مؤسس حركة الإصلاح: إذا استجاب النظام لبعض مطالبنا سيتغير المشهد السياسي جذريا

عبد الكريم سروش في مقابلة تنشرها «الشرق الأوسط»: نعمل لوضع «نظرية» للحركة الخضراء.. ونجاد لن يستطيع محونا

TT

أصدر خمس من الشخصيات البارزة بحركة الإصلاح الإيرانية بيانا من 10 نقاط، يوم الأحد الماضي، يدعون فيه إلى استقالة الرئيس محمود أحمدي نجاد، والحد من سيطرة رجال الدين على نظام الاقتراع واختيار المرشحين.

ومن بين الموقعين على البيان عبد الكريم سروش، وهو مؤسس حركة الإصلاح الأكاديمي. وفي مقابلة معه تنشرها «الشرق الأوسط»، تحدث سروش عن ملابسات ذلك البيان الذي يدعو إلى الاعتراف بالجماعات السياسية، والطلابية، وغير الحكومية، وجماعات المرأة، واتحادات العمال، كما دعا إلى تحرير وسائل الإعلام، واستقلال النظام القضائي بما في ذلك إجراء انتخابات عامة لاختيار رئيس القضاة. وقال سروش إن الحركة الخضراء قدمت عشرة مطالب، إذا تمت الاستجابة لبعضها سيتغير المشهد السياسي بأكمله.

ومن بين الموقعين على البيان - كل الإيرانيين الذين يعيشون خارج البلاد وقعوا عليه - عضو البرلمان السابق محسن كديور، ووزير الإرشاد الإسلامي السابق عطاء الله مهاجراني، والمحقق الصحافي أكبر كنجي، والمفكر الإسلامي بازراغان ابن رئيس الوزراء السابق.

* لماذا قررتم إصدار البيان في الوقت الراهن؟

- إننا في الشهر السابع لظهور الحركة الخضراء، وكنت أراقب وأصدقائي الأحداث عن كثب، كما كنت أتواصل على نحو دائم مع بعض الأصدقاء في إيران. وبعد الاحتجاجات التي وقعت في احتفالات عاشوراء في 27 ديسمبر (كانون الأول)، اتضح لنا أن اللحظة الراهنة قد أصبحت نقطة تحول، حيث قرر النظام أن يقمع الحركة الخضراء. فعلى سبيل المثال قتل ذلك النظام أحد المحتجين، وهو ما مثل رسالة قاسية للغاية بالنسبة لكل المتظاهرين والمدافعين عن الحركة الخضراء أو مؤيديها، مفادها أننا سوف نضرب بقسوة على يد تلك الحركة.

ومن جهة أخرى، كان أصدقاؤنا يسألوننا دائما على المستوى الشخصي: ما هي المطالب الحقيقية للحركة الخضراء، لأن الحركة الخضراء ظهرت فجأة على الساحة السياسية؟ فلم يكن هناك تخطيط مسبق لتلك الحركة، فقد كانت الانتخابات هي نقطة البداية، ثم أخذت الحركة تتطور منذ ذلك الوقت. وأثناء تطور تلك الحركة اتضحت بعض المطالب، ولكن لم يكن هناك ما يشير إلى ما يدور في عقول زعماء تلك الحركة.

وقد فكر خمستنا في أنه نظرا للعلاقة الوثيقة التي تربطنا بقيادات الحركة مثل مير حسين موسوي، ومهدي كروبي، ومحمد خاتمي، ونظرا لأننا نعرف مطالبهم جيدا، فإنه يجب علينا البدء في إعداد بيان أو تصريح حول أهداف الحركة الخضراء.

وبالتالي، بدأنا إعداد تلك المسودة بالفعل، ثم أصدر موسوي تصريحه الشهير (عن أنه سوف يموت في سبيل الحركة إذا اقتضى الأمر) في الأول من يناير (كانون الثاني). ونظرا لأننا نعيش خارج البلاد، فنحن لا نخشى الحكومة، ولأننا نعرف ما الذي يدور في عقول الناس فقد قررنا أن ننشر تصريحنا لكي نوضح نوايا موسوي وأهداف الحركة الخضراء في الوقت نفسه.

* هل يعكس ذلك البيان آراء القيادة فقط، أم أنه يعكس آراء قطاع أوسع من مؤيدي الحركة؟

- هذه الحركة تعددية؛ تشتمل على كل الأطياف، حيث تضم مؤمنين، وغير مؤمنين، واشتراكيين، وليبراليين. وقد اتفقنا على النقاط الرئيسية المشتركة بيننا جميعا، ونحن ندرك تماما أن هناك الكثير من المطالب الأخرى التي ربما يتجاوز عددها ما أعلنا عنه بالفعل. وربما تطالب الحركة في المرحلة المقبلة بتنقيح الدستور، ولكننا في الوقت الراهن ملتزمون بإطار الدستور الحالي وحريصون على عدم تجاوز تلك الحدود.

وكان من بين الاقتراحات التي قدمناها على هامش مطالبنا الأساسية الاقتراح بأن يتم انتخاب رئيس جهاز القضاء بدلا من أن يقوم المرشد الأعلى بتعيينه، حيث اقترحت أنه إذا ما كنا سوف نطالب بتعديلات دستورية فيجب أن يأتي رأس النظام القضائي أولا عن طريق الانتخاب.

* ما الفارق الذي سيصنعه ذلك البيان؟

- سوف يجعل ذلك البيان الأهداف سواء قصيرة المدى أو بعيدة المدى أكثر وضوحا وتحديدا، ونحن نحتاج في هذه المرحلة إلى ذلك. فقد كنت أقول منذ سنوات بعيدة إن الثورة تفتقر إلى النظرية؛ فقد كانت مجرد حركة ضد الشاه - وبالتالي كانت وراءها نظرية سلبية وليست إيجابية. وأعتقد أنه يجب يكون لأي حركة أخرى في البلاد إطار نظري تستند إليه. فيجب أن يحدد الناس ما الذي يريدونه وليس فقط الذي يرفضونه. وبالتالي فنحن نحاول - بطريقة معتدلة - أن نضع إطارا نظرية لتلك الحركة؛ فتحديد الأهداف قصيرة المدى أو بعيدة المدى يعتمد على الأسس النظرية التي قامت عليها الحركة، ونحن لدينا نظرية حول الحرية. وبالرغم من أننا لم نضع تلك النظرية ضمن النقاط المتضمنة في ذلك البيان فإنها كامنة في كل نقاطه؛ حيث ستظل هذه الرؤية خفية على العين المسلحة أي عين النظام.

* ما التالي بالنسبة للحركة الخضراء؟

- لا أحد يعرف. فهناك الكثير ممن ينادون بأن يسلم زعماء الحركة الخضراء أنفسهم إلى المرشد الأعلى، ولكن ذلك لن يحدث. فيجب أن يستعد أولا كلا الجانبين لمفاوضات جدية. وهو ما يمكن أن يحدث في المرحلة المقبلة، فربما يتدخل الرئيس السابق أكبر هاشمي رافسنجاني لإجراء مفاوضات للمصالحة الوطنية.

* هل يمكن أن يقمع النظام الحركة الخضراء بالقدر الذي يقضي عليها تماما؟

- لا أعتقد ذلك. لأن الحركة الخضراء هي نتاج لحركة إصلاحية تم قمعها قبل ذلك؛ فقد بذل أحمدي نجاد أقصى جهد له لكي يقضي على كل أنواع الحركات الإصلاحية ولكي يبدأ عهدا جديدا، لكنه لم ينجح في ذلك، وظهرت لدينا الحركة الخضراء التي تعد نتاجا للحركة الإصلاحية.

أتمنى أن تدرك الحكومة أنه يجب عليها التفاوض مع الحركة الخضراء، وأنه يجب عليها التنازل عن بعض الأشياء لكي تنجح تلك المفاوضات. وأتمنى ألا تلجأ إلى العنف الذي يمكن أن يضر بالحركة الخضراء والبلاد على حد سواء.

* هل سيكون الجيل الجديد من الإصلاحيين راضيا عن التوصل إلى تسوية؟

- لكلمة تسوية دلالة سلبية. ولكننا إذا تمكنا من تحقيق أحد مطالبنا التي أعلنا عنها مثل حرية الصحافة سيكون ذلك كافيا لتغيير المشهد السياسي تغييرا جذريا وتغيير المناخ العام في البلاد. فإذا ما قبل النظام أحد مطالبنا العشرة - وليس جميعها - سيعمل ذلك على تثوير البلاد بأسرها. وربما يعمل إطلاق سراح السجناء (حيث إن هناك الكثير من الأشخاص الأكفاء في السجون) على تثوير المناخ العام.

* خدمة «غلوبال فيوبوينت» خاص بـ«الشرق الأوسط»