الحريري في دمشق الأحد المقبل.. وجنبلاط ينتظر.. وقيادات لبنانية تقرأ مرحلة ما بعد الزيارة

ستكون محطته العربية بعد «حفاوة الرياض»

TT

توقعت مصادر لبنانية متابعة للتحضيرات الجارية لزيارة رئيس الحكومة اللبنانية، سعد الحريري، دمشق، حصولها فور انتهاء فترة الحداد الرسمية على مجد حافظ الأسد، شقيق الرئيس السوري بشار الأسد، وبعد عودة الحريري من مؤتمر كوبنهاغن حول التغيير المناخي، وقالت «الشرق الأوسط» إنه لم تعد هناك عوائق سياسية أمام الزيارة التي تنتظر الترتيبات اللوجيستية بين البلدين. أما رئيس اللقاء الديمقراطي، النائب وليد جنبلاط، فلا يزال ينتظر هذه الزيارة ليقوم بخطوته التالية باتجاه دمشق، مؤكدا لـ«الشرق الأوسط» أنه لا يزال عند موقفه هذا، على الرغم من التطور الأخير ذي البعد الإنساني، مشيرا إلى أنه بعث برقيتي عزاء إلى الرئيس الأسد، وإلى السفارة السورية في بيروت.

وبغض النظر عن «المواعيد» التي وضعت عبر وسائل الإعلام اللبنانية والعربية عن الموعد المقرر لزيارة رئيس الحكومة اللبنانية دمشق، فإن هذه الزيارة ستبقى محور الاهتمام في الأيام المقبلة، ومحور توقعات كبيرة في ما يتعلق بنتائجها قبل حصولها وبعده، إلى حد أنه نقل عن أحد المراجع اللبنانية البارزة قوله إنه يتوقع «أن نحتاج إلى توسيطه لدى السوريين بعد الزيارة»، في إشارة إلى مدى الاستعداد السوري للتعاون مع الحريري في المرحلة المقبلة.

وفيما لا يجد الحريري ما يجيب به عن الأسئلة المتكررة حول موعد زيارته سورية سوى التأكيد بوجه باسم أن «الزيارة ستحصل في موعدها... عندما يحدد»، تبقى «الاستنابات القضائية» السورية التي وجهت إلى القضاء اللبناني لاستجواب عدد من القياديين اللبنانيين، بينهم مستشار الحريري، هاني حمود، الذي يفترض أن يكون في عداد الوفد المرافق للحريري، علامة استفهام كبيرة حول الأداء السوري حيال هذا الموضوع. غير أن الحريري نفسه لا يعلق أبدا على أي أسئلة يوجهها إليه زواره عن موقفه من هذه الاستنابات وتأثيرها على الزيارة، ويتعامل معها وكأنها لم تصدر، مع تأكيده على أنه يقف إلى جانب معاونيه «حتى النهاية». كما أنه لا يعلق على المعلومات التي ترددت عن نية عدد من المعارضين السوريين تقديم شكاو أمام القضاء اللبناني ضد قياديين سوريين، في حالة مشابهة للاستنابات القضائية السورية التي صدرت بناء على دعوى تقدم بها لبناني، هو المدير العام السابق للأمن العام اللبناني، جميل السيد، ضد لبنانيين آخرين، بينهم نائب وقضاة وعدد من الضباط الأمنيين ورجال إعلام.

وتقول مصادر لبنانية متابعة إن الزيارة محتملة الأحد المقبل، على أبعد تقدير، لتكون دمشق محطة الحريري العربية الثانية بعد الرياض التي لاقى فيها رئيس الحكومة استقبالا حافلا ذكر جميع مرافقيه بالاستقبالات التي كانت تجرى لوالده هناك.

وأكد عضو كتلة المستقبل، النائب سمير الجسر، أنه لم يتحدد أي موعد بعد لزيارة رئيس الحكومة سورية، لافتا إلى أن ظروفا خاصة مرت بالرئيس السوري، بشار الأسد، مع وفاة شقيقه. وأعلن الجسر أن لا علم لديه بأن هناك موعدا تم تحديده للزيارة قبل وفاة شقيق الأسد، لكنه أكد أن الزيارة ستحصل. وقال الجسر إن سورية هي جارتنا الوحيدة، ويجب أن تكون علاقتنا معها حسنة، مذكرا بخطاب النائبة بهية الحريري بعد اغتيال شقيقها، الرئيس رفيق الحريري، عندما قالت: «لن نقول وداعا سورية بل سنقول إلى اللقاء». وأشار عضو الكتلة نفسها، النائب عاطف مجدلاني، إلى أن «لا معطيات لديه حول عدم استغلال رئيس الحكومة، سعد الحريري، واجب التعزية في شقيق الرئيس السوري بشار الأسد ليقوم بالزيارة الرسمية إلى دمشق»، مستغربا «هذا الاهتمام بزيارة رئيس حكومة لبنان دولة عربية لم توجه له دعوة رسمية»، مشددا على أن «زيارة الحريري تعود إلى دعوة رسمية تلقاها من الأسد». وأشار إلى أن «الحريري ومنذ طاولة الحوار 2006 وضع جانبا العلاقات اللبنانية ـ السورية وأبعده عن موضوع اغتيال والده رئيس الحكومة الأسبق، رفيق الحريري». وبالنسبة للاستنابات القضائية، أكد مجدلاني أن «لا شرعية لها قضائيا.. بل هي سياسية»، معتبرا أن «توقيتها خطأ كبير»، لافتا إلى أن «لا أحد يقدر أن يمنع الحريري أن يأخذ أي شخص يراه مناسبا».

ونفى النائب عن الجماعة الإسلامية، عماد الحوت، أن تكون هناك شروط من قبل رئيس الحكومة لزيارة سورية، مشيرا إلى أن الزيارة تحتاج إلى المزيد من الوقت والتحضير حتى تأتي مثمرة كما يريد اللبنانيون والسوريون. وأكد الحوت أن الزيارة يجب أن لا تحمل كثيرا. مشيرا إلى أنها انطلاقة ضمن ما أكد عليه البيان الوزاري في ما يتعلق بالعلاقات بين البلدين، لافتا إلى أنها ستفتح المجال أمام تحسين العلاقات.

وأشار النائب ميشال موسى، عضو كتلة رئيس مجلس النواب، نبيه بري، إلى أن «الرئيس بري يعمل على ما يخلق علاقة سوية بين لبنان وسورية»، مؤكدا أن «جو العلاقات اللبنانية السورية نحو التحسن». ولفت إلى أن «هناك الكثير من الموضوعات ستوضح في زيارة الرئيس الحريري إلى دمشق».

إلى ذلك، أكد رئيس حزب الكتائب، أمين الجميل، موضوع زيارته سورية «غير وارد وغير مطروح الآن»، مضيفا: «نحن نطالب بأفضل العلاقات مع سورية عبر حل الموضوعات العالقة بين الدولتين». ووصف الاستنابات القضائية السورية بـ«الأمر المزعج»، معتبرا أنه كان لا بد لسورية أن تتعاطى بشكل أفضل مع هذا الموضوع.

واستغرب رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية»، سمير جعجع، مسألة «الاستنابات السورية وليس الاستنابات القضائية»، إذ إنه لا يوجد في سورية فصل بين السلطات، فالسلطة السياسية هي سلطة السلطات، متسائلا: «أين أصبحت أجواء الانفتاح والنوايا الطيبة باتجاه ترتيب العلاقات بين لبنان وسورية بعد عقود وعقود من علاقات غير طبيعية؟». وإذ ربط قضية الاستنابات بالزيارة المرتقبة لرئيس الحكومة سعد الحريري إلى سورية، اعتبر جعجع أن سورية إما أنها لا تُرحب بهذه الزيارة أو أنها تسعى إلى ذهاب رئيس حكومة لبنان «تحت الضغط»، مشيرا إلى أن الاحتمالين غير مقبولين بالنسبة إلينا، ومتمنيا أن يكون هذا الأمر مجرد غلطة وليس سياقا عاما ما زالت سورية تنتهجه إلى اليوم. وردا على سؤال، أكد جعجع أنه «لو كانت الأجواء السياسية بين سورية ولبنان مغايرة لما هو عليه في الوقت الحاضر لكنا من أوائل من قدم واجب التعزية باعتبار أن الموت حق وننحني جميعنا أمامه، ولكن في ظل هذه الأجواء غير الصحية وغير السليمة لا نستطيع القيام بهذا الواجب».

واعتبر بيار رفول، القيادي في التيار الوطني الحر، الذي يقوده النائب ميشال عون، أن الطريق ممهد لزيارة رئيس الحكومة، سعد الحريري، إلى سورية، مشيرا إلى أن الزيارة ستكون بالتأكيد ناجحة وتفتح المجال واسعا أمام مسار جديد من العلاقات اللبنانية والسورية، مؤكدا أن الزيارة يجب أن تكون بناء على دعوة رسمية لأن الحريري يزورها بصفته رئيس حكومة لبنان.. وعن العلاقة بين رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان والقيادة السورية نقل رفول عن القيادة السورية اعتبارها أن العلاقة ممتازة.

واستبعد المستشار الإعلامي لرئيس مجلس النواب، علي حمدان، وجود عوائق أما زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري إلى سورية، فيما أوضح مفوض الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي، رامي الريس، أن «رئيس اللقاء الديمقراطي، النائب وليد جنبلاط، أرسل برقية عزاء إلى الرئيس السوري، إلا أن الظروف غير مواتية حتى الساعة لكي يقوم النائب جنبلاط بزيارة إلى سورية، وكنا قد أكدنا أن أي زيارة لن تأتي قبل زيارة الحريري إلى دمشق». معتبرا أن «الاستنابات القضائية السورية لن تؤثر على مسار العلاقة بين لبنان وسورية».