عيد السعودية: رائحة الشواء عطر الأجواء بعد إراقة الدماء

تحذيرات صحية من شوي اللحم بعد الذبح مباشرة.. ومسببات السرطان تختبئ داخل أدخنة النار

ذبح الأضاحي وسلخها عادة يفضل ممارستها السعوديون في الاستراحات والمزارع (« الشرق الاوسط»)
TT

أنفاس صباح هذا اليوم على موعد في معظم المناطق السعودية مع رائحة شواء اللحم، التي لا تلبث أن تعطر الأجواء الباكرة ليوم العيد الكبير، بعد فراغ المضحين من إراقة دماء أضاحيهم تعبدا وتقربا لله عز وجل في مثل هذه المناسبة السنوية العظيمة.

وجرت العادة في مثل هذا اليوم، عند الكثير من السعوديين، على تخصيص أجزاء من لحوم أضاحيهم بعد ذبحها مباشرة، للتلذذ بطعم اللحم المشوي، بعد أن تبعث رائحة الشواء في أنفسهم ذكريات لازمتهم في الكثير من أصبح أعيادهم، والتي عادة ما تكون ملمومة بأعضاء الأسرة الواحدة، أو الأهل والأصدقاء.

ولكن لم يعلم الكثيرون أن التقليد الذي شهد حضورا قويا كمائدة شبه أساسية بعد ذبح الأضاحي في يوم عيد الأضحى المبارك، يعد غير صحي، لما يسببه من انتقال للبكتيريا، إضافة إلى تسببه في أمراض سرطانية عند عدم شويها بالطريقة الصحيحة.

الأستاذ الدكتور رشود الشقراوي، أستاذ الغذاء والتغذية بجامعة الملك سعود، أكد لـ«الشرق الأوسط» أن شوي لحوم المواشي بعد ذبحها مباشرة، يعد خطأ لا بد من تصحيحه، إذ إن ذلك عامل رئيسي في انتقال البكتيريا لجسم الإنسان، مشيرا إلى أن لحوم المواشي المذبوحة للتو، لا بد أن تمر بمرحلة انتقالية يتم فيها تبريدها ما لا يقل عن نصف ساعة، تحت درجة حرارة بين 5 و10 درجات، قبل طبخها أو شويها.

وقال الدكتور الشقراوي إن أي عملية ذبح لا بد أن يتبعها مباشرة وضع اللحوم في برادة لتبريدها، وذلك لتقليل عملية التيبس في اللحم، حيث إن عضلات الحيوان تبدأ بعد عملية الذبح في الانقباض، وهذه العملية تستمر إلى أن تنتهي الطاقة المختزنة في العضلة، ثم بعد ذلك قد تتعرض اللحوم للتيبس وهو ما يساعد على بقاء البكتيريا داخلها، وانتقالها بسهولها لجسم الإنسان.

وزاد «لذلك فإن أفضل طريقة هي وضع الذبيحة كاملة في البراد لمدة لا تقل عن نصف ساعة، بعد ذلك يمكن تقطيعها، وقد تستهلك بعد ذلك أو تخزن بالتجميد، إذ إن هذه الطريقة تحد من نمو البكتيريا وتكاثرها، وتجعل اللحوم طرية وسهلة في عملية الطبخ».

وشدد أستاذ الغذاء والتغذية على أهمية نقل اللحوم، خصوصا هذه الأيام، من خلال وضعها في برادات، حتى تمنع تكاثر ونمو البكتيريا.

وأوضح الدكتور الشقراوي لـ«الشرق الأوسط» أن من الأخطاء الفادحة التي يقع فيها هواة الشواء خصوصا هذه الأيام، وضع اللحوم مباشرة على النار لشوائها، وهو اعتبره أمرا خطيرا يتسبب في الأمراض السرطانية، حيث إن ذلك يسمح بنزول الدهون على النار مباشرة، ما يساعدها في تكون مركبات حلقية ترجع على شكل أدخنة لتدخل في اللحوم مرة أخرى، مما يتسبب بطريقة يجهلها البعض في حدوث أمراض سرطانية.

وبحسب الدكتور رشود فإن أفضل طريقة لشواء اللحم هي وضع مسافة من 15 إلى 20 سم بين اللحوم المراد شواؤها ومصدر الحرارة، سواء من جمر أو غيره، مؤكدا على أهمية أن تكون نار الشواء لا تبعث دخانا، بحيث تصل لمرحلة التجمير، حيث إن دخان النار من شأنه إحداث تأثيرات سلبية أيضا.

وضع قصدير بين مصدر الحرارة وللحم أمر اعتبره الدكتور الشرقاوي في غاية الأهمية، حيث إنه يحول دون دخول أي دخان إلى داخل اللحم، بجانب نظافة أدوات الشواء من أسياخ ومشابك، والتأكد من نضج اللحم لتفادي أنواع مسببات الأمراض.

وكثرة أكل اللحوم الحمراء خاصة تعد إجهادا كبيرا للجهاز الهضمي، بجانب تأثيره المباشر على ارتفاع الكولسترول، والذي يعد ناتجا عن الدهون الموجودة في اللحم الأحمر، إضافة إلى أن استهلاك اللحوم بشكل كبير سوف يكون له تأثير مباشر على بعض أجهزة الجسم وأعضائه مثل الكبد والكلى، حيث إن استهلاك اللحوم تنتج منه مواد غير مرغوبة في الجسم ولا بد من التخلص منها عن طريق الكبد والكلى، وزيادة عمل الكلى والكبد سوف تؤدي إلى إجهادهما.

ويرتبط استهلاك اللحوم بشكل كبير بزيادة الإصابة بأمراض ترسب حمض «اليوريك» في المفاصل، مما يؤثر على الإصابة بمرض «النقرس»، بالإضافة لزيادة الوزن.

ودعا الدكتور الشرقاوي إلى استخدام مصادر بديلة للبروتينات خلال هذه الأيام والأيام المقبلة أيضا، وذلك من خلال التنويع في الأكل، والاستفادة من المؤكلات النباتية واللحوم البيضاء والأسماك، مشيرا إلى أن ذلك يعد بديلا اقتصاديا مهما للأسرة في ظل غلاء أسعار اللحوم الحمراء.

وطالب أستاذ الغذاء والتغذية بجامعة الملك سعود، خلال حديثه مع «الشرق الأوسط»، بشأن الحرب على السعرات الحرارية، خصوصا هذه الأيام، والإقلال من الجلوس والنوم، وكذلك ممارسة الرياضة بأنواعها المختلفة التي من أهمها الجري، لتفادي أي مضاعفات يمكن أن يتسبب فيها الإكثار من تناول اللحوم هذه الأيام.