مقتل 6 مدنيين وشرطي وإصابة 16 آخرين في اعتداء على مطرانية للأقباط بالصعيد عقب قداس الميلاد

الشرطة تتعقب مسجلا خطرا اتهمته بارتكاب الحادث

اقارب الأقباط المصابين في حادث نجع حمادي امام المستشفى العام بالمدينة أمس (أ.ب)
TT

خيمت أجواء الموت على احتفالات المسيحيين المصريين بعيد ميلاد السيد المسيح هذا العام، بعدما تعرض العشرات منهم في محافظة قنا بصعيد مصر لإطلاق نار عشوائي لدى خروجهم من مطرانية نجع حمادي، عقب حضورهم قداس العيد الليلة قبل الماضية. وأسفر الاعتداء عن مقتل سبعة أشخاص وإصابة 9 آخرين. وأصيب عقب تشييع الضحايا 15 آخرون في اشتباكات طائفية.

وعن ملابسات الحادث الدموي قال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إنه «لدى خروج المسيحيين من مطرانية نجع حمادي أطلق عليهم مسلحون يستقلون سيارة بلا لوحات النار بشكل مكثف، فقتلوا سبعة أشخاص بينهم رجل أمن مسلم، وأصابوا تسعة آخرين، بينما نجا الأنبا كيرلس أسقف نجع حمادي من الموت بأعجوبة عندما ألقى بنفسه على الأرض ليتفادى الرصاص المنهمر».

وقال الأنبا كيرلس إنه تلقى تهديدات على هاتفه الشخصي خلال الفترة الماضية، لها علاقة بحادث اغتصاب شاب قبطي لفتاة مسلمة قبل شهرين في قرية فرشوط القريبة من نجع حمادي، وهو ما دفعه لإنهاء القداس قبل ساعة من موعده، الليلة قبل الماضية.

ولم يستبعد كيرلس أن يكون إطلاق النار له علاقة بحادث فرشوط، وقال «عقب انتهاء القداس كنت أقف خارج الكنيسة أسلم على بعض الأشخاص عندما بدأ إطلاق النار فألقيت بنفسي على الأرض حتى توقف الرصاص، لأجد بعد ذلك جثث الضحايا السبعة ملقاة أمام الكنيسة».

وأعلنت الشرطة المصرية أنها تمكنت من تحديد هوية مرتكب الحادث، وتكثف جهودها حاليا لاعتقاله. وقال بيان وزارة الداخلية المصرية إن مرتكب الحادث هو محمد أحمد حسين وشهرته حمام الكموني، وله سوابق إجرامية، وهو ما شككت فيه مصادر كنسية، مؤكدة أن الحادث طائفي في الأساس وليس له أي أبعاد إجرامية.

وقال راعي كنيسة مار يوحنا بنجع حمادي القس بيمن بهيج لـ«الشرق الأوسط»: «ليس معقولا أن يحصد مسجل خطر كل هذه الأرواح من أجل السرقة أو لغرض جنائي.. إطلاق النار تركز على رجال الدين ثم طال، بشكل عشوائي، المسيحيين العائدين لبيوتهم من المطرانية عقب مشاركتهم في قداس عيد الميلاد». واستبعد بيمن بشدة وجود أياد قبطية وراء الحادث على خلفية خلافات بين الأنبا كيرلس وبعض رجال الكنيسة تسببت في محاكمة كنسية لكيرلس، وقال «نعم هناك خلافات، وأنا أول المختلفين مع الأنبا كيرلس، لكن من المستحيل أن تكون هناك أياد قبطية وراء الجريمة».

ولفت بهيج إلى أن الأنبا كيرلس أطلق تحذيرات عديدة عقب حادث اغتصاب فتاة مسلمة بفرشوط، من أن غضب المسلمين لم ينته، وطلب حماية أمنية، «لكن أحدا لم يستمع إليه». وكانت مواجهات قد اندلعت بين المسلمين والمسيحيين في منطقة فرشوط، منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إثر اتهام شاب قبطي بالاعتداء الجنسي على فتاة مسلمة.

وشيعت ظهر أمس جنازة المسيحيين الستة من كنيسة القديس ماريو حنا الحبيب بنجع حمادي، وسط إجراءات أمنية مشددة، لتندلع بعدها مواجهات في المدينة ظهرا، جراء تظاهر العشرات من المسحيين احتجاجا على الحادث، وأصيب خلالها 15 شخصا، واستخدمت قوات الأمن القنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي لفك الاشتباكات.

إلا أن اللواء محمود جوهر، مدير أمن قنا، قلل من تلك المصادمات ووصفها بأنها مهاترات تمت السيطرة عليها. وقال جوهر لـ«الشرق الأوسط» إنه «تم تشييع جثامين الضحايا والسيطرة على الأوضاع الأمنية»، إلا أن مصادر مستقلة أبلغت «الشرق الأوسط» أن نحو ألفي قبطي تظاهروا في المدينة عقب تشييع الجنازة، محطمين سيارات ومحال تجارية مملوكة لمسلمين.

وأشار إلى أن البحث ما زال جاريا عن المتهم الهارب، وقال «لن نستطيع أن نؤكد إذا كان هناك متهمون آخرون أم لا قبل القبض على المتهم الرئيسي.. وربما يكون له علاقة بحادث فرشوط».

من ناحية أخرى، ترأس البابا شنودة الثالث بابا الأقباط الأرثوذكس في مصر قداس عيد الميلاد الليلة قبل الماضية في الكاتدرائية المرقسية بالعباسية وسط حضور عدد كبير من الأقباط تجاوز الثلاثة آلاف شخص. ورافقت القداس إجراءات أمنية مشددة تضمنت المرور عبر بوابات كشف الأسلحة للدخول إلى الكاتدرائية، فيما انتشر رجال الأمن في المنطقة، ووقف أحد رجال الأمن بملابس مدنية بجوار مكان جلوس البابا.

وأوفد الرئيس المصري حسني مبارك مندوبا عنه لحضور القداس، كما حضره نجله جمال مبارك الأمين العام المساعد أمين السياسات بالحزب الوطني الديمقراطي (الحاكم) الذي قوبل بتصفيق حاد عند دخوله الكاتدرائية. ومثل الحكومة المصرية في القداس ثلاثة وزراء هم محمود محيي الدين وزير الاستثمار، وماجد جورج وزير الدولة لشؤون البيئة، واللواء عبد السلام المحجوب وزير التنمية المحلية، وممثلان لوزيري الدفاع والداخلية، وعدد من السفراء الأجانب المعتمدين لدى القاهرة، بينما غاب وزير المالية يوسف بطرس غالي.

وبدا البابا شنودة (85 عاما) في القداس متعبا، وظل جالسا معظم الوقت، وظهر الإرهاق على صوته وهو يلقي عظة العيد التي استمرت 12 دقيقة. وعقب انتهاء العظة صافح البابا عددا محدودا من كبار الحضور قبل أن يغادر قاعة متوكئا على مساعديه.