المطر يجبر الحجاج المفترشين على مغادرة المشاعر المقدسة

مشكلة استمرت سنوات.. حلها الطقس في دقائق

TT

ما لم تستطع الجهات الحكومية فعله في قضية المفترشين من الحجاج على مدار عقود ماضية في الحج، فعله الله في دقائق معدودة بـ«المطر».

فالمفترشون في المشاعر المقدسة كانوا وما زالوا القضية التي يعترف كبار المسؤولين السعوديين بأنها مشكلة كبيرة يعملون بأي شكل على حلها، لكن إرادة الله جعلتها مشكلة لا وجود لها في يوم التروية أول من أمس في منى إذ لم يبق شخص واحد يفترش الأرض مع هطول الأمطار.

وعلى الرغم من أن الأمطار كانت أمرا مخيفا بالنسبة لمقدمي الخدمات من جهات حكومية أو خاصة فإن أحدا لا ينكر أنها سهلت عمل الجهات الرسمية التي أرهقها افتراش الحجاج في منى يوم التروية.

واحتشد الحجاج الذين كانوا يفترشون الطرقات أول من أمس متهافتين نحو الجسور للاحتماء من الأمطار، منتظرين أن يقل وقع المطر لتبدأ عملية التسابق من جديد للحصول على المواقع المميزة للافتراش، الذي يعتبر عملية غير شرعية خلال الحج.

يأتي ذلك في وقت تحاول فيه العناصر الأمنية المنتشرة في أرجاء المشاعر المقدسة الحد من عملية الافتراش داخل منى، تفاديا لحوادث الاختناق والتدافع التي يكون فيها الافتراش المسبب الأول، حتى بات هماً يؤرق الجهات المعنية بتنظيم الحج في السعودية.

محمد بن عقال حاج قدم من الجزائر هو ووالدته، وهي سيدة في العقد السابع، يحتمي ووالدته تحت جسر الملك عبد العزيز وقت هطول المطر، ويغطيها بإحرامه واقيا إياها من الأمطار، إذ ازدحم الجسر بالحجيج ولم يستطيعا الحصول على مكان يحميهم من المطر.

وقال لـ«الشرق الأوسط» بلهجة جزائرية وهو يعلل موقفه «هذه حالية اللبن، ونعطيها عيوني، وأمنيتها الوحيدة منذ سنوات هي الحج». مبينا أن ظروفه الاقتصادية لم تساعده كثيرا للحصول على حملة حج.

بينما اصطف عدد من الشبان حول «كشك» صغير مخصص لحراس أحد المخيمات احتماء من المطر، وعند سؤالهم حول الافتراش في المشاعر أكدوا أنهم ليسوا مفترشين وإنما كانوا في نزهة حول منى عندما داهمهم المطر واضطروا إلى الاحتماء بهذه الكابينة.

وبجوار أحد المخيمات، وحول حاوية تفصل بين مخيمين، يفترش جابر رسول عبد الجبار (50 عاما) وهو مقيم باكستاني قدم للحج من مكة المكرمة بصحبة ابنيه محمد (20 عاما)، ورضوان (13 عاما)، إضافة إلى ثلاثة من أصدقائه.

يقول عبد الجبار: «لم نحرص أنا وأصدقائي على الانتظام مع إحدى حملات الحج، نظرا لارتفاع الأسعار وضرورة الحصول على تصريح».

ويفترش الحاج الباكستاني وأصدقاؤه المكان الذي اعتبروه استراتيجيا نظرا لوقوع دورات مياه بجانبهم إضافة إلى توزيع المياه من قبل بعض الحملات على سبيل الصدقة.

وفي ذات الوقت، شدد المسؤولون عن المخيمات في منى على وضع بطاقات لكل رواد المخيم، تحسبا لدخول بعض المفترشين الذين يتعاطف معهم الحجاج ويسمحون لهم بالمكوث داخل المخيمات، «مما يسبب بعض الارتباك داخل المخيم» بحسب محمد حسن علي وهو منسق في إحدى حملات الحج. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «عادة ما يكتنف المفترشون الخيام ويتوددون إلى الحجاج بغية قضاء أوقات داخل المخيم، إلا أن بعضهم يرتكب مخالفات كالسرقة أو التسبب في إثارة الفوضى، مما حدا بنا للتشديد على وضع البطاقات الخاصة بالحجاج الملتحقين بالحملة».