وزير الخارجية السوداني دينق ألور: لماذا أستمر في دولة تقمعني باسم العروبة والإسلام

قال إن «المؤتمر الوطني» يريد أن تكون الوحدة مثل العلاقة بين السايس والحصان.. ونحن نريد مساواة حقيقية

أطفال سودانيون من قرية دوك باديت الجنوبية التي شهدت معارك عنيفة في الأشهر الماضية (أ.ب)
TT

تبادل وزير الخارجية السوداني عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية دينق ألور، ومستشار الرئيس السوداني دكتور غازي صلاح الدين، من على منصة بعثة الأمم المتحدة في السودان، الاتهامات بشأن تنفيذ اتفاقية السلام، حيث شن دينق ألور هجوما لاذعا على «المؤتمر الوطني»، معتبرا أن عروبة وإسلامية الدولة والحزب بالوكالة في الجنوب أكبر مهددات وحدة السودان، محملا الحركة الإسلامية السودانية مسؤولية انفصال الجنوب عند الاستفتاء على تقرير المصير، فيما رد مستشار الرئيس السوداني غازي صلاح الدين بغضب على حديث ألور واعتبره مزايدة وتزييفا للحقائق، في وقت نفى مكتب النائب الأول للرئيس السوداني رئيس حكومة الجنوب سلفا كير التصريحات التي دعا فيها الجنوبيين عند الاستفتاء على تقرير المصير للانفصال. وقال ألور في المنتدى الذي نظمته الأمم المتحدة في الخرطوم بحضور ممثلها أشرف قاضي والمبعوث الأميركي للسودان اسكوت غرايشن إن الحكومة المركزية في الخرطوم لم تنجز مشروعا تنمويا واحدا في الجنوب، وأوضح بأنه من دون تجاوز هذه العقبات والاتجاه نحو السودان الجديد فلن يكون هناك خيار غير (الطلاق بسلام بين الشمال والجنوب)، مؤكدا وجود فرصة أخيرة لتحقيق هدف في الزمن الضائع بتنفيذ صارم لاتفاقية السلام وعدم وضع الجنوبيين كمواطنين من الدرجة الثانية، محملا الحركة الإسلامية السودانية مسوؤلية الانفصال، وقال «الإصرار على أن السودان دولة عربية وإسلامية جعل من نظام الحكم في السودان إقصائيا بالنسبة لأهل الجنوب. وأن اتفاق السلام الشامل جاء لحل هذه المعضلة وجعل الوحدة جاذبة»، مشددا على أن الوضع لم يتغير بعد أربع سنوات من حكم حكومة الوحدة الوطنية التي تشكلت بعد اتفاقية السلام التي وقعتها الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني في نيفاشا (كينيا) عام 2005.

وقال «هذا الوضع يعني دعوة الجنوب للانفصال لأن الشريعة الإسلامية وفق نصوصها تعتبر غير المسلم (الذمي) مواطنا من الدرجة الثانية ولا يتساوى في الحقوق مع المسلم»، وأضاف قائلا «لماذا أستمر في الدولة التي تقمعني باسم العروبة والإسلام إذا جاءتني الفرصة لأختار». وأضاف «التمسك بالدولة الإسلامية يعنى أن أغادرها». وصوب ألور هجوما عنيفا على الحركة الإسلامية السودانية وقال إنها ألحقت أضرارا كبيرة بالوطن، وذكر أن البلاد تتمزق نتيجة للإصرار على الأجندة الإسلامية وأن هذا الأمر حطم آمال بقاء السودان موحدا، وشدد على أن برنامج السودان الجديد الذي ظلت تنادي به الحركة منذ تأسيسها عام 1983 وتطبيق اتفاق نيفاشا هما طوق النجاة لتحقيق وحدة البلاد، وقال إن الحركة الشعبية جادة في السودان الموحد ولكن على أسس جديدة ونبذ الأساليب القديمة.

وانتقد ألور حكومة الوحدة الوطنية وقال إن الموازنة العامة للبلاد تخلو سنويا من أي مشاريع لتنمية الجنوب والمواطن الخارج لتوه من الحرب، متهما المسؤولين في الخرطوم بأنهم وراء النزاعات المسلحة في الجنوب عن طريق إدارة الحرب بالوكالة، وتساءل «ماذا يريدون من هذه الحرب بالوكالة ضد مواطنيهم؟».

الى ذلك قال رئيس الهيئة البرلمانية لنواب الحركة الشعبية بالبرلمان السوداني ياسر عرمان لـ«الشرق الأوسط» إن زعيم الحركة النائب الأول للرئيس السوداني سلفا كير تلقى مذكرة من نائب رئيس جهاز الأمن والمخابرات الدكتور مجاك أقوت، أقر فيها بصعوبة استمرار ضباط جهاز الأمن من حكومة الجنوب والحركة الشعبية في «جهاز أمن غير دستوري».

وترفض الحركة مشروع قانون أمام البرلمان حاليا، يقضي بمنح الجهاز سلطات الاعتقال، وتسليحه، كقوة أمن، وتطالب في المقابل، بأن يصبح الجهاز أداة لجمع المعلومات، وتحليلها ورفعها للسلطة التنفيذية، كما تنص اتفاقية السلام الموقعة بين الحركة والمؤتمر الوطني بقيادة الرئيس عمر البشير عام 2005. وترى الحركة الشعبية أن امتلاك جهاز الأمن للسلاح يحوله إلى جيش مواز. ويقاطع نواب الحركة جلسات البرلمان السوداني منذ نحو أسبوعين، احتجاجا على مشروع القرار، وللضغط على تعديله بما يتماشى مع نصوص الاتفاقية. وقال ضباط الحركة الشعبية في رسالتهم إلى سلفا كير، إنه يصعب العمل في ظل قانون مناقض للدستور في حال إجازة البرلمان لقانون الأمن الوطني بشكله الحالي. وكان البرلمان السوداني استجاب للضغوط أول أمس، وأجل النظر في مشروع القانون إلى وقت لاحق فيما تقوم مساع من الطرفين لاحتواء الخلافات. وتضامن وزراء الحركة الشعبية مع نوابهم في البرلمان، وقاطعوا جلسة لمجلس الوزراء عقدت الأحد الماضي. وشدد عرمان لـ«الشرق الأوسط»، على أن نواب الحركة ووزراءها سيواصلون المقاطعة، في وقت تناقش فيه الحكومة مشروع الميزانية الجديدة، وأضاف «نتمنى أن يستبدل مشروع قانون الأمن الحالي، بآخر يجد الترحيب والاتفاق». وأن تأتي بحزمة قوانين لإجراء انتخابات حرة ونزيهة وتنفيذ اتفاقية السلام وعلى رأسها تقرير المصير لجنوب السودان والمشورة الشعبية لجنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان، وتابع «لن نعود إلى البرلمان لأننا لم نصل إلى اتفاق ولن نناقش الميزانية في مجلس الوزراء والبرلمان».