كرزاي يواجه أزمة دستورية في حال فوزه بعد انسحاب عبد الله عبد الله

طالبان تصعد من تهديداتها قبل جولة الإعادة.. اجتماع المجلس الأعلى للقبائل بأفغانستان وسط غموض يكتنف الانتخابات

عبد الله عبد الله، منافس الرئيس المنتهية ولايته، حميد كرزاي، يجلس بين كبار أنصاره في تجمع انتخابي بالعاصمة كابل أمس قبل أن يعلن انسحابه من الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية (أ.ف.ب)
TT

هددت حركة طالبان أمس بشن مزيد من الهجمات إذا قررت أفغانستان إجراء دورة ثانية من الانتخابات الرئاسية رغم انسحاب مرشح المعارضة عبد الله عبد الله. وصرح المتحدث باسم طالبان قاري يوسف احمدي لوكالة «فرانس برس» عبر الهاتف من موقع لم يكشف عنه «لن نسمح بان تمر الدورة الثانية من الانتخابات بسلام». وأضاف «سنزيد من هجماتنا على العملية الانتخابية، وسنضمن فشل الانتخابات».

ويرى محللون أن انسحاب وزير الخارجية الأفغاني السابق عبد الله عبد الله من دورة الإعادة في انتخابات الرئاسة، سيعزز من فرص حصول الرئيس الأفغاني حميد كرزاي على ولاية ثانية، إلا انه سيحرمه من الشرعية كما سيعزز تمرد طالبان. ومن المؤكد أن قرار وزير الخارجية السابق قبل ستة أيام من بدء الدورة الثانية من انتخابات الرئاسة، سيطيل الأزمة السياسية ويشكك فيما إذا كانت الانتخابات ستجرى بمرشح واحد. وقال داود علي نجفي رئيس لجنة الانتخابات المستقلة الأفغانية إن جولة الإعادة بانتخابات الرئاسة الأفغانية ستمضي قدما في موعدها بمرشح واحد فقط هو الرئيس كرزاي بعد انسحاب منافسه عبد الله عبد الله في وقت سابق من أمس. وتابع لـ«رويترز»: «اعتمادا على القوانين الانتخابية والدستور يجب أن تكون هناك جولة إعادة. الدستور واضح». ويعتقد المحللون أن كرزاي، الذي تولى السلطة في أواخر عام 2001 بعد أن أطاحت قوات التحالف بحكومة طالبان المتشددة، لا يزال يرغب في أن تمنحه جولة الإعادة شرعية لتولي الرئاسة لفترة ثانية. ولكن وبعد خيبة أمل الناخبين بسبب التزوير في الدورة الأولى من الانتخابات وخشيتهم من هجمات طالبان، من المرجح أن تنخفض نسبة المشاركة إلى ما دون نسبة الـ38، أي 7% التي تم تسجيلها في العشرين من أغسطس (آب) الماضي. وصرح هارون مير رئيس مركز أفغانستان للبحوث والدراسات السياسية انه «إذا كانت مشاركة الناخبين منخفضة للغاية، وما دون 20 بالمائة، فانه رغم انه سيتم إعلان الفائز، فانه سيفتقر إلى المصداقية في عيون الأفغان والمعارضة». وأضاف أن «عبد الله يمكن أن يتسبب في الكثير من المشاكل له، أولا لأنه يمكن أن يرفض الاعتراف بشرعيته، وكذلك يمكن أن يرفض الاعتراف بسلطته». ويقول محللون ودبلوماسيون انه من المرجح أن تجرى جولة الإعادة، رغم أن البطاقات الانتخابية قد طبعت وعليها صور كرزاي وعبد الله. وصرح دبلوماسي انه «لا يوجد في الدستور الأفغاني قانون بشأن انسحاب مرشح من الدورة الثانية، وفي مثل هذه الحالة على المحكمة العليا أن تصدر قرارا». وأضاف الدبلوماسي انه من المرجح أن يعلن القضاة في هذه الحالة إعادة انتخاب كرزاي. وصرح نادر نادري رئيس «صندوق الانتخابات الحرة والنزيهة»، وهي مجموعة ضغط مناصرة للديمقراطية، بأن القانون الأفغاني ينص على ضرورة إجراء دورة ثانية. وأضاف أن «الدستور لا يقدم أي بدائل أخرى».

وصرح لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الوضع «يتحول إلى أزمة سياسية، ولا مجال لمعالجته في الإطار القانوني الحالي». إلا أن داود سلطانوزي النائب المستقل والوزير السابق في حكومة كرزاي قال انه يجب إيجاد بدائل أخرى. وصرح «هذه منطقة جديدة تماما لم يتم التطرق إليها من قبل. إن الدورة الثانية من الانتخابات لم تتقرر لأسباب عادية بل بسبب التزوير». وأضاف انه «في هذه الحالة يمكن لكرزاي أن يفعل ما يحلو له، ولكنه سيواجه طعونا في المحاكم وعلى المستوى الوطني والعالمي». وقال «هذه ليست منافسة على الشعبية بين مرشحين، بل هي منافسة تتعلق بإرادة الشعب. علينا أن نفكر في آليات جديدة ونخرج بأفكار خارجة عن المعتاد». دعا سلطانوزي إلى تشكيل مجلس لويا جيرغا (مجلس أعيان أفغاني تقليدي) جديد يجمع بين زعماء القبائل، موضحا أن ذلك يمكن أن يساعد على إقناع قادة طالبان المعتدلين بأنهم مشاركون في مستقبل البلاد وبالتالي تهدئة التمرد. وأضاف «علينا أن نصبح أكثر إبداعا في ضوء حقيقة أننا نحاول اختراق صفوف طالبان ومعرفة من من قادتهم مستعد للحوار». وقال نادري إن اكبر المستفيدين هم طالبان الذين هددوا بتكثيف الهجمات قبل الانتخابات التي ستجرى السبت المقبل. ولعبت هجمات طالبان التي اشتملت على إطلاق صواريخ على مراكز اقتراع في 20 أغسطس، دورا قويا في خفض نسبة المشاركة. وقال نادري إن «وجود أزمة سياسية مثل التي شهدناها خلال الشهرين الماضيين ستفيد طالبان». وأوضح أن طالبان «سيتمكنون من تجنيد مزيد من الأشخاص، وشن علاقات عامة أكثر فعالية باستخدام الوضع الراهن لإقناع مزيد من الناس بأن الأمور لا تسير بالشكل الصحيح وبالتالي علينا اتباع طريقتنا». إلى ذلك تجمع شيوخ القبائل مع أنصار آخرين لوزير الخارجية الأفغاني السابق عبد الله عبد الله لحضور اجتماع للمجلس الأعلى للقبائل «لويا جيركا» في خيمة كبيرة بغرب العاصمة الأفغانية كابل في وقت مبكر من صباح أمس. ووصل عبد الله بعد نحو 90 دقيقة من الموعد المحدد لبدء الاجتماع حيث ألقى كلمة أمام أنصاره قبل مؤتمر صحافي عقده أمس. ويعتقد محللون ودبلوماسيون أن الانسحاب من الانتخابات الذي قد يكون جزءا من اتفاق باقتسام السلطة مقابل الحصول على منصب حكومي بارز في حكومة كرزاي المقبلة سينقذ البلاد من مزيد من الألم السياسي وأعمال عنف المسلحين. وبالرغم من أن الإجراءات الدبلوماسية لإنهاء الطريق المسدود زادت خلال الأسبوع الماضي من وراء الكواليس إلا أن مصدرا دبلوماسيا غربيا صرح بأن المحادثات بين كرزاي وعبد الله انهارت. ولكن المصدر الذي طلب عدم نشر اسمه أضاف: الحديث عن الانسحاب قد يكون «حيلة تفاوضية» مع جانب عبد الله. وكان ملالي اسحق زاي أحد أنصار عبد الله من قندهار قال إن معسكر عبد الله ينظر لمعرفة ما إذا كان كرزاي سيذعن للمطالب التي تقدم بها عبد الله الأسبوع الماضي. وقال عمر غفور زاي أحد مستشاري عبد الله الأمر كله يتعلق بنزاهة العملية.

هذا هو ما يثير قلق عبد الله. وكانت مهلة منحها عبد الله لكرزاي لإقالة كبير المسؤولين الانتخابيين في البلاد انقضت أول من أمس دون أن يتخذ كرزاي أي إجراء. وتقدم عبد الله بهذا الطلب لتفادي تكرار التلاعب الكبير الذي شاب الجولة الأولى من الانتخابات. ولم يرد أي تعليق من جانب معسكر كرزاي. وكان من المقرر أن يتوجه عبد الله للهند أمس لحضور ندوة، إلا أنه ألغى الزيارة بسبب الأزمة مما عزز التكهنات بأنه سينسحب من جولة الإعادة. وأشار دبلوماسيون ومحللون إلى أن الدستور ينص على إمكانية إجراء جولة إعادة إذا انسحب عبد الله. ويخشون أن يكون لذلك تأثير خطير على شرعية الحكومة. وذكرت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أمس أن أي قرار لعبد الله بعدم خوض جولة ثانية من انتخابات الرئاسة الأفغانية لن يؤثر على شرعية الانتخابات. وعندما سئلت في مؤتمر صحافي في القدس بشأن تقارير أفادت بأن مساعدين للمرشح الذي خاض الجولة الأولى قالوا انه لن يخوض الجولة الثانية من الانتخابات لم توضح كلينتون إن كانت تؤكد أن عبد الله لن يخوض الانتخابات، لكنها قالت أعتقد بأنه قرار يرجع إليه اتخاذه. وتابعت لا أعتقد بأن هذا سيؤثر على الشرعية. كانت هناك مواقف أخرى في بلدنا وفي أنحاء العالم أيضا حيث قرر أحد الأطراف لأي سبب من الأسباب انه لن يدخل انتخابات الإعادة. وقال عبد الله عبد الله مرشح الانتخابات الرئاسية الأفغانية أمس انه لن يشارك في جولة الإعادة بالانتخابات المقررة في السابع من نوفمبر (تشرين الثاني) لان الحكومة والمسؤولين الانتخابيين بالبلاد لم ينفذوا المطالب التي تقدم بها من أجل ضمان إجراء انتخابات نزيهة. وصرح عبد الله لأنصاره في كابل، لن أشارك في الانتخابات. لم يكن قرارا سهلا مضيفا أنه لم يطلب من أي أحد مقاطعة جولة الإعادة. ومن ناحية أخرى صرح فريق الرئيس الأفغاني كرزاي الانتخابي بأنه يعتزم المضي قدما في جولة الإعادة في السابع من نوفمبر بالرغم من انسحاب عبد الله. وقال معين ماراستيال العضو البارز بفريق كرزاي الانتخابي لـ«رويترز»: « على حد علمنا سنمضي قدما في جولة الإعادة». وكان الضغط يتزايد على عبد الله لكي ينسحب من السباق أمام كرزاي الذي يرى محللون انه المرشح الأبرز للفوز بجولة الإعادة بعد حصوله على معظم الأصوات في الجولة الأولى التي جرت في 20 أغسطس وشابها تلاعب.

وشهدت أفغانستان حالة من الغموض السياسي استمرت لأسابيع بعد التلاعب واسع النطاق الذي ساد الجولة الأولى وأصبح الأمن مبعث قلق كبير آخر بعدما تعهد مقاتلو حركة طالبان بتعطيل جولة الإعادة. وفي الوقت الذي يمر فيه المستقبل السياسي لأفغانستان بحالة من عدم الاستقرار يعكف الرئيس الأميركي باراك اوباما أيضا على تقييم ما إذا كان سيرسل 40 ألف جندي إضافي إلى أفغانستان.