مدعو الصحافة

موفق النويصر

TT

استوقفني تصرف أحد المصورين الصحافيين في مباراة فريقي الفتح والاتفاق، خلال بطولة دوري «زين» الأسبوع الماضي، حينما خاشن مدافع الفتح مهاجم نادي الاتفاق.

المصور الذي أظهرته كاميرا التلفزيون، وقد اتخذ من خلف مرمى نادي الفتح موقعا له، بدلا من أن يتفرغ لتصوير المخاشنة التي حدثت أمامه على بعد مترين، لتقديمها لقراء صحيفته في اليوم التالي، انشغل بتوجيه اللوم والتقريع للمدافع الفتحاوي الذي تسبب في إعاقة مهاجم فريقه.

حال هذا المصور «البائس» لا يختلف كثيرا عن بعض المنتسبين إلى الوسط الرياضي، ممن ابتليت بهم صحفنا المحلية، ودخلوا هذه المهنة من بابها الخلفي، خصوصا أولئك الذين لا يتورعون عن وضع أسمائهم على البيانات الصادرة عن المراكز الإعلامية للأندية، أو الذين لا يخجلون من «سرقة» موضوعات زملائهم في الصحف الأخرى ونشرها بأسمائهم في صحفهم، أو من لا يكلفون أنفسهم عناء الذهاب إلى الملاعب لنقل وقائع المباريات الموكلة إليهم تغطيتها، ويستعيضون عن ذلك بنقل ما يصرح به اللاعبون والإداريون للقنوات الفضائية إلى صحفهم في اليوم التالي.

الأدهى من هؤلاء، نجد أولئك الذين لا يظهرون في البرامج الرياضية بصفتهم الصحافية، بل بسبب انتماءاتهم الكروية، حيث باتت بعض الفضائيات الخليجية تقتات على ظهورهم لديها لهذا الغرض.

الغريب أن هؤلاء لا يخجلون من المجاهرة صراحة بانتماءاتهم الرياضية في كل محفل، وكأنهم ناطقون رسميون بأسماء أنديتهم.

آخرون لا يرون في الحياد سوى النصف الفارغ من الكوب، فيهاجمون الأندية التي ينتمون إليها، كسبا للاستضافة في لقاءات تلفزيونية، أو تخصيص مساحات لهم في برامج رياضية.

ولا يفوقهم سوءا سوى أولئك الذين يختصرون الأندية الرياضية في هيئة أشخاص محددين، فيصبح هؤلاء الأشخاص هم الأندية، والأندية هي الأشخاص، وبالتالي يصبح المساس بهم مساسا بالكيان.

قد يقول قائل إن الصحافي الرياضي بلا ميول لن يجد لنفسه مكانا في هذا المضمار، وأنا أؤكد على ذلك، ولكن هناك فرقا شاسعا بين الإعلامي «المحترف»، الذي يوظف انتماءه الرياضي لخدمة الحركة الرياضية، والآخر «المشجع» الذي لا يتوانى عن توجيه أبشع الألفاظ لمخالفيه أو لحكم مباراة فريقه، فقط لأنه احتسب عليه هدفا مشكوكا في صحته، أو حرمه من ضربة جزاء، سواء كان ذلك أمام كاميرا التلفزيون أو عبر الصحف.

وللأسف، فقد امتلأت صحفنا وفضائياتنا بهؤلاء «المشجعين» ممن تتغير مواقفهم وأحكامهم بتغير الأحداث والأشخاص والأزمان، ويكفي رصد ما تخطه أيديهم أو تلفظه أفواههم، لفترة ليست بالطويلة، لنرى حجم التناقض الذي يعتري ما يطرحونه.

لست هنا أطالب باختفاء صحافة الأندية؛ لاعتقادي أنها مهمة جدا لحشد الجماهير خلف الأندية التي تنتمي إليها، وكذلك لتطور اللعبة التي لن تتقدم من دون جماهير، ولكني ضد من يتخذون هذه المهنة وسيلة لتحقيق أمجادهم الشخصية، خصوصا ممن لا يملكون المقومات اللازمة للنهوض بها، فيلجأون للإثارة المصطنعة، القائمة على افتعال المعارك الصحافية المتفق عليها مع الخصوم «المفترضين»، خلال اجتماعاتهم في المقاهي والاستراحات، وصولا إلى الانتشار والجماهيرية التي ترضي غرورهم وتجمع من حولهم المريدين.

ولعلني أجد في هذه المناسبة الفرصة لتنبيه القائمين على البرامج الرياضية في الفضائيات الخليجية، التي تسعى خلف المشاهد السعودي، إلى أن تنتقي ضيوفها جيدا أثناء تحضيرها أي حلقة، والتأكد من هوية المتداخلين معها هاتفيا، خصوصا أولئك الذين يعرفون عن أنفسهم بأنهم صحافيون ينتمون إلى مطبوعات عريقة، لا تقبل أن يكون من بين العاملين لديها أمثالهم.

[email protected]