلحة دول المنطقة وشعوبها، وهذا اعتقاد راسخ لإيران». وتوقع رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط من جهته «انعكاسات إيجابية» لزيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لدمشق، مستهجنا «تشكيك البعض بهذا الواقع». واستغرب «بعض التصريحات أو بعض التلميحات لبعض السياسيين الذين لست أفهم ما المنطق في تشكيكهم المسبق بأهمية اللقاء السوري ـ السعودي، وأهمية الزيارة التي ينوي القيام بها الملك عبد الله إلى سورية والتي في رأيي سيكون لها انعكاس إيجابي على لبنان، فلماذا البعض يشكك مسبقا؟». وأضاف: «إذا كان البعض يظن أن الحكومة تُصنَع فقط في لبنان فأخالفه، فالحكومة تُصنع في لبنان وتُصنع من قِبل المحور الذي أرسى الطائف وأرسى الاستقرار في لبنان والذي شرع المقاومة آنذاك، المحور السعودي ـ السوري عام 1989 والذي كان الأساس في الاستقرار في لبنان».

وأبدى الحريري في ختام استشاراته تفاؤله، فيما أشارت مصادر قريبة منه لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه سيستكمل اتصالاته قبل أن ينصرف لإعداد تشكيلته التي يرى وجود إمكانية لحصولها على أكبر قدر من القبول لدى الأطراف المشاركة فيها»، مشيرة إلى أنه في حال تكرر السيناريو السابق، فإن الحريري ليس بوارد الاعتذار هذه المرة، إنما سيبحث عن صيغ أخرى لتأليف هذه الحكومة». وفي المقابل قالت أوساط في تكتل «التغيير والإصلاح» الذي يرأسه العماد ميشال عون إن لقاء ثالثا قد يجمع الحريري بعون، مشيرة إلى أنه إلى جانب صيغة الـ«15 + 10 + 5» هناك صيغة ثانية مطروحة ولا ثالث لهما، وهي حكومة الأقطاب مطعمة بوزراء تكنوقراط.

وكان الحريري اختتم استشارته بلقاءين عقدهما مع كتلتي عون و«القوات اللبنانية» قبل أن ينتقل إلى القصر الجمهوري لزيارة الرئيس سليمان لوضعه في أجواء الاستشارات و«غربلة» حصيلتها. وقال عون بعد اللقاء مع الحريري في مجلس النواب إنه «استكمل المحادثات التي بدأها الأسبوع الفائت خلال لقائه مع رئيس الحكومة المكلف، وكانت الموضوعات مدروسة ودقيقة»، آملا أن «تبدأ المرحلة النهائية بالتأكيد في اللقاء الثالث الذي سيُعقد، عندها سنتكلّم بشأن الوزارات وخيارات التأليف». وأكّد أنه والحريري «متفاهمان جدا على ما طُرح اليوم»، موضحا أن الأجواء كانت «إيجابية جدا»، وأعرب عن أمله في أن تتشكل الحكومة في وقت قريب».

أما عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب أنطوان زهرا فقال بعد لقاء الرئيس المكلف إن المشكلة هي «في محاولة البعض التنكر للإرادة الشعبية ومحاولة إنتاج سلطة تنفيذية تناقض الاستفتاء الشعبي الذي جرى في الانتخابات»، مشيرا إلى أن «هذا الكلام لا يعني أننا كقوات ندعو إلى حكومة غالبية غير ميثاقية، على العكس دائما نحن مهتمون بميثاقية الحكومة»، مكررا «دعوة رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحكومة المكلف أن يستنفدا ما لديهما من أفكار ويبادرا بتشكيل حكومة ميثاقية، وإذا كان لدى البعض تحفظ على مشاركته فالبلد لا يمكن أن ينتظره»، لافتا إلى أن «الحكومة الميثاقية تعني إشراك كل الطوائف كما اتفقنا في الطائف لا كل التيارات والأحزاب، وهذا لا يعني الدعوة إلى إبعاد أحد». إلى ذلك دعا السفير الإيراني في لبنان محمد رضا شيباني إلى «العمل على استمرار الاستشارات بكل جدية، لفتح المجال أمام أصحاب القرار السياسي، للمشاركة في اتخاذ القرار الصحيح، إزاء تشكيل حكومة الوحدة الوطنية». ونفى شيباني بعد لقائه شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز في دار الطائفة، اتهام البعض إيران بعرقلة تشكيل الحكومة، معتبرا أن «الأمر عارٍ عن الصحة جملة وتفصيلا، وقد نفاه رئيس الجمهورية ميشال سليمان». وشدّد على موقف إيران الداعي إلى «الوحدة بين اللبنانيين، لأننا نعتقد أن هذه الوحدة لا تخدم المصلحة الوطنية فحسب، وإنما المصلحة الإقليمية والجمهورية الإيرانية». ورأى شيباني أن «أي فرصة للم الشمل بين دول المنطقة، كما يحصل بين سورية والسعودية، تخدم مصلحة دول المنطقة وشعوبها، وهذا اعتقاد راسخ لإيران».