جامعة لبنانية «تكتشف» اليابان بعد الصين لغويا.. وثقافيا ورياضيا

لتواكب حركة المبادلات بين البلدين

TT

طبقت جامعة القديس يوسف (الجامعة اليسوعية) في لبنان الحديث الشريف «اطلبوا العلم ولو في الصين»، وذلك في مرحلة سابقة عندما بدأت تدريس اللغة الصينية لتواكب حركة المبادلات الآخذة في الاتساع بين البلدين. ولكن الجامعة نفسها راحت اليوم تطلب العلم.. في اليابان، حيث بدأت تدرس اللغة اليابانية بصورة خاصة و«الثقافة الصفراء» بصورة عامة، وذلك من خلال إنشاء مركز في الجامعة أطلق عليه اسم «المركز الأكاديمي الياباني» (ساجاب) الذي يديره مدرس اللغة اليابانية في المركز خليل كرم الذي تحدث إلى «الشرق الأوسط» عما يسميه «فتح اليابان» بعد «فتح الصين» فقال: «تحاول الجامعة منذ فترة غير قصيرة أن تكون جامعة لكل الثقافات وكل اللغات، ولا سيما الثقافات العريقة واللغات التي تتداولها شعوب غنية عددا وتراثا، ومن هنا كان اختيارنا الثقافة اليابانية بعد الثقافة الصينية، وقد توليت أنا شخصيا الإتيان باليابان إلى لبنان وليس إرسال طلابنا إلى اليابان، وكنت على تواصل دائم مع البروفسور الياباني اتسوشي اوكودا الذي يعمل في جامعة كيو اليابانية، التي تعتبر إحدى أهم مؤسسات التعليم العالي في اليابان. وكان اوكودا هذا قد اعتنق الإسلام خلال إقامته الطويلة في سورية بسبب شغفه بالثقافة العربية، التي يدرسها حاليا في جامعة كيو ويشفعها بتنظيم رحلات لطلابه إلى الشرق الأوسط».

أضاف كرم: «ما لبثت أن أثمرت اتصالاتنا التوافق على نظام تعليم فعال ليس للغة اليابانية فحسب بل للجوانب الرئيسية للثقافة اليابانية. ولعل أبرز الدروس التي نقدمها، إلى جانب اللغة، هو الكاراتيه الذي يعتبر أحد الفنون اليابانية الرمزية، والنشاط الأكثر شعبية في العالم الغربي، وكل ذلك يتم عبر المركز الأكاديمي الياباني الذي تقرر إنشاؤه في ختام اتصالاتنا في قلب جامعة القديس يوسف، وكان ذلك في شهر مارس (آذار) 2008. ومنذ أيام افتتح الموسم الدراسي مرفقا ليس بالكاراتيه فحسب الذي يشرف عليه اللاعب اللبناني هشام مكي، بل بسلسلة من الأفلام وسائر النشاطات الثقافية».

ويعتبر كرم أن تعليم اللغة يبقى الشاغل الرئيسي للمركز والجامعة، وتتولاه ميتسوكو سانو التي جاءت إلى لبنان عام 2000 لتعلم اللغة العربية في جامعة القديس يوسف. وقد استفادت الجامعة من وجودها لتعرض عليها تنظيم دورات لتعليم اللغة اليابانية، ومنذ ذلك الحين أخذت الفكرة طريقها فجرى تقديم بعض الدروس في فبراير (شباط) 2005 في كلية اللغات والترجمة في الجامعة الممولة جزئيا من «الصندوق الياباني» التابع لوزارة الخارجية اليابانية. لكن هذه الدروس كانت محاولة خجولة لاكتشاف اللغة اليابانية، إلا أنها ما لبثت أن تطورت إلى أن أفضت إلى إنشاء المركز الأكاديمي الياباني، الذي يقدم حاليا أربعة مستويات من تعليم اللغة «بفضل تعاون وثيق بيني وبين اوكودا»، على حد قول كرم.

ويشير كرم إلى أن المركز الأكاديمي جاهز دائما لتقديم الدعم للطلاب الراغبين في تحصيل العلوم العليا في اليابان، بينما يعتبر رئيس الجامعة اليسوعية البروفسور رينيه شاموسي المركز «يندرج في إطار حرصنا على انفتاح الجامعة على مختلف الثقافات، وعلى ثقافة آسيا القصوى كما على الثقافات الأخرى. وتمنينا على وجه الخصوص منذ عام 2004 أن يتم إرساء علاقات بين اليابان وجامعتنا».

وفي هذا الإطار، «تم توقيع اتفاقات مع جامعة صوفيا وجامعة كيو اللتين وفرتا أبرز أساتذتها لرسم خطتنا لاكتشاف اليابان ثقافيا، صحيح أن لبنان واليابان لا يشبه أحدهما الآخر، لكنهما يتمتعان بثقافة لأن هذين البلدين يضمان شعبين محملين بتساؤلات حول الإنسان والحياة والمجتمع، ولا يسعنا أن نستخف بذلك عسى أن يسمح المركز الأكاديمي بتحقيق هذه الانفتاحات والتبادلات».

ويقول أحد الطلاب الذي يتابع دروس «النيهونغو» أي اللغة اليابانية: «أنا أكملت دروسي الثانوية التقليدية في لبنان، ومع افتتاح المركز الأكاديمي الياباني أحسست بميل شديد إلى اكتشاف هذه اللغة، وبالتالي إلى اكتشاف ثقافة هذا الشعب المقدام والمميز».

ويقول آخر: «كنت كلما وقعت على حروف يابانية أقف حائرا أمام تعقيداتها، ولكن عندما اكتشفت الشودو، أي الأحرف اليابانية، وجدت أنها إرث ألفي ونظام كتابة فريد ويدخل في إطار الفنون. وتعرفنا عند بدء الدروس على الفنانة اليابانية ناكامورا التي أطلعتنا على طريقتها بكتابة أسماء كل من يرغب على ورقة الأرز. وبالريشة والحبر الأسود (النباتي أو الحيواني المصدر)».

وتقول إحدى الطالبات: «عندما دخلت عالم الثقافة اليابانية، كنت أشعر بالغبطة، وكنت أغتبط أكثر عندما أستوعب اللغة وأتعرف على الكيمونو واليوكاتا (اللباس الياباني التقليدي) والأوبي (حزام الحرير)، والزوري (الصندل الخشبي)».