أولياء أمور يلجأون إلى «بدائل دراسية» لحماية أبنائهم من إنفلونزا الخنازير

أصحاب مدارس: الرياض وجدة الأعلى تسجيلا في غياب الطلاب

وفرت وزارة التربية والتعليم مطهرات في المدارس لحماية الطلاب من إنفلونزا الخنازير (تصوير: ثامر الناصر)
TT

الدراسة في المنزل والاكتفاء بجلب معلمين لتلقين الطفل دروسه بشكل انفرادي ربما كانت عادة قديمة مرتبطة إلى حد ما بالطبقات البورجوازية أو حلا كان يلجأ إليه أشخاص مهمون جداً ومشهورون لتجنيب أبنائهم نظرات الفضوليين، وربما هي خيار وحيد ومر لظروف طفل مريض. إلا أن انفلونزا الخنازير وخطر انتشارها ضمن مقاعد الدراسة بعثا هذه العادة المندثرة ونشطا إلى حد كبير أعمال «المدرسين الخصوصيين».

وعلى امتداد مناطق السعودية، وبعد مرور ما يقارب الشهر من بداية العام الدراسي الجديد، وتسجيل حالات الإصابة في عدد من المدارس رغم خطة ضخمة تنفذها كل من وزارتي الصحة، والتربية والتعليم، ما زال العديد من أولياء الأمور مترددين في إرسال أبنائهم لمقاعد الدراسة. ويفضل الآباء ضياع عام دراسي كامل من أعمار أبنائهم في أسوأ الأحوال على إصابتهم بالمرض، والبعض الآخر قرر أن يتولى بنفسه، أو من خلال معلم أو معلمة خاصة ومتفرغة تلقين المنهج لأبنائهم في مناخ المنزل الآمن والقابل للتحكم.

من جانبه أكد الدكتور فهد الطياش المتحدث الرسمي باسم وزارة التربية والتعليم، أن الوزارة لا تتهاون في تطبيق الأنظمة، وكذلك في الحفاظ على سلامة الطلبة والطالبات وطمأنة ذويهم. وقال الطياش في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط» ان حرص الوزارة في المقام الأول يتمحور في أن تكون هناك بيئة نظيفة للمحافظة على الصحة العامة. مضيفا أن التجارب أثبتت أن التعامل مع هذا الفيروس يكون بالحفاظ على نظافة البيئة المدرسية، عن طريق زيادة التعاون بين المدرسة والأسرة. وحمل الطياش الإعلام مسؤولية زيادة الهلع والخوف من انفلونزا الخنازير، واصفاً إياه بالخوف غير المبرر. وقال إن ضحايا انفلونزا الخنازير أقل من ضحايا حوادث السيارات المسؤولة عن مقتل ما يناهز العشرين شخصا يومياً، ولم يركز الإعلام عليها كما يفعل مع انفلونزا الخنازير.

عثمان القصبي المشرف على مدارس الرواد والنخبة بالمنطقة الوسطى، أكد بأن الغياب والحضور لا يزالان متأرجحين منذ بداية العام الدراسي ويعتمدان بشكل كبير على قلق الأهالي، أكثر من حقيقة تهديد المرض، الذي لا يشكل خطراً حقيقياً برأيه كون سبل السلامة والوقاية كلها متوافرة وموجودة ويتم التأكيد عليها في المدارس.

وأضاف القصبي أن نسبة التغيب في المرحلة الثانوية قليلة جداً، حيث سجلت في اليوم الأول 40 بالمائة ومع نهاية الأسبوع الأول عادت نسبة الحضور للمعدل الطبيعي بنسبة 5 بالمائة، في حين أن التغيب في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة كان ملحوظاً جداً في الأسابيع الأولى وما زال متأرجحاً.

واعتبر القصبي بأن الغياب الملحوظ جداً تم تسجيله في مرحلة التمهيدي حيث قلت الأعداد بنسبة 60 بالمائة في المدارس التابعة لإشرافه وغيرها، ويبدو أن الآباء اختاروا إسقاط هذه المرحلة من تأسيس أبنائهم الدراسي والاكتفاء بإلحاقهم مباشرة في الصف الأول الابتدائي مع بدء العام المقبل تخوفاً من إصابتهم بالمرض.

في الوقت نفسه أكد القصبي، بأن نسبة الغياب في الصف الأول لا تزال تسجل رقماً غير اعتيادي وبنسبة تبلغ 15 بالمائة، حيث اختار العديد من أولياء الأمور تأخير ابنائهم عن الدراسة لمدة عام لوقايتهم من خطر المرض، ومع ذلك يتوقع البعض أن يستمر التسجيل، وآخرون يتوقعون أن تكون هذه الأرقام نهائية وأن تؤثر على العام المقبل بزيادة عدد المسجلين في المرحلة الابتدائية.

وداد ناظر مشرفة بإحدى مدارس جدة الخاصة، من جانبها أكدت على أن نسبة الغياب ملحوظة جداً وهي في ازدياد خاصة بعد ظهور بعض حالات الاشتباه بالمرض. وأكدت ناظر أن الأهالي بمجرد السماع بوجود اشتباه حالة مرضية يبادرون بالاتصال وسحب أبنائهم رغم تطمينات الإدارة التي تبادر بالاتصال بذوي الطفل أو الطفلة المصابة.

وقالت ناظر إن نسبة 20 بالمائة من الطلبة امتنعوا عن الحضور رغم كل تطمينات الإدارة، ويفضل ذووهم التريث ومتابعة تحصيلهم العلمي في المنزل لفترة من الزمن. مؤكدة بأن إدارة المدرسة تتفهم قلق الأهالي ولا يمكنها سوى التعاطف معهم، لكن الحضور إلزامي لتخطي العام الدراسي عاجلاً أو آجلاً.

وإذا كانت الأخبار المتضاربة عن حالات الاشتباه بالإصابة وتسجيل إصابات فعلية واقتراب موسم الحج قد شكلوا رعباً حقيقياً للأهالي في المنطقة الوسطى والغربية، جعلهم يختارون بقاء أبنائهم في المنازل على متابعة مشوارهم العلمي حتى حين فإن الوضع في المنطقة الشرقية يبدو مختلفاً بعض الشيء كما يقول وليد السويلم مدير عام مدارس الظهران الأهلية، الذي يؤكد على أن نسبة التغيب طبيعية جداً.

ويقول السويلم «إن نسبة التغيب لدينا لم تتجاوز 2 بالمائة في الأسبوع الأول، وكانت مفاجأة بالنسبة لنا، لكن نسبة التغيب ضئيلة ولا تتعدى النسبة المعتادة في الأيام العادية، والنسبة الأكبر بطبيعة الحال هي في الصفوف الأولى للمرحلة الابتدائية، أما نسب الإصابة فلم تتعد حالات قليلة وحالات اشتباه، إلى جانب حالات الإنفلونزا المعتادة».