حكومة إقليم كردستان تخصص مكافآت مالية ضخمة للمبلغين عن الفساد

بنسبة 5% عن كل حالة وبحد أقصى 100 مليون دينار

TT

في بادرة جدية تعد الأولى من نوعها من قبل حكومة الإقليم الجديدة برئاسة برهم صالح، أصدرت وزارة المالية تعليمات تقضي بتخصيص مكافآت مالية ضخمة للمبلغين عن وجود حالات الفساد في أجهزة الحكومة، مع ضمان سلامة المبلغ من حيث التكتم على اسمه وشخصيته.

وقال مصدر مقرب من حكومة الإقليم في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «إن هذه المبادرة تندرج في إطار سعي حكومة الإقليم برئاسة برهم صالح للوفاء بالوعود الانتخابية للقائمة الكردستانية، فقد احتلت مسألة الفساد أولويات القائمة باعتبارها التهديد الأخطر لاستمرارية الدعم الشعبي للحكومة بعد أن وصلت إلى وتيرة مخيفة شوهت سمعة تجربتنا الديمقراطية من جهة، وأضعفت ثقة الجماهير في الداخل بالحكومة المحلية، لذلك فإن هذه الخطوة التي ستليها خطوات أخرى من حيث محاسبة الفاسدين ستسهم لا ندعي بالقضاء المبرم على الفساد في الإقليم، إنما على الأقل التخفيف من وطأته في الظرف الراهن تمهيدا لإنهائه، فالعملية تحتاج إلى وقت أطول خصوصا وأن الحالة أصبحت منتشرة على نطاق واسع بدوائر الحكومة». وتقضي تعليمات وزارة المالية في حكومة إقليم كردستان في 16 ديسمبر (كانون الأول) الحالي «بصرف مكافأة مالية للمبلغين عن الخروقات المالية وبنسبة 5% من المبلغ الإجمالي لكل حالة وحتى 100 مليون دينار، والمبلغ عن مخالفات التزوير في المحررات الرسمية سيكافأ بمبلغ نصف مليون دينار». وأكدت التعليمات أن من يكشف المخالفات المالية والإدارية في دوائر الحكومة سيتم التكتم على اسمه وشخصيته، وحال تسلم المعلومات بهذا الشأن ستقوم لجنة مختصة بالتحقيق في الحالة ثم إحالة المخالف إلى المحاكم المختصة».

من جهته رحب رئيس لجنة النزاهة بالبرلمان الكردستاني الدكتور رفيق صابر بصدور تلك التعليمات، مشيرا إلى «أن القضاء المبرم على حالة الفساد المستشري في كردستان بحاجة إلى تعاون الجميع، خصوصا الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني».

وعندما سألته «الشرق الأوسط» عن أسباب تأخر اللجنة في أخذ زمام المبادرة بهذا المجال لاستباق التحرك البديل لحكومة الإقليم قال «اللجنة تشكلت حديثا، ولم تمر سوى أسابيع على تشكيلها، ونحن لا نستطيع التحرك من دون وجود قانون خاص بالنزاهة يحدد صلاحياتنا وسلطاتنا، وحكومة الإقليم أعدت مشروعا لقانون النزاهة، وهو مشروع جيد ننتظر إحالته إلى البرلمان لمناقشته ومن ثم إقراره، عندها ستكون لنا سلطة التحقيق والمحاسبة في حالات الفساد، ومع ذلك فنحن منذ البداية تحركنا على الدوائر المعنية بهذه المسألة، وزرنا ديوان الرقابة المالية في محافظتي أربيل والسليمانية، والتقينا بالمسؤولين في هيئة الادعاء العام، وكذلك بأعضاء مجلس الخدمة، وأيضا برئيس وأعضاء المحكمة الإدارية المشكلة حديثا وذلك بهدف التنسيق والتعاون المشترك بهذا المجال». وأضاف «القيادة السياسية الكردستانية مجمعة على استئصال شأفة هذا المرض الخبيث، ولكن لجنة النزاهة وحدها ليست قادرة على إنهائه، بإمكانها أن تشخص المرض، ولكن الأمر يحتاج إلى معالجات جذرية، لذلك نحن نسعى من الآن إلى ضمان دعم وتعاون جميع الأطراف، فعلى سبيل المثال رفع ديوان الرقابة المالية منذ السنوات الثماني المنصرمة أكثر من 2550 تقريرا عن وجود حالات فساد مالي في الإقليم، لكن 27% من هذا الرقم لم تكتمل تحقيقاتها بعد، لذلك فإن الموضوع كبير وبحاجة إلى متابعة جدية وتعاون جميع الأطراف، وهناك حاجة ملحة لنشر الوعي الجماهيري بهذا الخصوص، ويجب أن يقوم الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني بهذا الدور المهم في التوعية إسهاما منهما للقضاء على الفساد». ونوه رئيس لجنة النزاهة «أنه في الحالات المذكورة في تقارير لجان ديوان الرقابة المالية تمت محاسبة المتورطين في تلك المخالفات وأحيل البعض منهم إلى المحاكم».

وحول عدم الإعلان عن هذه المحاكمات، قال: جرت المحاسبة ولكن ديوان الرقابة المالية يقول إن هذه الأمور ليست للإعلام، وأن التقارير ترفع إلى رئاسة الوزراء». قاطعناه «هذا دليل على عدم وجود الشفافية؟». أجاب «صحيح، ولكننا طلبنا من ديوان الرقابة إرسال تقارير المخالفات التي يرصدها في المؤسسات الحكومية من الآن فصاعدا إلى لجنة النزاهة البرلمانية لتكون لها متابعاتها وتحقيقاتها، وعندها ستعلن اللجنة كل حالة في وقتها».