جسر الجمرات يدخل الخدمة بكل طاقته ويستوعب 300 ألف حاج في الساعة

تم تنفيذه بتكلفة 6 مليارات ريال وصمم ليتحمل 12 طابقا و5 ملايين حاج في المستقبل * أساسات المشروع صممت لتكون قادرة على تحمل 12 طابقا وخمسة ملايين حاج في المستقبل

الحجاج على صعيد عرفات أمس ودعوات متعددة لرب واحد (تصوير: عدنان مهدلي)
TT

تحولت منشأة الجمرات بعد الانتهاء منها هذا العام إلى مدينة عمرانية متفردة في تصميمها العمراني والهندسي بتكلفة بلغت نحو 6 مليارات ريال سعودية، لتكون بالانتهاء من تجهيزها، المنشأة العمرانية الوحيدة على مستوى العالم التي ليس لها أي عوائد اقتصادية.

ويأتي ذلك وسط تأكيدات لمصادر أمنية سعودية بأن تشغيل مشروع منشأة الجمرات بكامل طاقته في حج هذا العام سيسهم في خفض درجات المخاطر بمنطقة الجمرات إلى الحد الأدنى وتجنب جميع المشكلات الناجمة عن الزحام الشديد، وسيرفع الطاقة الاستيعابية إلى 300 ألف حاج في الساعة.

وكانت منطقة الجمرات شهدت على مدار أكثر من عام مضى حالات تدافع شديدة نتيجة الزحام الذي دفع بالحكومة السعودية إلى البدء بالعمل على تنفيذ مشروع عملاق على مدار سنوات أربع ماضية كانت نتيجته الخروج بحج نظيف في منطقة الجمرات خال من حوادث الدهس والتدافع والوفيات في منطقة الجمرات.

والجمرات قصة طويلة لا تختزل في سطور، ففيما كان فوج من حجاج بيت الله الحرام «من غير المتعجلين: يغادر منى قبل مغرب يوم الثالث عشر من ذي الحجة عام 1427هـ (2006م)، كانت آليات ضخمة وعملاقة تدخل إلى منى وبالتحديد إلى منطقة الجمرات، لتدك الجسر القديم للجمرات الذي أنشئ في عام 1975م، ولتبدأ عمليات إنشاء جسر جديد يتكون من خمسة طوابق، تنفيذا لأمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، لينطلق مشروع عملاق يهدف إلى تسهيل أداء مناسك الحج لضيوف الرحمن في جو مفعم بالأمن والإيمان، ويمنحهم مزيدا من الأمن والطمأنينة ويحفظ سلامتهم، بعد أن كانت حوادث مؤسفة جراء التدافع بين الحجاج تؤدي إلى مصرع المئات من الحجاج في فترات متعاقبة، ولهذا كان لابد للحكومة السعودية التحرك والحد من الازدحام والتكتل والافتراش، حيث وجه الملك عبد الله عندما كان وليا للعهد في 2003 بإنشاء هيئة عليا لتطوير مكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة، يكون في مقدمة أولوياتها موضوع جسر الجمرات وإيجاد البدائل المناسبة تحد وتمنع وقوع الحوادث المتكررة على جسر الجمرات التي يتعرض لها الحجاج أثناء رمي الجمرات في كل عام.

وقد شرعت الهيئة والجهات المعنية بشؤون الحج ومراكز البحث العلمي بوضع الدراسات اللازمة لإنشاء جسر بديل لجسر الجمرات القديم، وإنشاء جسر جديد يتكون من عدة طوابق تتوفر بها جميع الخدمات المساندة لراحة ضيوف الرحمن بما في ذلك نفق أرضي لنقل الحجاج بحيث يفصل حركة المركبات عن المشاة، فيما كان للدراسات الأكاديمية حول الحشود التي وضعتها عدة هيئات ومن ضمنها معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج الدور الأكبر في وضع هذا المشروع الفريد على أرض الواقع. ويعد مشروع تطوير منطقة الجمرات في مشعر منى الذي أقيم بتكلفة 4.2 مليار ريال نقلة حضارية، وزيد عليه مشاريع أخرى لاحقا، وأقل ما يقال عنه إنه درة المشاريع التطويرية التي نفذتها الحكومة السعودية في المشاعر المقدسة، والذي روعي في إنشائه نمط جديد من الهندسة النوعية التي توفر أهدافا أساسية لانسيابية حركة الحجاج ضمن ظروف آمنة ومريحة تحقق لهم السلامة والراحة خلال أدائهم هذا النسك، إضافة إلى خفض كثافة الحجاج عند مداخل الجسر وذلك بتعدد المداخل وتباعدها مما يسهم في تفتيت الكتل البشرية عند المداخل وتسهيل وصول الحجاج إلى الجمرات من الجهة التي قدموا منها وتوفير وسائل السلامة والخدمات المساندة أثناء تأدية ضيوف الرحمن لنسك رمي جمرة العقبة يوم العيد ورمي الجمار أيام التشريق.

ويتيح الجسر الرمي على خمسة مستويات، المستوى الأول من الجسر للحجاج القادمين من جهة منى ويتم الدخول إليه بواسطة منحدرين الأول لاستعمال الحجاج القادمين من شمال منى شارعي سوق العرب والجوهرة والثاني لاستعمال الحجاج القادمين من جنوب منى شارع المشاة الجنوبي وشارع الملك فيصل ويتم الخروج منه عبر ثلاثة منحدرات الأول والثاني باتجاه منى، والثالث باتجاه مكة المكرمة، ويتم الدخول للمستوى الثاني للجسر إليه من جهة مكة المكرمة بواسطة منحدرين الأول من الجهة الشمالية للحجاج القادمين من غرب الجمرات ومن محطات الحافلات المقترحة على شارع سوق العرب وشارع الجوهرة، والثاني للحجاج القادمين من الجهة الجنوبية القادمين من شارع صدقي وطريق المشاة ومن محطة الحافلات على شارع الملك فيصل ويتم الخروج منه بواسطة منحدر باتجاه مكة المكرمة مع إمكانية الخروج إلى منى بواسطة السلالم المتحركة أو السلالم العادية، أما المستوى الثالث للجسر فهو مخصص لاستعمال الحجاج القادمين من وسط منى ومن شارع الملك فهد ومن مشروع الإسكان على سفوح الجبال ويتم الوصول إليه والخروج منه بواسطة سلالم متحركة أو سلالم عادية كما يتم الوصول إليه أيضا عن طريق منحدر من سفوح الجبال خلف مشروع الإسكان ومنحدر من مجر الكبش خلف مصطبة الخيام فيه.

بينما تم تخصيص المستوى الرابع للجسر للحجاج القادمين من الجهة العليا بشارع الملك عبد العزيز «ربوة الحضارم» ويتم الدخول إليه والخروج منه بواسطة ممرات على المنسوب العالي متصلة مباشرة مع الساحة والمرافق القائمة على شارع الملك عبد العزيز، والمرحلة الثالثة وتشتمل على مستوى ثان للحجاج القادمين من جهة مكة المكرمة ومستوى ثالث للحجاج القادمين من جهة منى وشارع الملك فهد، فيما تشمل المرحلة الرابعة على مستوى رابع للحجاج القادمين من الجهة المرتفعة من شارع الملك عبد العزيز. ويبلغ طول الجسر 950 مترا وعرضه 80 مترا وصمم على أن تكون أساسات المشروع قادرة على تحمل 12 طابقا وخمسة ملايين حاج في المستقبل إذا دعت الحاجة لذلك، ويبلغ ارتفاع الدور الواحد اثني عشر مترا ويشتمل المشروع على ثلاثة أنفاق وأعمال إنشائية مع إمكانية التطوير المستقبلي.

ويوفر المشروع 11 مدخلا للجمرات و12 مخرجا في الاتجاهات الأربعة، إضافة إلى تزويده بمهبط لطائرات مروحية لحالات الطوارئ ونظام تبريد متطور يعمل بنظام التكييف الصحراوي يضخ نوعا من الرذاذ على الحجاج والمناطق المحيطة بالجمرات مما يسهم في خفض درجة الحرارة إلى نحو 29 درجة، وأنفاق أرضية.

ورافق مشروع تطوير جسر الجمرات تنفيذ مشاريع جديدة في منطقة الجمرات شملت إعادة تنظيم المنطقة وتسهيل عملية الدخول إلى الجسر عبر توزيعها على 6 اتجاهات منها 3 من الناحية الجنوبية و3 من الناحية الشمالية وتنظيم الساحات المحيطة بجسر الجمرات لتفادي التجمعات بها والسيطرة على ظاهرة الافتراش حول الجسر إلى جانب مسارات الحجاج، وسيساعد المشروع على تنظيم وتخصيص الأماكن المناسبة للخدمات مثل الأغذية وأماكن الحلاقة ودورات المياه والخدمات الطبية والإسعافية وقوات الدفاع المدني والأمن العام. ولتحقيق أعلى درجات الأمن والسلامة زود المشروع بآلات تصوير تقنية مطورة موزعة في عدة أماكن ومتصلة بغرفة العمليات التي تشرف على الجسر والساحة المحيطة به لمراقبة الوضع بصورة عامة واتخاذ الإجراءات المناسبة وقت وقوع أي طارئ.

وروعي في تنفيذ المشروع الضوابط الشرعية في الحج وازدياد عدد الحجاج المستمر وتوزيع الكتلة البشرية وتفادي تجمع الحجاج عند مدخل واحد وذلك عن طريق تعدد المداخل والمخارج في مناطق ومستويات مختلفة تناسب أماكن قدوم الحجاج إلى الجسر ومنطقة الجمرات حيث يبلغ عددها 11 مدخلا ومثلها من المخارج، كما يحتوى المشروع على أنفاق لحركة المركبات تحت الأرض لإعطاء مساحة أكبر للمشاة في منطقة الجسر ومخارج للإخلاء عن طريق 6 أبراج للطوارئ مرتبطة بالدور الأرضي والأنفاق ومهابط الطائرات.

وقد أسهم تصميم أحواض الجمرات والشواخص بطول (40) مترا بالشكل البيضاوي في تحسن الانسيابية وزيادة الطاقة الاستيعابية للجسر، مما ساعد في الحد من أحداث التدافع والازدحام بين الحجاج أثناء أداء شعيرة رمي الجمرات، ووفقاً للمواصفات فإن أساسات المشروع قادرة على تحمل اثني عشر طابقا وخمسة ملايين حاج في المستقبل إذا دعت الحاجة لذلك ويرتفع الدور الواحد اثني عشر مترا.

وتم إعداد جداول للتفويج في منطقة جسر الجمرات على أساس تفويج 100 ألف حاج في الساعة في الدور الأرضي للجسر و80 ألف حاج في الساعة في الدور الأول و60 ألف حاج في الساعة في الدور الثاني و60 ألف حاج في الساعة في الدور الثالث، كما تم في موسم حج العام الماضي توفير عربات كهربائية لنقل الحجاج من كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة على منحدرات الدور الثاني لمنشأة الجمرات إلى الجمرة الصغرى.

كما تم تخصيص ثلاثة مسارات لنقل الحجاج من المعيصم والعزيزية ودقم الوبر إلى الساحة الغربية للجمرات بحيث يبدأ الخط الترددي الأول من منطقة الشعبين والمعيصم «مواقف حجاج البر» إلى محطة الحافلات الشمالية الغربية بساحة الجمرات لخدمة المنحدر الشمالي من الدور الثاني لجسر الجمرات وبالعكس.

كما يشتمل المشروع على نظام تبريد متطور يعمل بنظام التكييف الصحراوي يضخ نوعاً من الرذاذ على الحجاج والمناطق المحيطة بالجمرات مما يؤدي لخفض درجة الحرارة إلى نحو 29 درجة وأنفاقاً أرضية لفصل سيارات الخدمات عن حركة المشاة أعدت بناء على دراسات ميدانية وهندسية، وطال مشروع تطوير جسر الجمرات تنفيذ مشاريع جديدة في منطقة الجمرات شملت إعادة تنظيم المنطقة وتسهيل عملية الدخول إلى الجسر عبر توزيعها على 6 اتجاهات، 3 من الناحية الجنوبية ومثلها من الناحية الشمالية اقتضت إزالة عدد من الخيام وإيجاد مصطبتين لاستيعاب الخيام التي تمت إزالتها.

كما تم تنظيم الساحات المحيطة بجسر الجمرات لتفادي التجمعات بها والسيطرة على ظاهرة الافتراش حول الجسر إلى جانب مسارات الحجاج حتى لا يحدث تقاطع بين حركة الذاهبين للمسجد الحرام والعائدين منه فيما سيساعد المشروع على تنظيم وتخصيص الأماكن المناسبة للخدمات مثل الأغذية وأماكن الحلاقة ودورات المياه والخدمات الطبية والإسعافية وقوات الدفاع المدني والأمن العام.

ولتحقيق أعلى درجات الأمن والسلامة زود المشروع بآلات تصوير تقنية مطورة موزعة في عدة أماكن ومتصلة بغرفة العمليات التي تشرف على الجسر والساحة المحيطة به لمراقبة الوضع بصورة عامة واتخاذ الإجراءات المناسبة وقت وقوع أي طارئ في حين اكتسب الجانب التوعوي مكانة في المشروع عبر إعلام الحجاج وتوجيههم بواسطة شاشات التلفاز المتوفرة في محيط الجسر وداخل مخيمات سكن الحجاج بالنصائح والتعليمات التي تجنبهم الحوادث.

تجدر الإشارة إلى أن جسر الجمرات شهد أعمالا تطويرية منذ إنشائه في عام 1975م بعرض 40 متراً وبمطلعين من الجهة الشرقية والغربية ومنحدرين بجوار جمرة العقبة من الدور العلوي من الجهة الشمالية والجنوبية وذلك لنزول الحجاج.

وتواصل الاهتمام بتطوير الجسر ليشهد في عام 1399هـ تنفيذ منحدرات من الخرسانة المسلحة عبارة عن «مطالع ومنازل» إلى المستوى الثاني من الجمرات على جانبي الجسر مقابل الجمرة الصغرى. ونظرا لارتفاع عدد حجاج بيت الله الحرام تمت توسعة الجسر في عام 1985 ليتم زيادة عرضه إلى 20 متراً وبطول 120 متراً من الجهة الشمالية الموالية للجمرة الصغرى.

وفي عام 1990 شهد الجسر توسعة أخرى شملت زيادة عرض الجسر إلى 80 مترا وبطول 520 مترا وتوسيع منحدر الصعود إلى 40 مترا بطول 300 متر وإنشاء خمسة أبراج للخدمات على جانبي الجسر وتنفيذ اللوحات الإرشادية والإنارة والتهوية وبلغت مساحته الإجمالية 57600 متر مربع، وأعمال إنارة وتهوية عام 1991، كذلك أجريت بعض التعديلات للجسر على مراحل مختلفة بشكل بسيط في الفترة من 1994 وحتى عام 2003، تم خلالها تعديل أحواض الجمرات من الشكل الدائري إلى الشكل البيضاوي وشواخص الجمرات من الشكل العمودي إلى الشكل الجداري للجمرات الثلاث وتوسعة جمرة العقبة «الجمرة الكبرى» إضافة إلى إيجاد مخارج للطوارئ على الجسر.

ودخل جسر الجمرات مرحلة جديدة من التنظيم والتطوير إذ أجريت في عام 1995 عملية تعديل على مراحل مختلفة وبشكل جمع بين منظر الجسر وتمثيل حركة الحجاج عليه.

كما أدخلت تعديلات عديدة على جسر الجمرات عام 2005 ـ قبل إزالته بعام واحد ـ شملت بنية الجسر وتعديل شكل الأحواض من الشكل الدائري إلى البيضاوي وتعديل الشواخص وتعديلات على مخارج طوارئ جديدة عند جمرة العقبة وتركيب لوحات إرشادية تشتمل على معلومات لتوعية الحجاج وتحذيرهم في حالة التزاحم وتم ربط الشاشات واللوحات الإرشادية بمخيمات الحجاج مباشرة.

يقول الدكتور إحسان أبو حليقة، عضو مجلس الشورى السعودي ورئيس اللجنة الاقتصادية فيه، إن السعودية قيادةً وحكومةً وشعباً تتشرف بأن وقع على كاهلها خدمة الحرمين الشريفين، وهو أسمى من أن يقاس بأي معيار دنيوي، باعتبار أن الحج شعيرة، وخدمة عظيمة للإسلام وعبادة واجبة على كل مسلم، مضيفاً أن هذا الأمر في معتقدنا في غاية الأهمية، ولا يمكن أن يقاس أو ينزل بأي مقارنة دنيوية بما في ذلك الجانب الاقتصادي.

وأبان أن أكثر ثروة تمتلكها السعودية هو شرف خدمة الحاج من قدومه وحتى مغادرته، وأمام تلك الثروة العظيمة تضيع كل الثروات في الدنيا، بما فيها ما يحتويه باطن الأرض من ثرواتٍ كالنفط التي هي مليارات الدولارات، ومع ذلك لا مجال للمقارنة بين الثروتين مطلقاً، وهذا الإنفاق السخي هو من باب الاستشعار العميق بالواجب والمسؤولية وهذا أمر سارت عليه السعودية منذ تأسيسها، وعمقت منهجها فيه باعتبار أنه من الواجب تأدية هذه الشعيرة الإلهية من قبل الحجاج في مكة باعتبارهم أهم وأعز ضيوف يحلون على البلاد.

وأضاف رئيس اللجنة الاقتصادية في مجلس الشورى، أن السعودية بإنفاقها السخي على مشروع الجمرات، ومشاريع أخرى دأبت عليها الحكومة السعودية، من غير منة وتقرباً من الخالق سبحانه، وهو مكسب عظيم لا تضاهيه فرحة ولا شرف، مؤكداً في ذات السياق أن الحديث عن العوائد الاقتصادية أمرٌ غير واردٍ مطلقاً، وزاد «في المعايير الاقتصادية إما أن تجد منفعة أو تقلص الخسائر، بيد أن هذا الشيء لا يمكن تطبيقه على مشاريع الحرمين الشريفين نظير الشرف المقدس والذي أنيط بهذه البلاد».

وذكر أبو حليقة أنه بإنجاز تلك المشاريع الضخمة وعلى رأسها مشروع الجمرات سيحسب لهذه البلاد أنها تقربت بتلك الإنجازات إلى الله سبحانه، وتمكنت الدولة السعودية بتلك الإنجازات من التوسيع على الحجاج وتمكين أكبر عددٍ منهم القدوم لتأدية المناسك والشعائر المقدسة، والقضية برمتها لا تتوقف عند مشاريع الإنفاق، ولا الستة مليارات التي أنفقت على منشأة الجمرات، بل يتعدى الأمر لأبعد من ذلك، وهناك تطلعات طموحة على مدى العشرين عاما القادمة، لإيجاد خدمات جبارة ومهولة، يكمن السبب في ذلك نحو استشعار عميق بأن هذا المكان له حرمة وخصوصية لا يباريها أي مكان آخر، وهو شرف تتضاءل أمامه أي نفقة، والسعوديون جميعاً يستشرفون مكانة هذه الشعيرة العظيمة.

من جهته أوضح الدكتور حبيب زين العابدين، انه فيما يخص منشأة الجمرات فإن أعمال هذه المرحلة هو الانتهاء من المستوى الخامس وهو مخصص لاستعمال الحجاج القادمين من جهة الجنوب عبر ممر للدخول وآخر للخروج بجانب مقر الإمارة بالمشعر ويخدم الحجاج القادمين من ريع صدقي عبر سلالم متحركة وعادية للوصول إلى المستوى الخامس مباشرة من دون الحاجة للعبور عبر الساحة الغربية للجمرات إضافة إلى الحجاج القادمين من طريق الملك عبد العزيز والعزيزية، وقد تم إكمال أعمال مباني السلالم المتحركة ومباني الخدمات.

وأبان وكيل وزارة الشؤون البلدية والقروية، أن الطاقة الاستيعابية للمنشأة في مرحلتها الحالية تكفي لخدمة 3 ـ 4 ملايين حاج بمنتهى السهولة واليسر، وهناك بعض الأعمال التكميلية في العام المقبل مثل تغطية الدور الأخير بقماش مثل قماش الخيام المطورة واستكمال مهبطي الطائرات العمودية والتشطيبات لهذه المنشأة الحديثة، الطاقة الاستيعابية لمنشأة الجمرات الحديثة بطوابقها المتعددة كبيرة ولكن مراعاةً للطاقة الاستيعابية لشوارع منى والحرم فقد تم الاتفاق في ورش العمل على أن تكون الطاقة الاستيعابية للدور الأرضي 100 ألف حاج/الساعة والطابق الأول 80 ألفا/الساعة والطابق الثالث والرابع لكل منهما 50 ألفا/الساعة والمستوى الخامس 20 ألفا/الساعة، وهذه الأعداد ستتغير عندما يعمل الخط الجنوبي لقطار المشاعر بشكل كبير. من جانبه أكد الدكتور عبد الله المغلوث، الخبير الاقتصادي، أن منشأة الجمرات بدأت كفكرة إلى تصاميم إلى منشأة عمرانية متفردة، أتى بإشراف مباشر من الحكومة السعودية، وهو جزء من مشاريع قادمة دأبت عليها هيئة تطوير مكة، بما يخدم الحجاج والمعتمرين من جميع أنحاء العالم بحكم أن السعودية بوابة للإسلام في كل مكان وزمان، مشيراً إلى أن ما تقدمة الدولة من مشاريع إنفاق سخية وجبارة وكبيرة من ميزانية هذه الدولة، ما هي إلا وفاءً للإسلام والحجاج والمعتمرين.

وأضاف أن الواجب الذي أنيط بهذه البلاد هو ما شجعها نحو تقديم المزيد من المشاريع الجبارة، والتي ترتقي نحو العالم الأول بمفهومٍ عصري، وهذا واجب على الحكومة لتنفيذ هذه المشاريع، ومشاريع الحرمين هي المشاريع الوحيدة على مستوى الدول التي لا تدر عوائد اقتصادية، إيمانا منها أن الواجب الإسلامي نحو جميع المسلمين على وجه الأرض، مؤكداً أن امتداد تلك المشاريع العملاقة هو لطمأنة المسلمين على وجه الأرض بأنه محط أنظار القيادة السعودية والتي تسعى لراحتهم والوقوف على احتياجاتهم.

وبالحديث عن الجمرات والحوادث التي شهدتها في سنوات مضت قبل إقامة هذا المشروع، تؤكد أمس المديرية العامة للدفاع المدني في بيان رسمي ثقتها بأن تشغيل مشروع منشأة الجمرات بكامل طاقته في حج هذا العام سيسهم بمشيئة الله في خفض درجات المخاطر بمنطقة الجمرات إلى الحد الأدنى وتجنب جميع المشكلات الناجمة عن الزحام الشديد أثناء أداء هذا النسك.

وأجمع عدد من قيادات وحدات الدفاع المدني في الحج على أن الإمكانات الهائلة للجسر الجديد بطوابقه الخمسة التي تستوعب أكثر من 300 ألف حاج كل ساعة تتيح لكل الحجاج رمي الجمرات في المواعيد المحددة بكل يسر وسهولة لا سيما في ظل تكامل مرافق الجسر التي تضم عدة مراكز للإخلاء الطبي للذين يعانون من الإجهاد أو أي مشكلات صحية مفاجئة، ومهابط للطائرات لسرعة التدخل عند وقوع أي مشكلات طارئة لا سمح الله.

وأوضح العميد زهير أحمد سيبيه قائد قوة الدفاع المدني بمنشأة الجمرات «أن المخاطر المحتملة في مشروع منشأة الجمرات قليلة للغاية مقارنة بما كان عليه الوضع في السنوات السابقة قبل تشغيل المشروع بكامل طاقته، وتوزيع الكتل البشرية على الطوابق الخمسة للجسر، وزيادة قدرات الوحدات المعنية بأمن وسلامة الحجاج على تنظيم عملية دخول الحجيج إلى منطقة الجمرات والخروج منها، ومتابعة الالتزام بالتعليمات التي تمنع الافتراش والتدافع والزحام وتنفيذ عمليات نقل المرضى الذين يتعرضون للإعياء أو الإغماء إلى المراكز الطبية المنتشرة في عدة مواقع على الجسر لتقديم الإسعافات الأولية ونقل من تستدعي حالته إلى المراكز الصحية والمستشفيات التابعة لوزارة الصحة».

وبين «أن تشغيل الجسر بكامل طاقته يدعم قدرات فرق وحدات الدفاع المدني على تنفيذ خطة الانتشار السريع ورصد كل الأخطار المحتملة مثل التلوث أو الانبعاثات الغازية، وتنسيق الجهود في عمليات الإخلاء والإنقاذ والإسعاف.

وأشار قائد قوة الدفاع المدني في منطقة الجمرات إلى وجود ما يقرب من 1300 فرد من منسوبي الدفاع المدني من قوة الجسر وقوة الطوارئ والإسناد مجهزين بكل الإمكانات والمعدات للتعامل مع أي حالات أو حوادث طارئة بالإضافة إلى متابعة حركة الحجيج عبر كاميرات تلفزيونية تغطي جميع مداخل الجسر ومخارجه، وتتيح فرصة التحديد الدقيق للمواقع التي تحتاج إلى تدخل سريع سواء للتعامل مع الزحام أو الإصابات أو غيرها من المشكلات التي قد تحدث».