أوبرا موتزارت «زواج فيغارو» بلغة الضاد في بلدية فيينا

تحولت إلى مفردات عربية على ألسنة الثالوث نادين وزيدان وسويلم

مشهد من أوبرا موتزارت «زواج فيغاروا» (أ.ف.ب)
TT

هل كان من الممكن أن يتخيل الموسيقار النمساوي الأشهر ولفغانغ أماديوس موتزارت أن يقام في يوم من الأيام حفل أوبرا لأشهر أعماله باللغة العربية وعلى بعد خطوات فقط من منزله بالحي الرابع بالعاصمة النمساوية فيينا؟

هذا بالضبط ما حصل. وتمكنت السفارة المصرية في فيينا من تنظيم أمسية أول من أمس، بقاعة فاخرة في مبنى البلدية القديم بالاشتراك مع مجلة «سوسيتي»، حيث استمتعت نخبة مختارة من الحضور العرب والأجانب بحفل موسيقي هو بلا شك في عداد ليلة من ليالي الأنس بفيينا التي غنت لها الراحلة أسمهان.

وما بين إبداع ومقدرة كل من السبرانو اللبنانية نادين نصار والباريتون المصري رؤوف زيدان، والباص باريتون المصري أيضا أشرف سويلم، وعازفة البيانو المجرية غوديت فاغرا، انجذب الجمهور مستمتعا بمقاطع سريعة خفيفة منتقاة من الأعمال الأوبرالية مثل «زواج فيغارو» و«دون جوفاني» و«المزمار السحري» والتي ترجمها الدكتور علي صادق إلى العربية الفصحى.

وفي ترابط كامل وانصهار وتزاوج ما بين قوة النبرات الصوتية المتناغمة مع إيقاع موسيقى البيانو الآلة المحببة والأقرب لقلب موتزارت ضاعفت رنات هذه الموسيقى من القدرة على التعبير وتحولت بدورها إلى مفردات عربية على ألسنة الثالوث نادين وزيدان وسويلم صبوا فيها عصارة علم ودراسة وخبرة اكتسبوها وصقلوها، ليس أمام جمهور أوروبي وأميركي يعرف فن الأوبرا ويستمتع به فحسب، بل وفي أكثر من دولة عربية.

ويسعى الدكتور علي صادق لانتشار أكبر لمشروعه الهادف لخلق أوبرا عالمية مترجمة للعربية باعتبار أن اللغة تقرب من فهم الجمهور لما يشاهده فيتفاعل معه ويستجيب لإشاراته فيتابع بشغف وتجاوب بدلا من أن يظل ما يقدم أمامه مجرد تمثيل لمغنين يصرخون حتى وهم يتهامسون.

ومما زاد الأمر بهاء أن الترجمة أخرجت الكلمات مشكلة ومنونة ومنمقة، وقد كان واضحا حرص الحضور على المتابعة الدقيقة لالتقاط المعاني رغم سرعة الوقائع وقوة تجسيم المشاهد في مسرح صغير زاد من حميمية الحفل الذي خلا تماما من كل ما يصاحب عادة حفلات الأوبرا من ضخامة في الملابس والديكور والإضاءة والأوركسترا الموسيقية.

وقد أثبت نجاح الحفل رضاء الجمهور ونيل إعجابه بأبسط المقومات في حوار سيمفوني أوبرالي لنص درامي برفقة عزف منفرد دون أي آليات معقدة أو تأثيرات مسرحية خارقة، وبتلك المقومات فقط، وبقليل من الحركة في قاعة أنيقة تمكنت تلك المجموعة الصغيرة من زيادة سرعة نبض أعمال خالدة لموتزارت وبلغة الضاد.

وقد كان الختام رائعا ونادين وزيدان يتلاعبان بغناء كل منهما للآخر بنطق مجسم، مقسم، منغم، كما خط موتزارت في «مزماره السحري» ليختتم الحفل بتحية حارة وتصفيق متواصل من الجمهور لهما ولبقية زملائهما وللمشرفين على الحفل الذي استمر لمدة ساعتين دون كلل أو ملل.