السعودية: مطالب بتبني إستراتيجية ما بعد الأزمة لترويج فرص الاستثمار بالمدن الاقتصادية

مؤتمر دولي في الرياض يدعو للمساءلة الإدارية في سبيل تطوير أداء القطاعات الحكومية

TT

كشف تجمع إداري ضخم في العاصمة الرياض ضرورة تبني استراتيجية جديدة لترويج الفرص الاستثمارية في المدن الاقتصادية السعودية تتسق مع التطورات الاقتصادية الحالية بعد الأزمة المالية الاقتصادية العالمية، مشيرا إلى ضرورة تعزيز الشراكة بين القطاعين الخاص والعام.

وأكد مؤتمر دولي انتهت أعماله أمس ضرورة تفعيل المساءلة في القطاع العام لأدواره في تعزيز الشفافية في المنظمات العامة، مشيرين إلى أهمية تحديث الأنظمة واللوائح والإجراءات الإدارية بما يتفق مع المتطلبات المستجدة لتحسين الأداء الحكومي.

وكشفت جلسات المؤتمر الدولي للتنمية الإدارية الذي نظمه معهد الإدارة خلال الأيام الأربعة المنصرمة، عن وجود تحديات عديدة تواجه الشراكة الإستراتيجية بين القطاعين العام والخاص حيث ذكر الدكتور حبيب الله التركستاني أستاذ الإدارة والتسويق الدولي في جامعة الملك عبد العزيز بجدة أن أول التحديات تتمثل في تراجع وتباطؤ تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى المدن الاقتصادية بسبب تأثير الأزمة العالمية المالية بنسبة تراوحت بين 20 و30 في المائة.

وأضاف أنه نتيجة التأثر بفعل الأزمة المالية فقد تراجع الاستثمار المحلي وتحديدا الاستثمار الخاص مع تعطيل آلية الائتمان جزئيا بفعل الأزمة لذا يرى أن اللاعب الرئيس في تلك المدن الجديدة لابد أن تكون الشركات الوطنية، إلا أنها تعاني جزئيا بفعل تأثيرات الأزمة، وبالتالي سيؤثر هذا الوضع بالسلب في برامج ومشاريع إنجاز تلك المدن.

وأوصى التركستاني في ورقته التي عنونها بـ«الشراكة الإستراتيجية بين الحكومة والقطاع الخاص: المدن الاقتصادية» أن يبقى الاستثمار الأجنبي المباشر خيارا مهما ورئيسا بينما على القطاع الحكومي تبني إستراتيجية ترويج جديدة للفرص الاستثمارية في تلك المدن تختلف عن تلك التي كانت متبعة قبل وقوع الأزمة، كأن يتم التوجه خلال هذه المرحلة الانتقالية نحو الدول الأقل تضررا من الأزمة، وفي مقدمتها دول شرق وجنوب شرقي آسيا.

ودعا التركستاني إلى تبني سياسات تستهدف حفز الاستثمار الوطني، وعودة رؤوس الأموال المهاجرة، لاقتناص الفرص المتوافرة في هذه المدن من خلال حل معضلة الائتمان والحفاظ على مستويات متدنية للتضخم، وتحريك وتفعيل برامج وخطط الإنفاق العام، ودعوة المستثمرين لمعارض مكثفة بشأن الفرص الاستثمارية التي توفرها هذه المدن.

وزاد: «لابد من تبني إستراتيجية تصدير بديلة تركز على التوجه نحو أسواق جديدة، وفي الوقت نفسه تعزز احتياجات السوق المحلية فإستراتيجية الإنتاج من أجل التصدير التي تبنتها أغلبية الدول الناهضة هي قيد المحاكمة والمراجعة».

من جانب آخر، خصص المؤتمر جلسة خاصة ضمن المؤتمر الدولي للتنمية الإدارية حمل عنوان «دور المساءلة الإدارية في تطوير الأداء» إذ كشفت أوراق العمل أن من شأن المساءلة الدفع بتطوير الجهاز الإداري وتنمية قدراته وتعزيز دور الشفافية وبالتالي الوصول إلى الهدف المتمثل في رفع الأداء.

واستعرض خبراء عالميون كان من بينهم إم بيتر فان دير هويك من جامعة إيراسموس بهولندا ورقة علمية عن تجربة هولندا بينما عمدت ورقة دعاء محمد سمير في مجلس الوزراء المصري إلى تقديم تجارب دول أوروبية تأكيدا على دور المساهمة في تعزيز الشفافية في المنظمات العامة، مشيرين إلى ضرورة وضع ضوابط وآليات عمل مقننة تضمن نتائج إيجابية من المساءلة ونظام لاستقبال ومتابعة الشكاوى.

إلى ذلك، دعا الدكتور شهاب المقدام مدير المعهد الوطني للعلوم الإدارية إلى تحديث الأنظمة واللوائح والإجراءات الإدارية بهدف تطوير نظام إدارة عامة حديث وكفء من خلال إعادة بناء وهيكلة الجهات الإدارية للدولة وتوفير الأنظمة واللوائح والمعلومات المتكاملة وبناء الأنظمة السياسية وإعادة توزيع القوى العاملة بما يتفق مع متطلبات العمل.

ويرى المقدام في ورقته أن المتطلبات المستجدة لتحسين الأداء الحكومي سيعزز من التحول عن نمط البيروقراطية والتعقيدات في الإجراءات الإدارية للوصول إلى تصور أفضل بتوجيه البرامج التطويرية والإصلاحية لمنظمات الإدارة العامة.

وشدد المقدام على ضرورة توجه الحكومات العربية نحو تحديث البناء الهيكلي والمؤسسي للجهات الإدارية للدولة وذلك لإلغاء مظاهر الازدواج والتداخل والتضارب في الأدوار والمهام والأنشطة بين الوحدات الإدارية واستكمال مراحل إعادة هيكلة الوحدات وتبسيط إجراءات تقديم الخدمات الحكومية بما يساهم في تحسين الأداء.

من جانب آخر، أفصحت ورقة بعنوان «جهود وإعداد التحديات التي تواجه القيادات الإدارية»، حيث لفتت إلى أن هناك عراقيل إدارية تشريعية تبرز مظاهرها في جوانب عدة كالنقص في العديد من التشريعات واللوائح المنظمة لمختلف النشاطات الوظيفية في الإدارة العامة.

يذكر أن المؤتمر الذي انتهت أعماله أمس بحث في التحديات التي تواجه القطاع الحكومي وعوامل تحسين أدائه وتنمية الإدارة، حيث ركز على جملة من المحاور الرئيسية تتضمن قياس الأداء في القطاع الحكومي، والتوجهات والأساليب الحديثة في تطوير أداء المنظمات، والدور المستقبلي لمؤسسات التنمية الإدارية في تطوير الأداء، وإدارة المعرفة ودورها في تطوير الأداء الحكومي.