مسافرون شجعان على طائرة «دلتا» أفشلوا الخطة الإرهابية

عمر عبد المطلب والعلاقة مع متطرفين في اليمن

TT

أمس، قالت صحيفة «واشنطن بوست»: «على الرغم من مليارات الدولارات التي صرفت، منذ سنة 2001، على الأمن والاستخبارات ومراقبة الإرهابيين، وعلى الرغم من أجهزة متطورة جدا وضعت في المطارات، تصور الناس، وتصور ما يحملون وما يخفون، وعلى الرغم من قوائم إرهابيين أو مشكوك في إرهابهم أو لهم صلة بإرهابيين، نجح شيء بسيط في منع طائرة الرحلة 253 التابعة لشركة (نورث ويست إير لانيز) من أمستردام إلى مطار ديترويت (شمال الولايات المتحدة) من الانفجار يوم عطلة أعياد الميلاد: يقظة وشجاعة المسافرين وطاقم الطائرة».

قبل 8 سنوات، مع اقتراب أعياد الميلاد، حدث شيء يشبه هذا. حاول ريتشارد ريد، مسافر من لندن إلى نيويورك، إشعال نار في حذائه حيث كان أخفى متفجرات بلاستيكية، ولاحظ مسافرون تخبطه وتصرفاته الغريبة، وانقضوا عليه قبل أن يفجر الطائرة.

في حالة عبد المطلب، لاحظت مسافرة تصرفاته الغربية، وصرخت: «بحق السماء ماذا تفعل؟». وصرخت أخرى: «حريق!». وفي مقابلة مع تلفزيون «سي إن إن»، قال غاسبر شيرنغا، منتج أفلام هولندي، جلس في صف عبد المطلب نفسه: «لاحظت حريقا يشتعل، ومن دون تفكير كثير، أسرعت وقفزت فوق ثلاثة أو أربعة مقاعد، حتى وصلت إلى الشخص الذي تأكدت من أنه يريد إشعال حريق في الطائرة. نزعت منه شيئا مشتعلا، رميته على أرض الطائرة، وصرخت أطلب ماء، ثم رميته هو نفسه على أرض الطائرة».

أسرعت مضيفات بماء وبأجهزة إطفاء الحريق، وسيطر شيرنغا على عبد المطلب، وكتف يديه ببطانية صغيرة، وأخذه إلى مقاعد الدرجة الأولى.

في وقت لاحق، قال شيرنغا: «كان كل المسافرين يصرخون، لكن كان الرجل صامتا، وكأنه لم يفعل شيئا». وأضاف: «صدقوني، لا يفكر الإنسان كثيرا عندما يرى نفسه أمام شيء طارئ. عندما يسمع فرقعة داخل طائرة، يسارع باتخاذ ما يقدر عليه لإنقاذ نفسه وإنقاذ الطائرة».

ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» أن وثيقة إدانة عبد المطلب التي قدمها مكتب التحقيق الفيدرالي (إف بي آي) إلى المحكمة فيها شهادة من مسافر قال إن عبد المطلب ذهب إلى الحمام لمدة عشرين دقيقة قبل محاولة إشعال النار. وعندما عاد، قال للمسافر الذي كان إلى جواره إنه يعاني من ألم في الأمعاء، ويريد أن يغطي نفسه ببطانية. وبعد أن فعل ذلك، يبدو أنه بدأ يتحرك تحت البطانية، وفجأة اشتعلت النار، وبدأت أصوات المتفجرات.

وقال تقرير «إف بي آي» نفسه ورد أن عبد المطلب كان يحمل مادة «بي أي تي إن»، وهي مادة شديدة الاشتعال والانفجار. وأيضا، قال تقرير «إف بي آي» إن عبد المطلب غادر مطار مرتضي محمد في لاغوس في نيجيريا مساء يوم الخميس، على طائرة «كي إل إم» الهولندية. ووصل مطار أمستردام في هولندا صباح يوم الجمعة، وبعد ثلاث ساعات، استقل طائرة خطوط «دلتا» الأميركية إلى ديترويت في الولايات المتحدة. وكان في الطائرة 278 مسافرا بالإضافة إلى ثلاثة كباتن وثمانية مضيفين ومضيفات. وأضاف التقرير أن عبد المطلب كان حصل، قبل سنة، على تأشيرة دخول للولايات المتحدة من السفارة الأميركية في لندن. وأن مدة التأشيرة سنتان. لهذا، يعتبر أنه دخل الولايات المتحدة بطريقة قانونية. كما كان زار الولايات المتحدة قبل سنة، وقضى أياما في هيوستن في ولاية تكساس. ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» شهادة مسافر آخر هو ديفيد شلكي، خبير تكنولوجيا في شركة «فورد» للسيارات في ديترويت، وكان عائدا مع زوجته وابنهما من موسكو لقضاء الكريسماس في ديترويت، ثم العودة إلى موسكو. وكان يجلس على بعد صفين من عبد المطلب. وقال: «سمعت أصوات انفجارات وصراخ، ثم شاهدت لهب نار ودخانا. لم يتحرك الرجل أو يتكلم أو يصرخ. كان جالسا صامتا والنار حوله، والصراخ حوله. استغربت أنا كيف يفعل ذلك». ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» على لسان مضيفة هرعت إلى مقعد عبد المطلب، أنها سألته، بعد أن اعتقل: «ماذا كان في جيبك؟» وأجاب في هدوء: «متفجرات». وأمس، نشرت صحيفة «ذيس داي» التي تصدر في لاغوس في نيجيريا، معلومات عن خلفية عبد المطلب، جاء فيها أنه ابن رجل نيجيري ثري يعمل في البنوك، ودرس في مدرسة ثانوية بريطانية في لومي، عاصمة دولة توغو المجاورة، ثم سافر إلى بريطانيا حيث التحق بكلية لندن الجامعية (يو سي إل) لدراسة الهندسة الميكانيكية. وقالت الصحيفة إن عبد المطلب، وهو في المرحلة الثانوية، كان يكثر من الحديث عن الإسلام والمسلمين. وكان يدعو الطلبة والطالبات إلى التقيد بأخلاقيات الإسلام. في وقت لاحق، انتقل عبد المطلب إلى دبي، وأبلغ والده أنه لا يريد التواصل معه. وقال الوالد، الحاج عمرو عبد المطلب، الذي كان رئيسا لبنك «فيرست أوف نيجيريا» إن والدة ابنه أصلها من اليمن. وقال للصحيفة النيجيرية، شارلز انامان (26 سنة) صديق عبد المطلب، ويعيش الآن في غانا، إن عبد المطلب كان عاديا في المرحلة الثانوية، وكانا يسمعان الموسيقى ويلعبان كرة السلة. واستغرب الصديق أن عبد المطلب تورط في حادث ديترويت. وقال: «كان عمر الفاروق هادئا جدا». وقال تلفزيون «فوكس» صباح الأحد إن نجاح عبد المطلب في حمل متفجرات إلى داخل الطائرة، على الرغم من إجراءات الأمن المشددة، يوضح أن «هناك خللا أساسيا في هذه الإجراءات». وسأل التلفزيون: «كيف يحمل شخص متفجرات وحقنا وسوائل على الرغم من إجراءات الأمن والتفتيش؟» ونقلت القناة على لسان خبير في الأمن، وكان مسؤولا كبيرا في «وزارة أمن الوطن» أن مطار أمستردام في هولندا واحد من مطارات رئيسية تثير قلق المسؤولين عن أمن الطائرات، وذلك لأنه حلقة وصل تربط بين قارات كثيرة.

وأشار الخبير إلى أن مطار أمستردام، قبل سنتين، بدأ تجارب استعمال أجهزة إلكترونية متطورة لكشف أي متفجرات، سواء جمادية أو سائلة. استطاعت بعض هذه الأجهزة كشف أشياء مخبأة تحت ملابس مسافرين. واستطاعت أجهزة أخرى كشف أشياء مخبأة داخل أجسام مسافرين.

لكن، قال الخبير، إن هناك فقط عشرة أجهزة من هذا النوع في مطار فيه أكثر من 200 نقطة تفتيش، وإن أغلبية هذه النقاط تستعمل جهاز الكشف عن المعادن. وهذا هو الجهاز الذي يستعمل الآن في كثير من المطارات في العالم. وأضاف المسؤول أن جهاز الكشف عن المعادن يستعمل في أغلبية المطارات الأميركية أيضا. وأن مطارات أميركية قليلة تستعمل الجهاز الجديد، واسمه «مليمتر ويف تكنولوجي» (تكنولوجيا الكشف على موجات بالمليمترات)، وتختصره حروف «إم دبليو تي».

ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» على لسان مسؤول في مكتب التحقيق الفيدرالي (إف بي آي) أن عمر الفاروق عبد المطلب، الطالب النيجيري الذي يدرس في بريطانيا، الذي اعتقل في ديترويت أول من أمس، ووجهت له تهمة محاولة تفجير طائرة مسافرين، اعترف، بعد اعتقاله بأن له صلة بتنظيم القاعدة، وأنه اتصل برجل دين في اليمن عن طريق الإنترنت.

لكن مسؤول «إف بي آي» قال إنه لا يعتقد أن الرجل الديني هو أنور العولقي، الأميركي اليمني الذي يدير من اليمن موقعا إسلاميا متطرفا على الإنترنت، الذي اتصل به نضال حسن، الطبيب العسكري النفسي الأميركية الفلسطيني، الذي اعتقل في الشهر الماضي بتهمة قتل 13 عسكريا وجرح 33 عسكريا في مذبحة قاعدة «فورت هود» في ولاية تكساس.

وأمس، في واشنطن، أصدرت السفارة اليمنية بيانا قالت فيه إنها تنتظر معلومات لإثبات أن عبد المطلب كان اتصل مع متطرفين في اليمن، وعندما تحصل على هذه المعلومات، ستحقق في الموضوع.

وقالت صحيفة «واشنطن بوست»: «إذا ثبت أن عبد المطلب سافر إلى اليمن لمقابلة إسلاميين متطرفين، أو اتصل مع واحد منهم هناك، ستكون اليمن قاعدة إرهابية ربما لا تقل عن باكستان في مدي نفوذ تنظيم القاعدة فيها».