2009 نهاية عقد : 2009: تهويد القدس متواصل والفلسطينيون منشغلون في خلافات داخلية

خطة استراتيجية على جدول أبحاث إسرائيل: تهويد كل بقعة ممكنة في أقرب وقت وبلا تردد

صبي فلسطيني ينظر الى مجموعة من الشرطة الاسرائيلية في القدس (رويترز)
TT

إذا كانت حكومات إسرائيل السابقة قد نفذت بشكل منهجي عملية تهويد مدينة القدس الشرقية المحتلة بواسطة مشروعات الاستيطان من جهة وطرد المزيد من السكان الفلسطينيين من جهة أخرى، فإن حكومة اليمين المتطرف بقيادة بنيامين نتنياهو تضاعف هذه الجهود، وتسابق الزمن لفرض سياسة الأمر الواقع فيها. وإذا كانت الحكومة السابقة بقيادة إيهود أولمرت، قد نفذت مشروعات تهويد محسوبة، تأخذ في الاعتبار أنه لا يمكن أن يتحقق السلام دون أن تكون القدس عاصمة لدولة فلسطين، فإنها نفذت التهويد بالتركيز على الأحياء اليهودية الاستيطانية في المدينة التي تعد لها أن تكون جزءا من العاصمة الإسرائيلية، وحاولت التقليل من النشاط الاستيطاني في الأحياء العربية، فإن حكومة نتنياهو تعمل من خلال نظرة أخرى إلى مستقبل المدينة. وترمي إلى تحويل القدس عقبة أمام أية تسوية سلمية مستقبلية. ولذلك، فإنها خلال الشهور الأولى من حكمها في سنة 2009، عملت على تكثيف جنوني لمشروعات التهويد.

وفي لغة الأرقام نجد الصورة كما يلي: - وضعت بلدية القدس الغربية، التي تدير أيضا شؤون القدس الشرقية كجزء من سلطة الاحتلال، خطة بالتنسيق مع وزارة الداخلية، ترمي إلى بناء ما يسمى بالقدس الكبرى، التي تضم إضافة إلى القدس الغربية والشرقية كلا من المناطق التالية: مستوطنة معاليه أدوميم جنوب شرق القدس، وتكتل مستوطنات غوش عتصيون جنوب بيت لحم، ومستوطنة جبعات زئيف شمال غرب القدس، ومستوطنة بسجات زئيف شمال شرق القدس. ويأتي هذا المشروع لخدمة مشروع آخر سابق، يهدف إلى تخفيض نسبة الفلسطينيين في القدس، حيث يعتقدون أن ضم هذه المناطق على سكانها المستوطنين سيؤدي إلى انخفاض نسبة الفلسطينيين في المدينة، من 38% حاليا إلى 12%، ما يعني أنها مضمونة كبلدة ذات أكثرية يهودية إلى الأبد. - في إطار المشروع أعلاه، تخططان لبناء عدة أحياء استيطانية، منها: 700 وحدة سكنية في حي غيلو قرب مدينة بيت جالا، وحي استيطاني جديد قرب مطار قلنديا على حدود رام الله، وبناء 350 وحدة سكنية في حي هار حوماة على جبل أبو غنيم.

- إضافة إلى ذلك، تشجع الحكومة والبلدية بناء عمارات استيطانية في قلب عدد من الأحياء العربية، مثل: أحياء سلوان، وجبل الزيتون، ورأس العامود، والشيخ جراح، وكذلك في أحياء البلدة القديمة داخل الأسوار (الحي الإسلامي والحي المسيحي والحي الأرمني).

- صعّد وزير الداخلية إيلي يشاي زعيم حزب «شاس» لليهود الشرقيين المتدينين، من سياسته لتفريغ القدس من أكبر قدر من أهلها الفلسطينيين، ووقّع على أوامر لسحب بطاقات الهوية من نحو أربعة آلاف فلسطيني، مما يعني طردهم من بيوتهم وقدسهم ومنعهم من دخول المدينة حتى لزيارة الأهل.

- واصلت البلدية ووزارتا الداخلية والأمن الداخلي عمليات هدم البيوت العربية بحجة أنها بُنيت دون ترخيص، وتشرد جراء هذه السياسة 416 فلسطينيا.

كل هذه البرامج نُفذت خلال هذه السنة، علما بأن السنوات الماضية شهدت عمليات استيطان ومصادرة وتضييق يصعب إحصاؤها. يُذكر أن القدس الشرقية احتلت في عام 1967، ومنذ الأيام الأولى لاحتلالها، وتحديدا في العاشر من يونيو (حزيران) من تلك السنة، تم هدم الغالبية الساحقة من بيوت حي المغاربة المحاذي لأسوار القدس من الطرف الغربي بما في ذلك المسجد القائم فيه. وتمت العملية وسط غياب تام للإعلام، وحتى اليوم لم يُعرف كيف تمت وكم كان عدد ضحاياها. يشار إلى أن الجيش فقط هو الذي أمر أهالي الحي بمغادرة بيوتهم خلال ربع ساعة، فغادرها الغالبية ولكن هناك من لم يتمكن من المغادرة ودُفن تحت الأنقاض. ولم يُعرف عددهم أو هوياتهم. وفي السنة الماضية كشفت صحيفة «يروشاليم»، وهي صحيفة محلية تصدر في القدس الغربية بالعبرية باسم القدس، أن قائد القوات الإسرائيلية في وقتها ويُدعى إيتان بن موشيه، تجاوز حدود الأوامر التي أُعطيت له وهدم بيوتا غير تابعة لهذا الحي.

التهويد الأكبر حي المغاربة المذكور أعلاه هو الحي المجاور لحائط البراق، الذي يُعتبر اليوم أكثر الأمان قدسية لدى اليهود، ويسمونه حائط المبكى، حيث إن اليهود المتدينين يأتونه باكين بسبب ذنوبهم ومتضرعين إلى الله أن يسامحهم ويغرسون فيه أوراقا يكتبون فيها تمنياتهم. كما يسمونه الحائط الغربي لاعتقادهم أنه الحائط الغربي لهيكل سليمان، الذي نجا من الهدم عبر الحروب في التاريخ.

وجرى هدم الحي الفلسطيني بهدف توسيع الساحة المقابلة للحائط وإتاحة المجال لأكبر عدد من اليهود للصلاة فيه. ولكن الاحتلال الإسرائيلي لم يقصر أهدافه على توفير مكان للصلاة للرحمن، إنما استبد به الطمع وراح خلال الـ42 سنة الماضية يهوّد كل قطعة من المدينة يستطيع تهويدها.

فقد صادروا ما لا يقل عن 70 ألف دونم من الأراضي الواقعة داخل القدس أو في محيطها (من بلدات الضفة الغربية القريبة منها)، ومن 6.5 كيلومتر مربع كانت لها قبل الاحتلال أصبحت مساحتها اليوم 72 كيلومترا مربعا. ويسيطر الاحتلال اليوم على 86% منها.

ولم يكن في القسم الشرقي أي يهودي قبل الاحتلال، وراحوا يبنون الأحياء الاستيطانية ويغزون البيوت العربية حتى بلغ عدد البيوت اليهودية فيها 57 ألفا، قائمة في 15 مستوطنة بُنيت كأحياء يهودية في القدس، إضافة إلى البيوت المنتشرة في الأحياء الأخرى. يعيش في هذه البيوت حاليا 190 ألف مستوطن، علما بأن عدد سكانها الفلسطينيين وصل حاليا إلى 250 ألفا.

وفي البلدة القديمة بالذات، أي داخل الأسوار، يسيطر الاحتلال على نحو 40% من البيوت والمباني. وجرى تحويلها إلى بيوت يهودية أو حوانيت يهودية أو فنادق وغيرها من المرافق. فقد تمكنوا من شراء غالبية هذه البيوت، مباشرة من أصحابها الفلسطينيين أو من الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية. وقسم منها تم شراؤه بأساليب خداع أو بواسطة سماسرة فلسطينيين. وقسم منها سيطروا عليه بالقوة الاحتلالية العسكرية، كما حصل للحي اليهودي في البلدة، الذي غزوه في اليوم الأول للحرب عام 1967. القنوط العربي جرت عمليات التهويد المذكورة سنة بعد سنة ويوما بعد يوم، بل ساعة إثر ساعة، دون أن يواجه الإسرائيليون بعمل جدي لصدهم. ففي الوقت الذي رصد فيه اليهود نحو ملياري دولار لتمويل عمليات التهويد، دفعت من أموال المتبرعين اليهود في الخارج -كذلك في الداخل- إضافة إلى المبالغ التي صرفتها الحكومة الإسرائيلية من الخزينة، فإن مجموع الأموال العربية التي استثمرت لمواجهة التهويد لم تتجاوز 30 مليون دولار. وفي الوقت الذي تنشغل فيه المؤسسات الإسرائيلية واليهودية في إسرائيل والعالم بمسألة تهويد القدس، فإن الفلسطينيين منشغلون في صراعاتهم الداخلية وتمزقهم إرْبًا: غزة مقابل رام الله، حماس ضد فتح. وفي الآونة الأخيرة، خرج عضو الكنيست العربي الدكتور جمال زحالقة، رئيس التجمع الوطني الديمقراطي، بدعوة إلى الفصائل الفلسطينية أن تتحد فقط في القدس وتتفق فقط على موضوع محاربة تهويد القدس، لكن أحدا لم يكترث لدعوته.

وعقّب زحالقة على ذلك بقوله: «للأسف، كل دقيقة تمر على هذا النحو، تعطي قطعة أخرى من القدس هدية للاحتلال الإسرائيلي. وهذا الاحتلال ماض في عملياته لتهويد القدس وممارسة عملية تطهير عرقي فيها».

سبتمبر (أيلول):

> 24/9: مجلس الأمن الدولي وخلال جلسة طارئة ترأسها الرئيس الأميركي باراك أوباما يتبنى بالإجماع قرارا يدعو فيه إلى عالم خال من الأسلحة النووية.

> 25/9: رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت يمثل أمام المحكمة بتهمة الفساد وخيانة الأمانة.

> 27/9: إيران تقوم بمناورة عسكرية أطلقت خلالها ثلاثة صواريخ قصيرة المدى، بعد يومين من كشفها عن مفاعلها الثاني لتخصيب اليورانيوم في مدينة قم.