المشاريع وانحسار التوتر أساسيان لدفع إنتاج النفط بأفريقيا قدما

توقعات بزيادة التنمية في أفقر دول القارة السمراء

TT

سيزيد إنتاج أفريقيا من النفط زيادة كبيرة في الأعوام القادمة إذا أقيمت مشاريع جديدة كما هو متوقع، واستمر انحسار حدة التوتر في نيجيريا، وهي من كبار منتجي النفط على مستوى العالم.

وتعزز التوقعات مكانة القارة الجيدة بالفعل في السوق العالمية، وتغري باحتمال زيادة التنمية في بعض من أفقر دول العالم، كما تمهد الساحة أمام تفاقم السباق للسيطرة على الاحتياطيات الأفريقية.

ويقول توماس بيرمين المحلل بمؤسسة «اي اتش اس غلوبال انسايتس» في لندن: «على المدى المتوسط والطويل سنشهد زيادة كبيرة في أهمية النفط الأفريقي». وأضاف: «الاكتشافات الكبيرة مؤخرا سببت قدرا كبيرا من الإثارة، ونحن نرى بالفعل شركات نفط عالمية ومحلية بما في ذلك شركات صينية تتنافس للسيطرة على نفط أفريقيا».

وأظهر استطلاع أجرته «رويترز» لآراء محللين وتقارير شركات وبيانات حكومية أن من المتوقع أن يرتفع إنتاج النفط في أنحاء القارة بنسبة ستة في المائة بحلول عام 2011، وأن معظم الزيادة ستأتي من نيجيريا، أكبر منتج في أفريقيا جنوب الصحراء، حيث يتوقع أن تقلل هدنة مع المتمردين من الهجمات على البنية التحتية.

وقال جون ماركس مدير مؤسسة «أفريكا إنرجي» للاستشارات في لندن: «إذا حدثت المفاجأة المرجوة في نيجيريا فسنشهد زيادة سريعة».

وكانت الهجمات على صناعة النفط في دلتا نهر النيجر المضطربة بنيجيريا، حيث يشتكي المتمردون من التوزيع غير المتكافئ للثروة النفطية تتسبب بشكل مستمر في توقف 700 ألف برميل يوميا من الإنتاج النفطي قبل أن تعرض الحكومة في أكتوبر (تشرين الأول) العفو عن المقاتلين الذين يلقون السلاح.

كما يتطلع محللون إلى مشاريع طموحة في أنغولا يمكن أن تضيف ما بين نصف مليون ومليون برميل إلى إنتاج البلاد الذي يبلغ حاليا 1.8 مليون برميل يوميا على مدار الأعوام الخمسة القادمة.

وتزيد الاكتشافات التي تصدرت عناوين الصحف وتمت هذا العام في غانا وسيراليون وأوغندا من احتمال تحقيق زيادة أخرى على مستوى القارة حتى عام 2015، قد ترفع حصة أفريقيا في السوق العالمية من النسبة الحالية البالغة 12 في المائة إلى 15 في المائة.

ويقول جون جازفينيان مؤلف كتاب «التدافع على النفط الأفريقي»: «هذا مهم بالنسبة إلى الولايات المتحدة التي تحاول تنويع مصادرها للنفط، ومهم بالنسبة إلى الصين التي تستعد للمنافسة بقوة أكبر مع بعض اللاعبين التقليديين في السوق».

واستقطبت الاكتشافات الجديدة بالقارة السوداء اهتمام أكبر شركات خاصة وحكومية للطاقة في العالم، مما يعكس شعورا بأن جزءا كبيرا من مستقبل الطاقة العالمي يقبع تحت تراب وماء أفريقيا.

ومن بين أكبر الاكتشافات حقل «جوبيلي» قبالة ساحل غانا والذي سبب معركة بين عمالقة النفط من «اكسون موبيل» إلى «سي إن أو أو سي» الصينية للفوز بحصة طرحتها «كوزموس»، وهي شركة خاصة، في مزاد. وذكر محللون أن من المقرر بدء الإنتاج من حقل «جوبيلي» الذي يقدر أن به مليار برميل من النفط الخام في نهاية عام 2010، وقالوا إن من المرجح أن يكون الإنتاج 120 ألف برميل يوميا في أول ستة إلى 12 شهرا.

من ناحية أخرى استغلت شركتا «اناداركو» و«تالو» للتنقيب الاحتياطيات المحتملة الهائلة غربا في خليج غينيا قبالة سيراليون وليبيريا، التي يقول محللون إنها يمكن أن تفتح جبهة جديدة للإنتاج.

في شرق أفريقيا وجدت الصناعة احتياطيات كبيرة أسفل الجانب الأوغندي من بحيرة ألبرت، وتأمل الحكومة أن يبدأ إنتاج النفط بكميات تجارية منها في عام 2010 أو 2011، غير أن الإنتاج سيكون محدودا إلى أن يتم مد خط للأنابيب أو إقامة بنية تحتية للتكرير.

وبشراء حصة قيمتها 1.5 مليار دولار في «هيريتيغ أويل» أصبحت لشركة «ايني» الإيطالية العملاقة حصة في الكشف الأوغندي، بينما أفادت أنباء بأن الصين تخوض محادثات مع الحكومة لإبرام صفقة لإنشاء مصفاة تكرير.

وتضيف دول أخرى كثيرة مخضرمة في إنتاج النفط في أفريقيا منها الغابون وغينيا الاستوائية حقولا جديدة بسرعة أبطأ، وما زالت تحاول تجنب تراجع الإنتاج بمعدلات كبيرة.

وأثار احتمال تدفق أموال إضافية من عائدات النفط في أفريقيا الآمال بزيادة التنمية في بعض أفقر دول العالم التي هي بحاجة ماسة إلى العائدات لتمويل البنية التحتية والتعليم، لكنه في الوقت نفسه أثار مخاوف من وقوع المزيد من الاضطرابات السياسية إذا لم يتم توزيع الثروة.

وقال جازفينيان: «المأساة الكبرى في هذا الأمر هو مدى ضآلة المساعدة التي وفرها النفط لشعوب أفريقيا حتى الآن».