الكونغرس قلق من «التحريض» ضد الأميركيين ولبنان يدعو لموقف عربي يصون الحريات الإعلامية

قناتا «المنار» و«الأقصى» بين المحطات المستهدفة بعقوبات واشنطن

TT

يحضر لبنان لإطلاق تحرك إعلامي - سياسي خلال اجتماع مجلس وزراء الإعلام العرب في القاهرة تحت عنوان «حماية الحرية الإعلامية والسيادة الوطنية» لمواجهة مشروع القانون الذي أقره الكونغرس الأميركي، الذي يطلب من الرئيس باراك أوباما تقديم تقرير للكونغرس حول «التحريض على العنف ضد الأميركيين» في القنوات الفضائية في الشرق الأوسط وبفرض عقوبات على الأقمار الاصطناعية التي تنقل بثا لمحطات تلفزيونية تتهمها الولايات المتحدة بدعم الإرهاب والحض على العنف. ومن بين هذه المحطات قناة «المنار» التابعة لحزب الله وقناة «الأقصى» التابعة لحركة حماس.

وفيما أكد رئيس الجمهورية ميشال سليمان «حرص لبنان الدائم على الحريات الإعلامية ودفاعه عنها»، وأعطى توجيهاته إلى وزير الإعلام طارق متري لـ«متابعة هذه القضية بالطرق المناسبة وعبر القنوات الملائمة خصوصا خلال اجتماع وزراء الإعلام العرب الذي سينعقد في القاهرة في الرابع والعشرين من الشهر الحالي»، علمت «الشرق الأوسط» أن لبنان يعد خطة تحرك محلية وعربية لمواجهة القرار. وقال رئيس لجنة الاتصالات في البرلمان اللبناني النائب حسن فضل الله لـ«الشرق الأوسط»، إن خطوات عدة جرى بحثها في الاجتماعات المفتوحة التي تعقدها اللجنة منها استدعاء السفيرة الأميركية إلى وزارة الخارجية وإبلاغها الموقف اللبناني والطلب إلى سفير لبنان في واشنطن أيضا إبلاغ المسؤولين في إدارة أوباما خطورة هذا التشريع على «الحريات الإعلامية والسيادة الوطنية»، بالإضافة إلى احتمال توجيه رئيس البرلمان اللبناني رسالة إلى الكونغرس الأميركي بهذا المعنى.

وأكد فضل الله أن وزير الإعلام اللبناني سيذهب إلى القاهرة متسلحا بموقف لبناني يجمع على رفض هذا المشروع، محذرا من خطورته وسلبياته على الإعلام اللبناني والعربي. وأشار فضل الله إلى أن كل وسائل الإعلام العربية هي تحت التهديد لأن القرار سمى أربع محطات و«محطات أخرى» تاركا باب الاجتهاد مفتوحا، كما سمى كل الدول العربية ما عدا السودان كبلدان يجب مراقبة فضائياتها.

ووصف فضل الله موقف إدارة شركة «عربسات» للأقمار الاصطناعية بأنه «جيد جدا»، مشيرا إلى مذكرة بعثت بها «عربسات» إلى وزراء الخارجية العرب تقول فيها إن هذه القنوات التي تبث عبر أقمارها «تخضع للقوانين النافذة في البلاد التي تبث منها، وأن الشركة غير معنية بمعاقبة أي محطة على ما تبثه لأن في ذلك تعديا على السيادة الوطنية للبلدان المذكورة».

وحذر فضل الله من أن هذا القانون إذا أصبح نافذا «لا يمس الإعلام اللبناني فقط، بل كل الإعلام العربي» معتبرا أن خطورة هذا المشروع هو أنه «يهدد سيادة الدول على قنواتها الفضائية»، مشددا على أن الإعلام المستهدف «يعارض سياسة الإدارة الأميركية ولا يعارض الشعب الأميركي».

وكانت لجنة الإعلام والاتصالات عقدت جلسة أمس بحضور وزير الإعلام طارق متري، وممثلين عن وزارتي الخارجية والاتصالات وعن وسائل الإعلام اللبنانية. وقال النائب فضل الله: «إننا أمام قضية حريات وقضية سيادية ووطنية لا تخص وسائل الإعلام فقط، هناك دور محوري للبنان في الدفاع عن هذه الحريات سواء تعلق الأمر بحريات الإعلام في لبنان أو حريات الإعلام في العالم العربي». مشددا على ضرورة إثارة هذا الموضوع في كل المحافل المحلية والخارجية من أجل تشكيل قوة ضغط لرأي عام لبناني وعربي يواجه هذه المحاولة الأميركية الجديدة، لأن ما يقوم به الكونغرس الأميركي سيشكل، إذا طبق، اعتداء على الحريات وسيادة الدول. وفي هذا الإطار، جرى التأكيد أن الإعلام اللبناني يخضع للقوانين اللبنانية. هذه القوانين تميز بين الاعتراض السياسي والموقف السياسي، بين النقد والحض على العنف والكراهية، لأن قوانيننا اللبنانية تمنع الحض على الكراهية والعنف. وأشار فضل الله إلى أن اللجنة اطلعت من وزير الإعلام على التحرك الذي تقوم به الوزارة على المستوى الداخلي، وينطبق على هذا التحرك عنوان التحرك الرسمي اللبناني في مجلس الوزراء لدى رئيسي الجمهورية والحكومة. وقد أكد لنا وزير الإعلام أن هذا الموضوع سيكون موضوعا أساسيا من اهتمامات رئيس الجمهورية الذي سيقوم بالخطوات الضرورية واللازمة، وأيضا رئيس الحكومة مهتم بهذا الموضوع وسيتابعه شخصيا. وأن الموقف الرسمي اللبناني الذي اطلع عليه الوزير وأبلغه إلى اللجنة هو موقف اللجنة وموقف وسائل الإعلام. واطلعت اللجنة أيضا من وزارة الخارجية على مذكرة إدارة «عربسات» إلى وزراء الإعلام العرب لتتم مناقشتها في الاجتماع، وتؤكد فيها إدارة «عربسات» أن القانون الأميركي ليس ذا موضوع بالنسبة إليها لأن هذه الإدارة لا توافق على إلزامها مثل هذه القوانين، أي إن «عربسات» لا يمكن أن تخضع لمثل هذه القوانين لأنها تبث قنوات فضائية لدول تلتزم بقوانين دولية، وبالتالي لا سيادة للقانون الأميركي على هذه الفضائيات ولا «عربسات». وبذلك لا يمكن لـ«عربسات» أن توافق على معاقبة أي قناة فضائية عربية تبث عبرها لأن هذه القنوات مرخصة وتخضع لقوانين الدول التي تبث منها. وختم «إذا كانوا يهدفون إلى تحسين صورتهم أمام الرأي العام العربي، فأعتقد أن هذا القانون سيزيد من العدائية بين الشعوب العربية والولايات المتحدة الأميركية. هذا بالمجمل ما تمت مناقشته في لجنة الإعلام والاتصالات. على كل حال، هذا الموضوع قيد المتابعة ونحن سننتظر الخطوات الرسمية الحكومية التي وعدنا بها والتي أطلعنا عليها وزير الإعلام». وسئل: هل تتخوفون من حصول حصار للفضائيات من خلال الأقمار الاصطناعية؟ أجاب: حتى الآن موقف إدارات الأقمار الاصطناعية جيد، وموقف رافض لهذا القانون الأميركي، رافض لمعاقبة أي قناة فضائية تبث عبر هذه الأقمار. نحن نعرف أن إدارات هذه الأقمار تعرضت لضغوط ولا تزال، لكنها تحتاج أيضا إلى حصانة. هذه الحصانة يؤمنها الموقف الرسمي العربي والتحرك الإعلامي الذي تقوم به وسائل الإعلام. المذكرة التي اطلعنا عليها اليوم تؤكد أن إدارة «عربسات» ترفض حتى الآن مثل هذه الضغوط وتؤكد أنها غير معنية بهذا القانون.